الفايد و«المؤسسة» حكاية معقدة

الفايد و«المؤسسة»... حكاية معقدة

الفايد و«المؤسسة»... حكاية معقدة

 السعودية اليوم -

الفايد و«المؤسسة» حكاية معقدة

بقلم - بكر عويضة

 

شق طريقه، منذ مطلع شبابه، مواجهاً صعوبات الحياة، مجتهداً بشق الأنفس كي يحقق الحد الأدنى المعقول من الاحتياجات اليومية. طفق يعمل غير متعالٍ على العمل الشريف، أياً كان المجال. لم يستكبر، مثلاً، على وظيفة حمال في رصيف ميناء مسقط رأسه، الذي انطلق منه يجوب الآفاق، حتى إذا حط الرحال في بريطانيا العظمى، بدأت الأقدار تفتح له الأبواب، وتهيئ له فرص النجاح، وإذ صار في ذروة عطاء الشباب، بدا كمن يقترب من قطف وردة تتربع فوق قمة الفرص الذهبية، التي نادراً ما تتاح للعوام. ساعتئذٍ، خُيل له، وربما لكثيرين حوله، أن بوسعه أن ينافس أبا الطيب المتنبي، على وصف «مالئ الدنيا وشاغل الناس». لكن القدر كان بالمرصاد، حين اختطف الموت بِكرَ أنجاله في ريعان شبابه، وهو إلى جانب وردة إنجليزية تنتمي إلى بلاط ملكي، تحمل لقب أميرة، وكانت تُعد إحدى أجمل نساء زمانها. ذلكم محمد الفايد، ابن الإسكندرية، الذي صار عالمي الصيت، متعدد النجاحات، يمتلك ما شاء من مجالات «البزنس»، وما قد يرغب من جوازات سفر، باستثناء البريطاني.
     

 
         

 

مالك «هارودز» -حتى عام 2010- ألقى اللوم، في الحيلولة بينه وبين جواز السفر البريطاني، على كاهل ما اعتاد أن يعطيه وصف «الإستبلاشمنت». الترجمة الحرفية للكلمة، كما هو معلوم، تعني المؤسسة. لكن المعنى الأعمق، الذي يرمز إليه تعبير «THE ETABLISHMENT» بالإنجليزية، يقصد الأجهزة التي تضرب جذورها في عمق الدولة، والتي تشرف، في الخفاء طبعاً، على تسييرها، شخصياتٌ تملك من النفوذ ما ليس يُقاوم، تمارس طبخ السيناريوهات، أو المؤامرات، إن شئت، ومن ثم اتخاذ أخطر القرارات الصعبة وراء الكواليس. الحق أن هذا الظن، أو الاعتقاد، القائم على الربط بين كل شأن يخص الفرد، خصوصاً في حالات التراجع، أو الإخفاق، وبين وجود أصابع أشخاص غير عاديين، تحرك الخيوط من وراء ستار، ليس من اختراع محمد الفايد. كلا، الواقع يقول إن التاريخ يوثق وجود هكذا ظن منذ زمن بعيد. ثم إن المسألة ليست مجرد تخيل، كلا، إذ من الطبيعي أن توجد في الدول كافة مؤسسات يعمل بعضها علناً، وبعضها سراً، على مستويات مختلفة، مهمتها الحرص على أمن حاضر المجتمعات، والتخطيط لمستقبلها الأفضل. حين تجمع كل تلك المؤسسات معاً ليس ثمة ما يمنع أن تطلق عليها وصف «المؤسسة».

الفرق بين الإقرار بوجود «مؤسسة» بأي دولة، وفي مختلف المجتمعات، وباختلاف المراحل والثقافات، وبين تحميلها مسؤولية أمر محدد يصعب تصور أنه يرقى إلى درجة غير واقعية من الخطورة، كما حالة عدم منح محمد الفايد جواز السفر البريطاني، هو الفرق بين التسليم بواقع قائم، وبين النظر إلى ذلك الواقع من منظور ذاتي محدود الأفق. الحكاية، بالتأكيد، معقدة أكثر من ذلك بكثير. مثلاً، لو أن «الإستبلاشمنت» البريطانية قررت التضييق على الرجل، لفعلت أكثر من مجرد رفض جواز السفر. مثال آخر، من مكتبه في قلعة «هارودز» أطاح الفايد ثلاثة من وزراء حزب «المحافظين» هم نيل هاملتون، وتِم سميث، وجوناثان إتكنز. قبل ذلك، لو أرادت «المؤسسة» أن يحقق تايني رولاند الفوز على محمد الفايد، في معركة امتلاك «هارودز»، لفعلت، بصرف النظر عن الوسائل.

يوم الجمعة الماضي ووري محمد الفايد الثرى إلى جوار ابنه، بعد ستة وعشرين عاماً من يوم تشييع «دودي» بصمت، فيما كان العالم كله، تقريباً، يبكي حزناً على الأميرة ديانا سبنسر. تُرى، هل لأصابع «المؤسسة» دور في فاجعة 29 أغسطس (آب) 1997، كما أصر دائماً المفجوع بولده؟ رغم الافتقار إلى أي أدلة، فإن السؤال يسبح في فضاء الألغاز، والأرجح أن يبقى لغزاً لزمن طويل.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفايد و«المؤسسة» حكاية معقدة الفايد و«المؤسسة» حكاية معقدة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة

GMT 18:25 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

معين شريف يهاجم راغب علامة عبر قناة "الجديد"

GMT 04:58 2012 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

سلوى خطاب بائعة شاي في"إكرام ميت"

GMT 03:32 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

جيسيكا هيلز ستعتزل في 2017 لتتفرَّغ لإنجاب طفل آخر

GMT 11:22 2012 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل سرية تنشر للمرة الأولى بشأن اغتيال الشيخ أحمد ياسين

GMT 15:55 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي علی غزة إلى 24448 شهيدًا

GMT 17:10 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مواطنة من فئة الصم تحصل على درجة الماجستير من أمريكا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab