الغيطاني والعودة إلى الجذور 12

"الغيطاني" والعودة إلى الجذور "1-2"

"الغيطاني" والعودة إلى الجذور "1-2"

 السعودية اليوم -

الغيطاني والعودة إلى الجذور 12

عمار علي حسن

أكثر ما يلفت الانتباه فى المنتج الأدبى للأستاذ جمال الغيطانى، الذى غادر دنيانا قبل أيام، هو ولعه الشديد بالتراث، مصرياً كان أم عربياً، والتفاعل معه بـ«تتيّم» واقتناع كاملين، سواء كان اقتطافاً أو تناصاً أو حتى تأثراً بناسه وطقوسهم، ولغته وتراكيبها، وطرائقه فى السرد وخصوصيتها.

فرغم أن «الغيطانى» شأنه شأن أبناء جيله، ومن سبقوهم ولحقوا بهم، أبدعوا الرواية فى شكلها الذى اختمر فى الغرب، وجاء إلينا مكتملاً أو شبه مكتمل، فإنه يعد واحداً من قلائل تمردوا على هذا المسلك أحياناً، كاسراً أسلوبه فى السرد، ومساره فى البناء. وبلغ هذا التمرد ذروته فى عمله الأخير «حكايات هائمة»، وإن كان فى عمله الأشهر «الزينى بركات» قد زاوج بين الوافد والموروث.

وكان «الغيطانى» يطمح إلى كتابة عن أزمنة سابقة، لا سيما الحقبة المملوكية فى مصر، باللهجة التى كانت سائدة أيامهم، لكنه وجد أن هذا الأمر يستغرق وقتاً طويلاً، ويستنفد جهداً مضنياً، أما الأهم فهو تلك الفجوة التى تمتد بينه وبين ذائقة وثقافة قراء أيامنا.

لهذا اتسعت المسافة بمرور السنين بين إبداع الغيطانى وهؤلاء القراء، وبدا هو يشكو من هذا، وضج بالشكوى ذات مرة حين تحدث عما سماه «أدب المراحيض». وكان الحبل السرى بينه وبين ما كتب قديماً قد استغلظ وصار قوياً فقطع عليه خط الرجوع، ولم يكن هو يريد أن يرجع، لكن «الغيطانى» فى تجلياته وتدويناته التى تتابعت فى عدة أجزاء لم يكن منفصلاً عن واقعه، بل انغمس داخله، ووضع فيه إحدى قدميه، ويترك الأخرى تشاكس القديم، وتنبشه فى وعى وإصرار.

بذا سيبقى نص «الغيطانى» قابلاً طيلة الوقت لتأويلات متعددة تعيد اكتشافه، وترصد همزات اتصاله بالقديم، ونقاط الانفصال عنه، لتبين لنا فى نهاية المطاف حجم إبداع الغيطانى الخالص، ومقدار ما استعاره، أو انبهر به وأعاد إنتاجه، ومستوى ما أضافه إلى نهر الإبداعى الجديد فى المجمل، سواء فى تركيبه أو تفاعله القوى والواعى مع قرائح الذين رحلوا فى الأزمنة البعيدة.

وأتصور أن هذا التقدير هو الذى أثار ويثير وسيثير القسط الأكبر من الجدل هو المشروع الأدبى للغيطانى من زاوية أصالته وذاتيته والأفق الذى يفتحه أمام أدباء آخرين من مجايليه أو الأجيال اللاحقة.

وما جرى فى هذه الناحية ربما يؤشر إلى ما هو آتٍ من جدل قديم يتجدد، حول جزء مهم من التجربة الأدبية للغيطانى، فبينما تناولها بعض النقاد قدحاً، لأنه نهل من الموروث أكثر من اللازم، رد عليهم آخرون مدحاً، مدافعين عن مسلك «الغيطانى» الذى كان إيمانه بأهمية الالتفات إلى الموروث الحكائى المصرى والعربى فى غرائبيته وعجائبيته وجزالته من جهة، ووصفه لأحوال من عاشوا قبل قرون من جهة ثانية.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغيطاني والعودة إلى الجذور 12 الغيطاني والعودة إلى الجذور 12



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab