مصر وروسيا نقطتا ارتكاز، يمكنهما تغيير الكثير نحو علاقات دولية أكثر عدلا وتكافؤا. وتملكان القدرة على بناء تحالف دولي متسق وأكثر قدرة على محاصرة ومكافحة الإرهاب، سواء جاء من دول أو من مجموعات إرهابية أيديولوجية أو دينية متطرفة. ويمكنهما أيضا تغيير الكثير في اتجاه عالم يتسم بمعايير واحدة في الحكم على الأشياء.
ولمصر وروسيا هذه القدرة، لأن الأولى قوة قائدة في إقليمها العربي والشرق أوسطى، وهي مرتكز رئيسي لمواجهة الإرهاب لمن يريد محاربته فعلا، ودورها حاسم في استعادة استقرار المنطقة العربية وإنهاء الهجمة الإرهابية الدنيئة التي تستهدف تمزيق سوريا. كما أنها مرشحة لتقديم نموذج تنموي جديد بعد أن عانت الأمرين من السياسات الاقتصادية الفاشلة لعصر مبارك ومن خلفه صندوق النقد والبنك الدوليان.
أما روسيا فهي قوة عالمية عظمى بكل المقاييس. والأمر لا يتعلق فقط بالقوة العسكرية العملاقة المتوازنة إستراتيجيا مع الولايات المتحدة، بل بعناصر القوة الشاملة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. وهذه القوة العظمى هي عامل رئيسي لتحقيق التوازن في العلاقات الدولية وكبح تغول بعض الدول وعدوانها على سيادة الدول الأخرى، أو على الأقل إيجاد قوة موازنة لها في العديد من الصراعات الإقليمية، وعلى رأسها صراع الدولة السورية ضد جحافل الإرهاب الممولة والمسلحة من براميل النفط والغاز وتركيا والغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة. كما أنها قوة رئيسية في مكافحة الإرهاب والتطرف الديني، وتتسم مواقفها في هذا الشأن بالاستقامة وعدم الازدواج.
وتتسم الزيارة الراهنة للرئيس الروسي لمصر بأهمية كبيرة في تطوير العلاقات بين الدولتين والتقارب بينهما، والانطلاق بتلك العلاقات إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، خاصة في ظل تقارب السياسات وتوافق الإمكانات. وسوف يتم التركيز هنا على العلاقات الاقتصادية القائمة والممكنة بين الدولتين كآلية رئيسية لتطوير المصالح والمنافع المشتركة للشعبين المصري والروسي من هذه العلاقات.
وقبل تناول العلاقات الاقتصادية المصرية-الروسية لابد من الإشارة إلى أن التاريخ سيظل يذكر للرئيس الروسى الحالى فلاديمير بوتين أنه استعاد لروسيا هيبتها ومكانتها العالمية بعد أن تعرضت لمهانة حقيقية، أثناء حكم يلتسين. ولم تكن المهانة تكمن فقط فى تحول المواقف السياسية لروسيا إلى ترديد لمواقف الغرب، وتصدير صورة الدولة المنهارة التى تتسول المعونات، بل أيضا فى التراجع المروع للناتج المحلى الإجمالى ولنصيب الفرد منه لمدة ست سنوات. وعندما جاء بوتين للحكم كانت إعادة بناء الدولة والمكانة والهيبة والكرامة وحماية وحدة التراب الوطنى واستعادة الأموال والشركات المنهوبة هى همومه الكبرى. ومن يتفقون أو يختلفون سياسيا وأيديولوجيا مع الرجل يقرون معا بأنه نجح فى تلك المهمة.
وتعلق مصر آمالا كبيرة على إنجاز الأمر نفسه والخروج بمصر من حالة التباطؤ الاقتصادى طويل الأجل ومواجهة الانتشار المروع للفساد على مدى أربعة عقود، وتحقيق العدالة الاجتماعية كأحد أسس الاستقرار السياسى والأمنى المبنى على التراضى وليس على السيطرة الأمنية.
تجارة مختلة وأقل كثيرا من الممكن
تتمتع مصر وروسيا بتوافق كبير فى الإمكانات، فمصر بلد مدارى الطقس ينتج المحاصيل الزراعية، وبخاصة الخضر والفاكهة، فى أوقات ملائمة تماما لاحتياجات السوق الروسية، بينما يوجد فائض من القمح لدى روسيا. أما المنتجات الصناعية فإن مصر تستورد سلعا مناظرة لغالبية الصادرات الصناعية الروسية، بينما تستورد روسيا العديد من السلع الصناعية التى يتم تجميعها أو صناعتها فى مصر. وفى مجال تجارة الخدمات تعتبر قناة السويس معبرا إستراتيجيا مهما لتجارة روسيا القادمة من شرق وجنوب آسيا وإفريقيا، كما أن مصر تعتبر من أهم المقاصد السياحية للسياح الروس. أما الاستثمارات المباشرة المتبادلة بين الدولتين فإنها شديدة التدنى ولا تتناسب مع الإمكانات المالية لروسيا ولشركاتها، ولا مع فرص الاستثمار الهائلة المتاحة فى مصر.
وإذا بدأنا بالعلاقات التجارية المصرية-الروسية فسنجد أنها تطورت كثيرا فى السنوات الأخيرة، لكنها تبقى أقل كثيرا من الإمكانات المتاحة لتطوير هذه العلاقات. وتشير البيانات الرسمية إلى أن صادرات مصر إلى روسيا بلغت 340 مليون دولار، بينما بلغت وارداتها منها نحو 3210 مليون دولار، وهو ما يعنى أن هناك عجزا تجاريا مصريا فى التجارة مع روسيا قدره 2870 مليون دولار. وبقدر ما تحتاج مصر لتنشيط صادراتها للسوق الروسية من أجل تحسين الميزان التجارى مع روسيا، فإنها تحتاج بصورة أعمق لاستثمارات جديدة محلية أو روسية توجه لإنتاج سلع زراعية مصنعة أو صناعات متنوعة توجه إلى السوق الروسية التى تحتاجها خاصة بعد العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا.
ويعد معدل الاستثمار فى مصر القابع عند مستوى 14% من الناتج المحلى الإجمالى متدنيا ويقل عن نصف نظيره فى الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل. وهذا المعدل لا يساعد على تحقيق زيادة فى الإنتاج لتلبية احتياجات السوق المحلية أو للتصدير. أما الاستثمارات الروسية المباشرة فى مصر فإنها متدنية للغاية وتقل عن 70 مليون دولار ويتركز معظمها فى قطاع الخدمات وبخاصة الخدمات السياحية. وهذا المستوى من تدفقات الاستثمارات الروسية المباشرة لمصر بالغ التدنى ولا علاقة له بالإمكانات الروسية فى هذا الشأن. ولا يهمنا فى هذا الشأن حجم الاحتياطيات الرسمية التى تحتفظ بها روسيا والتى تقارب نصف تريليون دولار، وإنما تدفقات الاستثمارات المباشرة منها إلى بلدان أخرى. وتشير بيانات تقرير الاستثمار العالمى الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية »اليونكتاد« إلى أن حجم الاستثمارات المباشرة التى خرجت من روسيا إلى بلدان أخرى قد بلغت نحو 95 مليار دولار عام 2013، بما وضع روسيا فى المرتبة الرابعة بين أكبر الدول التى تضخ استثمارات مباشرة لباقى بلدان العالم خلف الولايات المتحدة (338 مليار دولار)، واليابان (135 مليار دولار)، والصين (101 مليار دولار). ويشير التقرير نفسه إلى أن حجم الاستثمارات الروسية المتراكمة فى بلدان أخرى بلغت قيمتها نحو 501 مليار دولار. وبهذا المعنى فإن الشركات الروسية المسئولة عن ضخ الاستثمارات المباشرة إلى الخارج لديها أموال تبحث عن مجالات للاستثمار حول العالم. ومن المؤكد أن ترتيب وفتح العلاقة بين تلك الشركات الروسية والسوق المصرية والشركاء المحتملين فيها يمكن أن يؤدى إلى طفرة فى تدفق تلك الاستثمارات إلى مصر. وللعلم فإن العديد من الشركات الروسية يفضل الشراكة الاستثمارية مع الحكومات والشركات العامة فى الدول الأخرى كنوع من الضمان للاستثمارات الخارجية. وعلى ضوء هذا التوجه لتلك الشركات فإن الحكومة المصرية هى المعنية أكثر من أى طرف آخر بالشراكة الاستثمارية مع الشركات الروسية لاستقطاب استثماراتها المباشرة فى المجالات التى تحتاجها مصر للاستهلاك المحلى والتصدير.
وفيما يتعلق بالسياحة تعتبر روسيا أكبر دولة موردة للسياح إلى مصر. وقد بلغ تعداد السياح القادمين منها إلى مصر نحو 3 ملايين سائح عام 2010، وهو عام الذروة بالنسبة للسياحة الأجنبية فى مصر وضمنها السياحة الروسية. ورغم التراجع الكبير فى أعداد السياح الذين يزورون مصر سنويا بعد ثورة 25 يناير والثورة المضادة التى أعقبتها، فإن السياح الروس ما زالوا يشغلون موقع الصدارة بين المجموعات السياحية التى تزور مصر سنويا. وتتركز السياحة الروسية فى سياحة المنتجعات الشاطئية بصورة أساسية، وهى بعيدة بطبيعتها عن المدن الكبرى وتتسم بدرجة أعلى من الأمان مقارنة بباقى المناطق والمدن فى مصر، وحتى بالمقارنة مع أى مكان فى العالم فى البلدان الجاذبة للسياحة. وهذا يعنى أن هناك إمكانات كبيرة لزيادة السياحة الروسية فى مصر فى تلك المناطق وتوسيع نطاق النظرة الروسية إلى المنتجعات الشاطئية لتشمل الساحل الشمالى لمصر. ومن المؤكد أن تشجيع الدولة الروسية مواطنيها على التوجه للسياحة فى مصر يمكن أن يساعد فى هذا الاتجاه. كما أن تنويع أنماط السياحة وتحسين مستوى الأمن سوف يساعد على زيادة التدفق السياحى إلى مناطق أخرى، بالإضافة إلى منطقة البحر الأحمر.
التاريخ والثقافة أسس راسخة للتعاون
تشكل العلاقات التاريخية والمؤثرات الثقافية عاملا مهما فى توطيد العلاقات المصرية-الروسية، فروسيا الممتدة بين قارتى أوروبا وآسيا تحتفظ بسمات خاصة تجمع ما بين انتمائها الأوروبى وروحها الشرقية. ويقترب نموذج الدولة المركزية الروسية الشديدة البأس من نظيره فى مصر والشرق عموما. والثقافة الروسية هى بنت التنوع الجغرافى والإثنى لذلك البلد. فروسيا التى أنتجت برودين وجلينكا وتشايكوفسكى وشوستاكوفيتش فى الموسيقى الكلاسيكية الغربية الطابع التى أبدعت أعظم أعمال الباليه والمارشات الوطنية، هى نفسها التى أنتجت ريمسكى كورساكوف صاحب متتالية شهرزاد التى تعتبر العمل الموسيقى الأشهر عالميا فى التعبير عن الحكايات الأسطورية «ألف ليلة وليلة». والروائيون الروس الذين يتصدرون قائمة أهم القامات الأدبية فى العالم من ليف تولستوي، وأنطون تشيخوف، وإيفان تورجينيف، وليرمنتوف، وجوجول، ومكسيم جوركي، وبوشكين، وفيودور دستيوفسكي، وإيفان بونين، وشولوخوف الذين تنطوى كتابات أغلبهم على ذلك المزيج الساحر بين الغرب والشرق. وقد أثروا بقيمهم الإنسانية والأدبية فى وجدان وتكوين النخبة الثقافية المصرية التى أثرت بدورها فى الروس من خلال العمال المترجمة، وتبادل الطرفان التأثيرات الفنية من خلال السينما والموسيقى والباليه. لكن التعاون الاقتصادى الذى أنتج شركات المراجل البخارية وأفران الحديد والصلب ومجمع الألومنيوم وشركات الكيماويات والسلع الهندسية والآلات، لكن سد مصر العالى يبقى ذروة التعاون المصرى ـ الروسى الذى يشكل شاهدا عملاقا على عمق العلاقات بين الدولتين ومنفعتها العظيمة للشعب المصرى فى هذه الحالة.
السد العالي: ذروة التعاون المصرى-الروسى
بعد سلسلة طويلة من المماطلات الأمريكية والغربية تخلى البنك الدولى والدول الغربية عن تمويل مشروع السد العالي، ولجأت مصر للاتحاد السوفيتى السابق وفى القلب منه روسيا. ورغم أننى كتبت عن هذا المشروع مرات عديدة فإنه لا بأس من إعادة التذكير به كأعظم تجسيد للعلاقات المصرية ـ الروسية. وفى 27 ديسمبر عام 1958 وقعت مصر اتفاقية القرض السوفيتى لتمويل المرحلة الأولى من إنشاء السد العالى، التى تشمل البدء فى إنشائه والارتفاع ببنائه إلى الدرجة التى تكفل تحويل مياهه إلى مجرى جديد يتم انشاؤه لهذا الغرض مع زيادة التخزين المتاح سنويا. وقضت الاتفاقية بأن يقدم الاتحاد السوفيتى الذى كانت روسيا تشكل قلبه وعموده الفقري، قرضا قيمته 400 مليون روبل أى نحو 34.8 مليون جنيه مصرى، أى نحو 100 مليون دولار، إلى مصر. ويسدد القرض على 12 قسطا سنويا اعتبارا من عام 1964 الذى انتهت فيه أعمال المرحلة الأولى لبناء السد وتم بالفعل تحويل مجرى نهر النيل فى 14 مايو عام 1964. وقد بلغ سعر الفائدة على ذلك القرض 2.5% سنويا. ورغم التوترات التى اعترت العلاقة السياسية بين مصر والاتحاد السوفيتى السابق عام 1959 بسبب الهجمة البوليسية الشاملة للسلطات المصرية ضد الشيوعيين فى مصر، فإن تلك التوترات لم تؤثر على مسيرة الاتفاق بشأن المشاركة السوفيتية فى تمويل وتصميم وتنفيذ السد العالى.
وفى 27 أغسطس 1960 تم عقد اتفاقية مشاركة الاتحاد السوفيتى فى تمويل المرحلة الثانية لإتمام مشروع السد العالى. وقدمت حكومة الاتحاد السوفيتى بمقتضى تلك الاتفاقية 900 مليون روبل (78 مليون جنيه مصرى، أى نحو 215 مليون دولار بأسعار ذلك العام) وذلك لتغطية تكاليف تصميم المشروع والبحوث والدراسات وتوريد وتركيب البوابات ووحدات التوليد الكهربائية المائية والمعدات اللازمة لمشروعات الرى واصلاح الأراضى وغيرها. ويتم سداد القرض بنفس شروط القرض الأول، ويبدأ السداد بعد عام من تاريخ اتمام جميع هذه الأعمال بحيث لا يتأخر ذلك عن أول يناير 1972. وسعر فائدة القرض 2.5% تسرى من تاريخ استخدام كل جزء من القرض على أن تؤدى خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام التالى للعام الذى استحقت فيه.
وبعقد ذلك الاتفاق حسمت مصر تماما معركة تمويل بناء سدها العالى وبدأت ملحمة أسطورية لبناء أعظم مشروع فى تاريخها القديم والحديث. ورغم كل الصعوبات ورغم العدوان الإسرائيلى على مصر عام 1967، اكملت مصر مشروعها العملاق لينهض سدها العالى جبلا يعترض مجرى النيل العظيم ويروضه تماما لأول مرة فى تاريخ النهر الأطول على الكرة الأرضية. وقد حمى السد العالي، مصر من أخطار الفيضان المدمرة وكون لها بنكا مركزيا للمياه هو بحيرة ناصر التى حمت مصر من مخاطر دورات الجفاف الرهيبة، ووفر 19 مليار متر مكعب صافية من المياه عند أسوان بعد خصم فواقد البخر، وحصلت مصر على 7.5 مليار متر مكعب منها، بينما حصل السودان على 11.5 مليار متر مكعب. وقد أتاحت المياه الإضافية التى حصلت عليها مصر، استصلاح واستزراع مساحات كبيرة من الأراضى التى كانت تفتقر للمياه. ومنذ عام 1968/1969 وحتى الآن تم استصلاح واستزراع أكثر من مليونى فدان يتم ريها بالوفورات المائية التى نتجت عن بناء سد مصر العالي. كما تحسنت إنتاجية الأراضى بتوفير المياه للمحاصيل فى أى وقت تحتاجها فيه. كما حولت مصر نحو 973 ألف فدان من رى الحياض الذى يزرع محصولا واحدا فى العام إلى رى دائم يزرع على أساسه محصولين أو ثلاثة فى العام بما رفع المساحة محصولين فى مصر بصورة جوهرية. كما تم تحسين الملاحة فى النيل بما أنعش السياحة النيلية. أما المحطة الكهرومائية للسد العالى فإنها كانت تغطى فى السبعينيات أكثر من نصف احتياجات مصر من الكهرباء. لكن التوسع فى المحطات الحرارية التى تعمل بالغاز أو النفط أدى إلى تقلص حصة المحطة الكهرومائية للسد إلى نحو 10% من إجمالى احتياجات مصر من الكهرباء. أما الآثار الجانبية للسد مثل الإطماء والنحر وارتفاع المياه الجوفية وتآكل الشواطيء الشمالية فى بعض المناطق وغرق النوبة وآثارها، فإنه جرى مواجهة البعض بينما يحتاج البعض الآخر للمزيد من الجهود المتواصلة من أجل مواجهته ومعالجة آثاره وبالذات غرق النوبة التى يحق لأهلها أن يتم توطينهم حول بحيرة ناصر ومساعدتهم على تمويل إنشاء مشروعات للزراعة والصيد والسياحة وصناعة التذكارات السياحية والصناعات الزراعية والتعدينية.
وفى أغسطس عام 1999، وعلى هامش أضخم معرض إنشائى وصناعى وتجارى فى هامبشاير الغربية بالولايات المتحدة، جرى استفتاء لاختيار أبرز عشرة مشروعات إنشائية فى القرن العشرين وهى بالضرورة الأعظم على مر التاريخ بحكم أن المشروعات الكبرى التى أتاح التقدم العلمى إنشاءها فى القرن العشرين لا تقارن بالمشروعات التى أنشئت قبله. وشاركت فى الاستفتاء الشركات العقارية العملاقة وشركات التصميم الهندسى وشركات بناء السدود، وجاء سد مصر العالى فى المقدمة كأعظم مشروع بنية أساسية فى القرن العشرين وبالتالى فى التاريخ متفوقا على سد »بولدر« الأمريكي، وعلى »الإمباير ستيت« أول ناطحة سحاب فى العالم. وجاء فى حيثيات اختيار السد العالى كأعظم مشروع بنية أساسية فى العالم فى القرن العشرين، أنه عمل إنشائى وهندسى عالمى أحدث تغييرات إيجابية كبيرة فى حياة شعب بأكمله. وهذا الاختيار هو تاج على رأس شعب مصر وزعيمها الراحل جمال عبد الناصر الذى قاتل بضراوة وبراعة مذهلة فى أحلك الظروف من أجل بناء سد مصر العالى لحماية أمته وتغيير مصيرها من أمة خاضعة لمشيئة النهر إلى أمة متحكمة فى مساره.
ويبقى مشروع السد العالى الشاهد الأعظم على التعاون المصري-الروسى الذى يحتاج الطرفان لاستعادة زخمه لمصلحة الشعبين المصرى والروسى اللذين تربطهما صداقة حقيقية وعميقة قامت على الاحترام المتبادل والشراكة والعدالة والتكافؤ.