وقالت «فرنسا تنتظر ثورة»

وقالت «فرنسا تنتظر ثورة»

وقالت «فرنسا تنتظر ثورة»

 السعودية اليوم -

وقالت «فرنسا تنتظر ثورة»

عمار علي حسن

«الفرنسيون ينتظرون ثورة الآن».. هكذا قالتها لى وهى تضغط على الحروف فى ثقة متناهية، أثناء زيارتى لباريس فى أبريل الماضى. هى طالبة دراسات عليا فى السوربون تعد أطروحة للماجستير عن «دور المثقفين والأكاديميين فى الثورة المصرية»، ولهذا طلبت لقائى، كواحد من عينة اختارتها لإجراء مقابلات معمّقة معها. ورحت أتابعها بينما عيناى تراقبان الفرنسيين، وهم ينهبون الشوارع عند الظهيرة، وكثيرون منهم يجلسون على مقاهٍ ومطاعم تتعب فى عدها خلف شارع «الشانزليزيه»، ليلتهموا شيئاً يملأ بطونهم، ويحتسوا ما يُنبههم أو يهدّئ أعصابهم فى فترة الراحة بين عمل يومى يمتد إلى سبع ساعات.

ها هم الفرنسيون قد نزلوا إلى الشارع بالملايين، لكن ليس فى ثورة كما توقعت إنما لسبب آخر، صنعه إرهابيون لا عقل لهم، واستفاد منه كل من يعادون الإسلام والمسلمين.

ما كانت تستند إليه باحثة السوربون فى كلامها أن معدل البطالة مرتفع بين الشباب، والفساد تتسع رقعته مالياً وإدارياً وسياسياً، والثقة فى السياسيين تتراجع، والناس لا يجدون فرقاً حقيقياً بين اليمين واليسار، ونسبة كبيرة من الفتية والفتيات يميلون إلى الفكر الأناركى، الذى يسعى إلى إنهاء سلطة الدولة أو تسلّطها، والاتجاهات الشيوعية كذلك التى تميل كل الميل إلى إعادة توزيع الثروة، وكثير منهم لا يعلق آمالاً على الأحزاب السياسية، ويعزفون عن المشاركة فى الانتخابات. وتستند فى كلامها إلى أن عدداً من أساتذتها أبدوا إعجابهم بما فعله الشباب المصرى، وتوقعوا أن يغضب شبان فرنسا فى يوم ليس بالبعيد على غرار ما فعلوه عام 1968، ويعطون مؤشراً على هذا بزيادة متدرّجة فى نسبة ما يحصل عليه اليمين المتطرّف فى الانتخابات البرلمانية المتتابعة، وهو من دون شك تصويت عقابى للأحزاب الرئيسية.

الغريب فى هذا الكلام هو فقدان قطاع من الجيل الجديد فى فرنسا آليات الديمقراطية، ومنها «صندوق الانتخاب» الذى رأى باحثون غربيون كثيرون أنه أصبح بديلاً عن الثورات، إذ إن الشعب لا يحتاج إلى أن ينزل الشوارع بالملايين لإسقاط الحكومة، إنما يصل إلى هذا من خلال الوقوف فى طوابير الانتخاب، وتلقينها درساً بليغاً. لكن شباب فرنسا، يتعاملون مع هذا الصندوق على أنه مسألة شكلية، رغم كل الضمانات الراسخة المتوافرة لنزاهة الانتخاب وولاء من يختارهم الناس للوطن والدولة والمجتمع، وإيمانهم بتداول السلطة والتعدّدية الحزبية والسياسية، ولا يجدون من بين الساسة الكبار من هو جدير بالاحترام الكبير، مثلما كان لشارل ديجول وفرانسوا ميتران، ولهذا كله راحت قواعد الأحزاب تتآكل، وحجم عضويتها يتراجع.

«ليس الأمر على هذا النحو بالضبط، هناك غضب وغبن من أشياء كثيرة، لكن الدولة لا تزال توفر خدمات وتأمينات جيدة للمواطنين تحقق قدراً معقولاً من الرضاء، ولهذا يمكن أن نتوقّع مظاهرات أو احتجاجات هنا وهنا، لن تصل إلى حد الثورة».. هذا ما قاله لى عمر حشيش وهو مهندس مصرى نابه يعيش فى باريس منذ أكثر من ربع قرن، مقللاً من أهمية غضب الشباب، لأن أغلبية الشعب الفرنسى أعمارهم متوسطة، ومن بين هؤلاء، إلى جانب كبار السن، من يحرصون على المشاركة فى الانتخابات، ولا يميلون إلى تغييرات فجائية، تعيد إلى أذهانهم ما جرى فى 1968 أو ما قرأوه عن الثورة الفرنسية.

ومع هذا ينقل «حشيش» عن ضابط فرنسى قوله وهو يقف فى الشارع لحماية مظاهرة نظمها الأوكرانيون فى باريس: «ما حدث فى العالم العربى قد يمتد إلى أوروبا الغربية، ولن يقتصر الأمر على أوكرانيا فقط.. إنها السياسات الأمريكية الرامية إلى إعادة هيكلة العالم بأسره بما يجعل الولايات المتحدة مستمرة على القمة». هذا ما يفكر فيه رجل أمن فرنسى، وربما لا يكون ما قاله نابعاً من رأسه، بقدر ما هو ناجم عن معلومات لدى الجهاز الذى يعمل فيه.

ورغم تذمّر الفرنسيين من الجاليات الأجنبية العريضة فى بلادهم، عرب وأفارقة وأوروبيين شرقيين وآسيويين ولاتينيين، إلا أن خوفهم من الفوضى التى يمكن أن يحدثها هؤلاء، وهم فوق العشرة ملايين، يجعل رجال فرنسا ونساءها يفكرون ألف مرة قبل النزول إلى الشوارع فى احتجاجات عريضة، لكن الشباب، لا سيما الأناركيون والشيوعيون، لا يحسبونها أبداً، بل إن انهيار السلطة هو جزء مما يؤمنون به، ولذا كان البعض يتوقّع أن يطلق هؤلاء ضربة البداية فى أى لحظة، إن لم يحدث شىء فارق يُغير هذا الاتجاه تماماً، لكن جاء نزول الفرنسيين لسبب مختلف، ألا وهو الاحتجاج على حادث «شارلى إيبدو» والتنديد بالإرهاب.

فمن يدرى لعل الإرهابيين أفادوا حكومة فرنسا وجعلوها تتجنّب الغضب وتدفع الناس للنزول إلى الشوارع لسبب آخر غير الثورة.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وقالت «فرنسا تنتظر ثورة» وقالت «فرنسا تنتظر ثورة»



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab