رواية أجراس الخوف 22

رواية "أجراس الخوف" (2-2)

رواية "أجراس الخوف" (2-2)

 السعودية اليوم -

رواية أجراس الخوف 22

عمار علي حسن

ويميل الروائى المغربى محمد مشبال فى روايته «أجراس الخوف» إلى معمار متواز، أو لنقل عمودين أساسيين لحكايته، حيث تتجاور فيها المشاهد وتتتابع لتقيم بنية الرواية وهيكلها العام، وتمنحها جاذبية نسبية، مسلماً مقود السرد إلى راو عليم مولع بشرح تفاصيل كل شىء، سواء فى وصف معالم البيئة الخارجية أو أحلام الأبطال وأفكارهم التى يعبّرون عنها فى حواراتهم المتتابعة أو استبطان ما يعتمل داخل صدورهم فى «مونولوج» متفرق وموزع على بعض الصفحات، يجعل باطن بعض شخصيات الرواية يتمم النقصان الذى تصنعه تدابيرهم الظاهرة، ويفتح النوافذ أمام الخيال والتخييل لإكمال ما تركه الواقع أمام عين وفهم الراوى الذى يلهث وراء التفاصيل الصغيرة. وكل هذا ترسم ملامحه لغة تراوح بين شاعرية وتقريرية، دون أن تفقد فى الحالتين جمالها وقدرتها على التعبير عما يريده المؤلف، بلا إسهاب ممل، ولا إيجاز مخل.

ولا يكتفى مشبال فى طرح الحكاية من مبتدئها إلى منتهاها على التواشج بين الثقافى والاجتماعى والسياسى الذى يشكل سياقاً أو إطاراً لوقائع روايته، بل يغوص أيضاً فى دواخل الشخصيات ليُظهر تأملاتها وأحلامها، ويكشف تناقضاتها وتقلباتها، وهذا يساعده فى تأويل الأحداث المتشابكة، ودفعها إلى الأمام بشكل متماسك، ومنحها صورة منطقية إلى حد بعيد، وإعطاء النماذج البشرية التى تمثل شخصياتها المتنوعة أبعاداً أكثر عمقاً.

إن الخوف فى هذه الرواية مركب، أو متتابع فى حلقات متصلة، فأبطالها خائفون على مصائرهم، وهم يواجهون واقعاً قبيحاً وينتظرهم مستقبل غامض ومجهول، وفى الوقت ذاته يعتريهم الوجل على مجتمعهم، أو بالأحرى وطنهم، الذى لم يبرأ تماماً من رواسب زمن الفساد والاستبداد، الذى ترك وراءه أسئلة لم تسعفها حتى الآن إجابات شافية كافية، عما جرى وكيف جرى، ومن المسئول عن جريانه، وكيف يمكن الخروج منه بأقل كلفة ممكنة.

والخوف المركب هنا هو خوف مما يعشش فى الذاكرة وما يجرى أمام الأعين وما سيأتى فى المستقبل المنظور، خوف من الآخرين، ومن شركاء الوطن. خوف معتق وطافح دفع الكاتب إلى أن يصوره سردياً، بعد أن اختزنه طويلاً فى عقله ووجدانه، لعله يساهم ولو بقدر ضئيل فى قتل الخوف، أو على الأقل قرع الأجراس لتنبيه كل الآذان إلى وجود الخوف، وضرورة السعى إلى التحرر من ربقته، وربما يؤمن هو بأن الكتابة عن الخوف تخفف من وطأته لدى من يكتب، والقراءة عنه تفعل الأمر نفسه لدى من يقرأ، وكأنه يفتح باباً لصراع دائم ضد كل المخاوف والهواجس التى تسكننا وتطبق على نفوسنا المهيضة.

إن شخصيات مشبال ليست مجرد حالات منبتّة الصلة عن سياق أوسع، ربما يكون السياق العربى كله، الذى يسكنه الخوف منذ زمن طويل، وحين تمرد الناس عليه بحثاً عن الأمان والسكينة فى كنف الحرية انفتح باب وسيع أمام العنف الحاد، فعاد الخوف أشد مما كان فى بعض البلدان.

من أجل هذا تدق تلك الرواية أجراس الخوف، لا لتأمرنا بالاستسلام له أو التقهقر أمامه، إنما لتحرضنا على قتله أو التغلب عليه والتقدم إلى الأمام رغم الانكسارات والخيبات.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية أجراس الخوف 22 رواية أجراس الخوف 22



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab