المجتمع المعاق

المجتمع المعاق

المجتمع المعاق

 السعودية اليوم -

المجتمع المعاق

عمار علي حسن

يوجد بيننا بشر من ذوى الاحتياجات الخاصة، هم أولئك الذين يعانون إعاقات ذهنية أو نفسية أو جسدية جسيمة، وإذا شددنا الخيط إلى الآخر، فسنجد أمامنا «مجتمعات ذات احتياجات خاصة» بفعل الظلم والإقصاء والإهمال والتهميش الطويل والمزمن، سواء كان هذا متعمداً لأسباب عديدة، أو من غير قصد، لكن بفعل تخبط السياسات وغياب عدالة توزيع الاستثمارات وثمار التنمية بشكل عام.

وهذه المجتمعات مُورِس ضدها الإقصاء الاجتماعى والاقتصادى والسياسى والثقافى لزمن طويل، بحيث تخلفت عن بقية شرائح المجتمع داخل الدولة الواحدة، حيث الحرمان من فرص التمتع بخدمات المرافق الاجتماعية والثقافية والفنية والترويحية وصعوبة الانتقال خارج الأحياء التى تقطنها، والانفصال عن البنية الاقتصادية العامة للمجتمع من زاوية الإنتاج والاستهلاك، وانعدام أو قلة فرص العمل المتاحة، وتضاؤل إمكانية الحصول على القروض والتسهيلات إلى جانب التشرد والافتقار إلى سكن دائم، وقد يترافق هذا مع الإبعاد عن المشاركة فى الأنشطة السياسية سواء الانتخابات أم الاجتماعات والمؤتمرات والمسيرات الجماعية، ويزداد الأمر سوءاً إن كان المجتمع نفسه غير ديمقراطى، ليجد أفراد هذا المجتمع المهمش أنفسهم يدورون فى دائرة مفرغة، وينعزلون بالتتابع عن التيارات الرئيسية التى تحمل هموم الجماعة الوطنية ومطالبها، وتبلور توقعاتها وتطلعاتها واحتياجاتها.

كثير من هذه المظاهر السلبية تنطبق على سيناء المصرية التى تبلغ مساحتها ما يقرب من مساحتى بلجيكا وهولندا مجتمعتين، وشكلت على مدار التاريخ بوابة أساسية لمصر، من ناحية الشمال الشرقى، ولسكانها خصائص وسمات اجتماعية وثقافية ونفسية مختلفة، وبالتالى يحتاجون، مثل سائر سكان أطراف مصر فى الغرب والجنوب، معاملة من السلطة السياسية تراعى تقاليدهم وأعرافهم واحتياجاتهم الخاصة وتعوضهم عن حرمانهم الطويل، جنباً إلى جنب مع أنماط التعامل التى يلقاها المواطنون كافة فى شتى أنحاء الدولة، بغض النظر عن الاختلافات الدينية والطبقية والجهوية والعرقية والثقافية والإنتاجية.

فبعد تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلى، لم يراع نظام مبارك ما تحتاجه، ولم يبذل الجهد المطلوب أو يتخذ التدابير اللازمة فى سبيل صهر أهلها ودمجهم فى جسد الوطن من دون الإتيان على خصوصياتهم، بل حدث العكس، إذ ترك ملف سيناء لأجهزة الأمن، لا سيما بعد ظهور جماعات دينية متطرفة، على رأسها «التوحيد والجهاد» ارتكبت أعمالاً إرهابية فى طابا وشرم الشيخ ودهب على التوالى. وتعاملت هذه الأجهزة مع السكان كافة، أو أغلبهم، على أنهم خارجون على القانون، إما بالانضمام إلى تنظيمات إرهابية أو ارتكاب جرائم الاتجار بالمخدرات والسلاح وتهريب الأفارقة إلى إسرائيل، وتهريب البضائع والوقود إلى غزة عبر الأنفاق.

ولم يكن التحرك السياسى يطبب الجراح الغائرة فى نفوس السيناويين والتى صنعها الأمن، بل أخفق بشكل فادح وفاضح فى تحقيق هذا، إذ أهملت السلطة شيوخ القبائل وعواقلها من مسموعى الكلمة فى مجتمعهم وصاحبى الصيت الطيب والقدرة على التحكم فى مقاليد الأمور وراحت تتعامل مع مسئولى «الحزب الوطنى» الحاكم من أبناء القبائل، وهؤلاء كانوا غالباً من اختيار أجهزة الأمن، وليس لهم نفوذ بين ذويهم.

وعلى التوازى وضع ملف إعمار سيناء حبيس الأدراج، فلم ينقل إليها من الوادى السكان الكافين لتعميرها وفق المشروع الذى كان مطروحاً فى أواخر حكم السادات، ولم تشيد الدولة جامعات لتعليم أبناء القبائل، والجامعة الوحيدة الموجودة فى العريش هى لرجل الأعمال د. حسن راتب، ولم تقم مصانع عملاقة لاستغلال ثروات سيناء وتشغيل أبنائها، وحتى المنتجعات السياحية التى أقيمت فى الجنوب على الشاطئ الشرقى لخليج السويس والغربى لخليج العقبة لم يشغل فيها البدو إلا الأعمال الهامشية، مثل السفارى وتأجير المساكن، ولم تبذل الدولة ما عليها من جهد فى سبيل تأهيلهم لمثل هذه الأعمال، كما لم تتخذ من الإجراءات ما يعزز انصهارهم سواء من خلال الجيش أو المؤسسات البيروقراطية والسياسية والأنشطة الرياضية والثقافية. وفى الوقت ذاته لم يقم المجتمع المدنى بما عليه حيال أهالى سيناء، مركزاً جهده فى العاصمة وما حولها، ليبقى المجتمع السيناوى على حاله، ذا احتياجات خاصة.

 

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمع المعاق المجتمع المعاق



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab