أصناف الكتَّاب 3 3

أصناف الكتَّاب (3 -3)

أصناف الكتَّاب (3 -3)

 السعودية اليوم -

أصناف الكتَّاب 3 3

عمار علي حسن

ويوجد من يرى أنه من الأفضل أن تنشر، كما هى، من دون أدنى إضافة، مع الإشارة إلى زمن نشرها وسياقه، حتى يقيمها الناس فى سياقها، بلا ظلم ولا إظلام. وإذا أراد أحد المغرضين أن يستخدمها للقدح فى الكاتب أو الباحث فسيجد من يرده إلى جادة الصواب ويقول له: هذا يحسب له ولا يحسب عليه.
والأعمال الأولى لنجيب محفوظ التى لم يتحمس لنشرها فى شبابه قرأناها وهو يرفل فى مجد أدبى زاهٍ وقد اقترب من التسعين. وكان محفوظ قد نشر فى الصحف العديد من القصص القصيرة، جمع بعضها فى مجموعته ذائعة الصيت «همس الجنون» ورأى وقتها أن البقية أضعف من أن يضعها بين دفتى هذا العمل فأهملها وضرب صفحاً عنها، لكن هناك من نبش عليها، وأعاد نشرها فى مجموعتى «فتوة العطوف» و«صدى السنين»، وكلتاهما يبين الفارق الكبير بين بداية محفوظ ونهايته، ويثبت وجهة نظره التى كان يقولها دوماً من أن الجل الأكبر من العبقرية ينبنى على بذل الجهد والتجريب والتعلم المستمرين.
وبعض الأدباء والكتاب والباحثين والعلماء والمفكرين والفلاسفة تخلوا عن كتاباتهم الأولى، إذ وجدوا أن نشرها قد لا يضيف إليهم شيئاً، بل يمكن أن يتحول من إضافة إلى نقص، ومن مزية إلى عبء. وذلك لأنهم قاسوا ما كانوا عليه بما ارتقوه فوجدوا أن الأول يأخذ من الثانى، أو يظهر أن النضج الذى حصلوه لم يحدث بين عشية وضحاها إنما هو من لحظات الذروة فى التمكن والعطاء، والتى أتت بعد عناء وتجريب وتجويد.
والبعض يخفى أعماله الأولى لأنها قد تحمل موقفاً أو اتجاهاً يختلف عن الذى يقف عليه فى لحظة الذروة. وهناك من رفض إعادة طباعة أعماله الأولى، وتنصل منها، مثلما تخلى سيد قطب عن الكتب والأشعار والرواية التى كتبها وقت أن كان شاعراً وناقداً أدبياً، بل تخلى عن كتب المرحلة الثانية التى شهدت أعماله الإسلامية المعتدلة مثل «التصوير الفنى فى القرآن» و«الإسلام والعدالة الاجتماعية»، وقيل إنه فى أواخر حياته أمسك بكتابيه «معالم فى الطريق» و«فى ظلال القرآن» وقال إن هذين هما ما يعبران عنى وليس غيرهما. وهناك كتب للأستاذ محمد حسنين هيكل أغفلها، ولم يعد طباعتها، لأن ما فيها من مواقف كان مغايراً لموقفه الذى كان عليه وهو فى قمة التحقق والمجد والشهرة، والذى ظل عليه إلى الآن. لكن مثل هذه المواقف غاية فى السلبية، لأن القارئ له عقل يفهم وضمير يحكم، ويدرك أن ما يقرأه الآن لكاتب أو باحث معين هو ما خطته يده فى سنينه الأولى، وقد يحمد له أنه كافح وجاهد حتى أحدث هذه النقلة فى الأسلوب والأفكار، وقد يحمد له أنه لم يتكبر ويزعم أنه قد ولد مكتملاً، أو أنه حريص على أن يضرب مثلاً وقدوة للأجيال الآنية واللاحقة على أن الكتابة تحتاج إلى تدريب مستمر، وأنها بقدر ما هى موهبة أو عطاء إلهى ولا تخلو بالطبع من موروثات جينية، فهى مهارة يمكن صقلها بمزيد من القراءة والتجريب والتنقيح والتصويب.

 

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصناف الكتَّاب 3 3 أصناف الكتَّاب 3 3



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab