محمد سلماوي
من حر القاهرة وصلت خلال 4 ساعات طيران إلى صقيع موسكو لحضور اجتماعات اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا، لأجد الحرارة هناك لا تزيد على 10 أو 12 درجة مئوية، والشمس لا تظهر إلا لتذكرك بأنها مازالت هناك خلف السحب، والرياح بدأت تدريجياً فى استعادة نشاطها الشتوى.
الطقس البارد تقابله حرارة الوضع السياسى، خاصة فى شرق أوكرانيا والحرب السياسية بين الولايات المتحدة وروسيا، وقد أعلن بالأمس، عن التوصل إلى وقف إطلاق للنار، لكن الحرب الكلامية مازالت دائرة، وبالأمس فقط ناشدت وزارة الخارجية الروسية مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعى «فيس بوك» و«تويتر» أن يساهموا فى إعطاء الرئيس الأمريكى باراك أوباما بعض الدروس فى التاريخ بعد أن اتهم روسيا بأنها تحاول استعادة الأراضى التى فقدتها فى القرن الـ19، وقد انتشرت تلك المزحة بسرعة بين كل من قابلتهم من الروس، ذلك أن الأراضى التى فقدتها روسيا القيصرية فى القرن الـ19 كما يعرف كل الطلبة الروس هى معسكر «فورت روس» على شاطئ كاليفورنيا، والذى تم بيعه لأحد رجال الأعمال الأمريكيين بمبلغ 30 ألف دولار، ومقاطعة ألاسكا الشمالية التى باعتها روسيا القيصرية للولايات المتحدة بمبلغ 7.2 مليون دولار، وليست لدى روسيا الآن أى نية للمطالبة بأى منهما.
لكن الرئيس أوباما صرح قبيل مغادرته واشنطن لحضور اجتماعات حلف شمال الأطلنطى فى اسكتلندا، حيث سيكون موضوع حرب أوكرانيا على قمة جدول أعمال قادة الحلف، بأن تدخل روسيا فى الشأن الأوكرانى يشير إلى رغبتها فى العودة لأيام القيصرية واستعادة الأراضى التى فقدتها فى القرن 19.
والحقيقة أن محاولة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين استعادة الدور الروسى كقوة كبرى فى العالم تجعل منه هنا بطلاً شعبياً بين مختلف المواطنين الروس، وقد وجدت أحد سائقى التاكسى يعلق صورة بوتين داخل السيارة، فسألته عن ذلك، فقال: هو قائد عظيم يصلح ما أفسده كل من جورباتشوف ويلتسين، فقد عمل جورباتشوف على تفكيك البلاد وإضعافها، بينما وقت يلتسين سادت الفوضى.
وبعد لحظة صمت سألنى السائق: ألا يفعل السيسى عندكم نفس الشىء بعد فوضى السنوات الأخيرة؟
ويرى الكثير من الروس أن ما يحدث فى أوكرانيا هو تدخل من الغرب وليس من روسيا، ويفسرون ذلك بأنه محاولة من الولايات المتحدة وحلفائها للانتقام مما حدث فى القرم، حيث حقق بوتين انتصاراً عليهم، أكد قوة روسيا على الساحة الدولية كقوة كبرى لا يمكن تجاهلها.