قصص «النهر الراجف» 2 2

قصص «النهر الراجف» (2 -2)

قصص «النهر الراجف» (2 -2)

 السعودية اليوم -

قصص «النهر الراجف» 2 2

عمار علي حسن

تتكون مجموعة «النهر الراجف» لعزة كامل من خمس عشرة قصة تتراوح بين واقعية فجة وخيال باذخ وفياض، بما ساهم إلى حد بعيد فى جبر ضرر الصورة النمطية العامة للمرأة والرجل فى القصص كافة، يضاف إلى هذا لغة ثرية عميقة، وإيقاع سريع، وصور جمالية مرسومة بعناية بفعل البراعة فى الوصف والرسم والتصوير، وكأن الكاتبة تمتلك عدسة سينمائية مدربة، وهى مسألة ربما اكتسبتها من خبرتها الذاتية كرئيس للجنة تحكيم فى الجائزة الخاصة بأفضل فيلم عن المرأة فى مهرجان الإسماعيلية السينمائى لأربع سنوات متتالية، ورئيس لجنة تحكيم الأفلام الأجنبية فى مهرجان مسقط الدولى لسنة 2008.

وهذا القاموس اللغوى الثرى للكاتبة، بقدر ما هو مزية من دون شك، نظراً لأن الأدب فى النهاية هو «تشكيل جمالى للغة» فقد كان فى بعض الأحيان عبئاً على الحوار، حيث تساوت الشخصيات فى التعبير عن نفسها رغم تفاوت ثقافتها ومعارفها. وهذا لا يعنى بالضرورة الاضطرار إلى استخدام اللغة العامية، إنما يعنى أن تكون مفردات الفصحى التى يستعملها خادم أو فران أو نجار مختلفة عن تلك التى يستعملها أستاذ جامعى أو قاض مثلاً، وقد أفاض من قبل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويحيى حقى فى الكلام عما سماها «اللغة الثالثة» التى تبدو عامية، بينما هى من صميم الفصحى.

والعناية الفائقة باللغة ورسم الصور الجاذبة ألقى بظلال ثقيلة على تلقائية الحكى، فانساقت الكاتبة فى مواضع كثيرة وراء شغفها بالمفردات والصور مما خلق أحياناً استطرادات غير مبررة ولا تضيف إلى خيط الحكايات، كما بدت ممسكة برقبة شخصياتها تحركها كيفما شاءت، وكأننا فى مسرح للعرائس، وإن كان هذا قد أتاح لها أن تغوص عميقاً فى نفسيات شخصياتها وتفهم دواخلها جيداً وهى تدفعها بإحكام نحو نهايات مفتوحة، عبر راوٍ عليم لا يكف عن إقحام نفسه فى مسار الأحداث.

كما أتاح القاموس الثرى والقدرة على صناعة الصورة المفارقة أن يتسم السرد بشاعرية ظاهرة من قبيل: «ينسكب النوم من عينيها»، و«ترجل حلمها وسكن الفراغ»، و«تورد غضباً» و«وجوه مطموسة كأن ملامحها قد غادرتها للتو»، و«أوار المحبة» و«كانت تجلو عن القلوب صدأ الذنوب» و«الدنيا كأنها جسر تثقل عليه الحسنات والذنوب»، وغير ذلك فى كل القصص.

وفضلاً عن العنوان الغامض للمجموعة، فإن قصصها موشاة بسحر الغموض، مثل: «شبح البحيرة»، و«أجراس وصياح»، و«فرس الليل»، و«شراشف بيضاء»، و«كئوس الشغف الأزرق»، و«ورقة مطوية»، و«فوق التلال المضطربة وريقات تتساقط فى صمت»، و«قلب هارب من النار»، وهكذا، لكن هذه العناوين تمثل فى كل الأحوال إما البؤر المركزية للقصص، أو ما تعتقد الكاتبة أنه الكلمات الدالة على مضمونها، أو المداخل الجاذبة للقراء.

تضع عزة كامل بـ«النهر الراجف» لبنة جديدة فى مسار أدبى بدأته بمجموعة «حرير التراب»، التى تنتمى قصصها أيضاً لهذا العالم المتنوع المتراوح بين الواقعى والغرائبى، لتنتصر دوماً للمهمشين والمستبعدين والمهجورين والمقهورين فى مجتمعنا العربى، وترسم جوانب من ملامح حياة زاخرة بالبشر الساعين إلى القوت والحرية والحب والذين يغرسون أقدامهم فى طين الأرض ويرفعون هامتهم ليطلقوا العنان لخيالهم يأخذهم إلى حيث شاء.

 

 

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصص «النهر الراجف» 2 2 قصص «النهر الراجف» 2 2



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab