الخيال وحروب المستقبل 22

الخيال وحروب المستقبل (2-2)

الخيال وحروب المستقبل (2-2)

 السعودية اليوم -

الخيال وحروب المستقبل 22

عمار علي حسن

بات من الواضح أن ثمة عدداً قليلاً من المجالات، التى شهدت فيها المسيرة البشرية تطوراً أكثر إثارة واتساقاً مما شهده مجال الحروب وصناعات الأسلحة، على امتداد تاريخها. إنها مسيرة تكررت فيها إعادة تعريف التكنولوجيا المتقدمة، وتطبيقاتها لإنتاج معدات جديدة ذات تعقيد تكنولوجى أبعد من الخيال فى كثير من الأحيان.

فمجال الحروب، فنونها واستراتيجياتها وأدواتها، تشهد تطورات لا تنقطع، فعلى سبيل المثال دفعت الحرب «اللا متماثلة»، والإرهاب الدولى الدول الكبرى إلى تطوير قدرات وتدريبات جيوشها بما يتناسب مع هذا، إلى جانب التوسع فى استخدام الآليات الموجهة، وعلى رأسها «الطائرات دون طيار»، وبات الطريق واسعاً أمام المستويات المتزايدة من الروبوتات الذكية، التى سيكون لها مكان راسخ فى ساحات معارك الغد، وستشهد حروب المستقبل «تشكيلة متنوعة من الروبوتات من حيث الحجم والتصميم والقدرات والاستقلالية والذكاء، وستبنى الخطط والاستراتيجيات والتكتيكات فى تلك الصراعات المستقبلية على عقائد جديدة هى الآن فى طور التكون، ويحتمل أن تشمل كل شىء، بدءاً بالسفن الروبوتية، وأسراب الطائرات غير المأهولة المستقلة إلى محاربى الحجيرات المكعبة، الذين يديرون الحرب من مسافة بعيدة، وقد تمثل القوات التى تخوض تلك الحروب حكومات أو مجموعات عير حكومية على السواء، وربما حتى أناساً مهووسين يمتلكون قدرة على الفتك كانت من قبل فى أيدى الدول، وفى تلك المعارك ستضطلع الآلات بأدوار أكبر، لا فى تنفيذ المهمات فحسب، بل وفى التخطيط لها أيضاً.

وراحت تظهر اتجاهات جديدة فى العلاقات المدنية العسكرية، وأخذ القادة المدنيون والعسكريون يتفاعلون على المستويات الاستراتيجية والعملياتية والتكتيكية فى آن، وينتقلون من مجرد التعايش إلى التعاون فى بناء القدرات، وفهم واحترام التفويضات الضرورية والمستقلة، وتعزيز أدوات الاتصال ومجالات التعليم والتدريب.

وتعزز دور القطاع الخاص فى العمليات العسكرية عبر إعداد الجيوش وتجهيزها، والمشتريات الدفاعية، وإدارة المشروعات وتطويرها، وتصاعد دور المتعاقدين فى الحروب من مقاولى خدمات دعم القوات، ومقاولى دعم المنظومات، ومقاولى خدمات الحماية الأمنية.

كل هذا سيجعل الجيش فى القرن الحادى والعشرين يبدو مختلفاً جداً عن الجيوش التى واجه بعضها بعضاً خلال السنوات الأخيرة من الحرب الباردة، حيث من المنتظر أن يكون الجيش أصغر، وأكثر مرونة، وقادراً على توجيه ضربة أكبر بكثير مما يوحى به حجمه، وسيكون مملوءاً بالجنود المحترفين للغاية، والقادرين على تنفيذ مهام متعددة لم تكن تنفذها فيما مضى سوى وحدات خاصة. وسيرافق هؤلاء الجنود إلى ميدان العمليات مجموعة متنوعة من الأفراد غير العسكريين، الذين سيكون الكثير منهم متعاقدين لتنفيذ مهام غير عسكرية تعتبر مهمة، ولكنها تتطلب أفراداً غير ماهرين. إن جيش المستقبل سوف يشبه قوة متكاملة البنية، مع تزايد الأدوار التى يقوم بها الأفراد المدنيون والمتعاقدون أكثر من أى وقت مضى. وقد لا يكون الجيش هو العنصر الأكبر، لكنه سيكون العنصر الأهم من حيث ضمان أمن العمليات.

وظهرت ألوان أخرى من الحروب، ستتعزز فى المستقبل، مثل «حرب الشبكات» التى تبدو جذابة على نحو خاص لأطراف مؤثرة دون الدولة، مثل التنظيمات الإرهابية، والمنظمات الإجرامية العابرة للدول، وجماعات الضغط السياسى المتطرفة، ويصعب هزيمتها لغياب هدف واحد يؤدى تدميره إلى إنهاء وجود الشبكة بالكامل. وهناك من يطلق عليها حرب الإنترنت، التى يتم شنها بواسطة الحواسيب المتقدمة وشبكة الإنترنت، بغية إحداث ضرر بنظم معلومات الخصوم، وفى المقابل توجد حرب دفاعية من النوع نفسه لحماية النظم الخاصة بالمهاجمين، وهناك من يطلق عليها حرب المعلومات.

إنها حرب «الفضاء الإلكترونى»، التى لا يمكن التعامل معها على أنها نوع نظيف من الحروب لا ضحايا فيها، ومن ثم يمكن تبينها لتجنب شرور الحروب التقليدية، ففى الحقيقة هى نوع من الحرب السرية التى تبقى خافية على عيون عموم الناس، لكنهم هم الذين سيدفعون ثمنها أيضاً، سواء الأفراد أو الشركات العامة والخاصة.

وتختلف مجالات الحروب تلك عما تسمى «حرب الأفكار» التى تقوم على الدعاية، وهى ذخائر ينتجها العقل، وتوجه إلى العقل، وتعد أسلحة أثبتت أنها لا تقل أهمية عن أى من الأسلحة التى ابتكرها الإنسان.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخيال وحروب المستقبل 22 الخيال وحروب المستقبل 22



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab