الصفقة

الصفقة

الصفقة

 السعودية اليوم -

الصفقة

عمرو الشوبكي

أسوأ مسار سياسى يمكن أن يشهده بلد من البلدان هو الذى يقوم على الصفقات والترتيبات المخفية، فهناك فارق كبير بين التفاهمات السياسية والصفقات التى تُرتب تحت وطأة الأزمات دون امتلاك رؤية استراتيجية علنية تحكمها قواعد دستورية وقانونية محددة.

وقد أثار البعض موضوع الصفقة عقب عفو الرئيس عن مجموعة من شباب الإخوان، وحديث جهات عربية عن مساع لحركة النهضة التونسية لدى السعودية من أجل التوسط لدى مصر لكى تقبل المصالحة مع الإخوان.

والحقيقة أن طبيعة النظام المصرى الجديد بعيدة عن فكر الصفقة، وفى نفس الوقت بعيدة عن الحلول السياسية وهو وضع قد يدفعنا فى المستقبل المنظور للقبول بصفقة نتيجة واقع اضطرارى وليس بالضرورة خيارا مبدئيا.

والحقيقة أن تجارب مصر المعاصرة كانت تدل دائما على أن التحولات التى شهدها نظامنا السياسى كانت دائما بسبب عداوات داخل النظام وليس نجاحات من خارجه، فالرئيس السادات غيّر توجهات النظام الاشتراكى فى عهد عبدالناصر إلى النظام الرأسمالى، وانتقل بالبلاد من نظام الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية، ثم أفرج عن الإخوان المسلمين ليواجه بهم الناصريين الذين كان جزءا من نظامهم.

خرج الإخوان من السجون فى بداية عهد السادات وفق نظرية الصفقة وانقلبوا عليه فى نهاية عهدة بعد فشل الصفقة، وجاء مبارك ورتب نظامه صفقات صغيرة مع الإخوان فى كل انتخابات نقابية أو تشريعية غير مزورة من نقل مساجين أو بعض الترتيبات النقابية المحدودة.

وجاءت ثورة يناير ثم ثورة 30 يونيو وسقط مبارك ثم الإخوان، ودخلت الدولة فى مواجهة عنيفة مع الجماعة وسالت دماء كثيرة وتعمق الاحتقان السياسى والمجتمعى الذى يتحمل الإخوان مسؤوليته الأكبر سواء بممارستهم أو تحريضهم على العنف أو اعتمادهم خطاب الانتقام من الدولة والمجتمع معا، فى المقابل واجه الحكم الإخوان بالخيار الأمنى واعتبره، ولو عمليا، هو الطريق الوحيد لاستئصالهم من المجتمع والحياة السياسية، صحيح أن فكرة الاستئصال، أو بالأحرى تهميش تيارات متطرفة، حدثت فى مجتمعات كثيرة، لكنها لم تتم فى تجربة نجاح واحدة بالإجراءات الأمنية فقط.

والحقيقة أن غياب أى مشروع سياسى للتعامل مع تيارات الإسلام السياسى بشكل عام، والإخوان المسلمين بشكل خاص، يفتح الباب ولو من الناحية النظرية أمام سيناريو الصفقة لا الحل السياسى.

المطلوب هو امتلاك رؤية تقوم على مواجهة أمنية صارمة ضد كل من يمارس العنف أو يحرّض عليه، ومواجهة فكرية وسياسية مع تنظيم الإخوان بغرض تفكيك مقولاته العقائدية والسياسية وحصارها وكشف التناقضات الموجودة بداخلها، وفتح الباب أمام أنصار الجماعة أو المتعاطفين معها للدخول فى العملية السياسية المجمدة، وتحويل جزء منهم من محبطين وشامتين فى أزمات البلاد إلى معارضين سلميين.

قرار العفو الرئاسى عن معتقلى الإخوان ميّز بين الإرهابيين وممارسى العنف، ونوعية من المعارضين الإخوان أفرج عنهم، وهو سيفرض على النظام السياسى تحدى صياغة رؤية متكاملة من أجل تفكيك مشروع الجماعة بعد 85 عاما من البقاء لا تكتفى بسياسة الاعتقال أو العفو، ويفتح الباب أمام ظهور مشاريع سياسية أخرى مرتبطة حضارياً بالإسلام (ومدنية) وتحدث قطيعة فكرية وسياسية مع تجربة الإخوان.

وما لم يكن هناك مشروع سياسى يواجه المعارضين من المتعاطفين مع الإخوان فسيفاجأ المهللون والمطبلون والمحرضون أن هؤلاء المعارضين يأخذون كل يوم أرضاً ومساحة جديدة تجعل الصفقة واقعاً، وليس الحل السياسى الذى يقصى الخارجين على القانون ويراهن على أجيال جديدة تتجاوز الفكرة الإخوانية وتؤمن بما يؤمن به أغلب المصريين من قيم وقوانين وتلتزم به.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصفقة الصفقة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab