خلال الندوة التقديمية لنصف الماراطون الدولي لمدينة بركان الذي وصل النسخة الرابعة، لم يتردد رئيس جمعية والبطل العالمي والأولمبي هشام الكروج في التأكيد على أن الهدف من تنظيم مثل هذه التظاهرة، هو نشر ثقافة التضامن والعمل الخيري والإنساني والتشجيع على الممارسة الرياضية، ناهيك عن المساهمة في التعريف بالجهة الشرقية التي تزخر بطاقات بشرية وتراث لامادي ومؤهلات اقتصادية مهمة، مع الحرص على إبراز الانعكاسات الإنسانية والاجتماعية للأحداث الرياضية على الصعيد الوطني. 

قال الكروج خلال هذه الندوة الصحفية، إنه يشعر بضرورة رد الجميل لبلده، والتفاعل الإيجابي مع قضايا وطنه، وعدم التردد ولو للحظة في تقديم الدعم والمساعدة لتمويل المشاريع الخيرية، وجعل قضية تنظيم التظاهرات الرياضية عاملا مساعدا في تغطية نفقات الأعمال الإنسانية وخاصة في المجالات الاجتماعية كالصحة والرياضة والخدمات الاجتماعية.

مبادرة هشام الكروج البطل الكبير الذي كثيرا ما افتخرنا بإنجازاته التاريخية، دخل الآن في إعادة بناء صورة أخرى للرياضي ما بعد الاعتزال، وهو منعطف هام في الحياة الرياضية للأبطال الرياضيين، والتحول من الممارسة إلى عالم التسيير والتأطير والتنظيم من موقع آخر، لابد وأن يأخذ بعين الاعتبار التجربة والعلاقات الواسعة والاستفادة من الإشعاع الذي اكتسبه هو داخل الملاعب والقاعات والحلبات.

والغريب أن رياضيي ألعاب القوى على قلتهم، يتقدمون لائحة المنخرطين في جعل الأنشطة الرياضية وسيلة للتنشيط والتضامن والعمل الخيري والتشجيع على الممارسة الرياضية، وقد سبقته إلى هذا المجال كل من نوال المتوكل ونزهة بدوان والمرحومة فاطمة عوام، لكن بالنسبة لرياضي باقي الأنواع، فيكاد أن تكون المحصلة صفرا، مع استثناءات قليلة وقليلة جدا.

فقد تعود نجوم كرة القدم مثلا أن يبقوا بعيدين عن قضايا مجتمعهم، فلا علاقة لهم نهائيا بالموضوع، والأكثر من ذلك نجد بعضهم يتهافت على الاستفادة من الامتيازات على مختلف المستويات.

وحتى عندما يفكرون في الاستثمار، فإن الاتجاه عادة ما يكون في العقار والمقاهي والملاهي الليلية، وهى مشاريع لا علاقة لها بعالم الرياضة، كما أن الاتجاه يركز أساسا على الاستفادة من الرواتب والمنح والميزانيات بطرق ملتوية، بالإضافة إلى مأذونيات النقل والصيد وكل أنواع الريع.

وعندما نتحدث عن ثقافة التضامن، فهناك نماذج ناجحة على الصعيد الدولي كلاعبي البرازيلوالأرجنتين الذين يعيشون عن قرب هموم ومشاكل فقراء شعبهم، إذ نراهم ينخرطون تلقائيا في مبادرات ومشاريع خيرية دون حسابات ضيقة ولا دعاية استهلاكية ولا طمعا في التقرب من السلطة.

كما أن هناك أفارقة يقدمون أمثلة حية كالإيفواري ديديه دروغبا والليبيري جورج وياه والطوغولي إيمانويل أديبايور والإثيوبي جيبري سيلاسي وأبطال ألعاب القوى في كينيا، وغيرهم ممن قاموا بإنجازات عظيمة لفائدة بلدانهم، يشهد بها التاريخ وسيتذكرها الأجيال بمداد الفخر والاعتزاز.

صحيح أن عدد النجوم الكبار بالنسبة للرياضة الوطنية قليل جدا، لكن هذه القلة ليست مبررا للجحود والتنكر وعدم المبالاة، فبالإضافة إلى لاعبي كرة القدم وعدائي ألعاب القوى، هناك كذلك لاعبو التنس والملاكمون وبعض الرياضات التي تدر عليهم عائدات مهمة، لكن نسجل دائما انعدام ثقافة التضامن لدى الأغلبية الساحقة منهم، بل نجدهم يظهرون الكثير من الجشع واللهفة والتهافت للحصول على الامتيازات دون التفكير في رد الجميل للبلد الذي راعهم والشباب الذين شجعوهم وهتفوا باسمهم.

موعد سنوي للاحتفال والتنافس الرياضي والتنشيط والتشجيع على الممارسة

عاشت مدينة بركان على مدار يومين عرسا رياضيا بامتياز، تمثل في نصف الماراطون الدولي في نسخته الرابعة والذي تنظمه جمعية بني زناسن لألعاب القوى والتي يترأسها البطل العالمي والأولمبي هشام الكروج ابن مدينة بركان.

وفضلا عن الطابع الرياضي والاحتفالي لهذه التظاهرة، التي استغلت إعلاميا لتجديد الدعم لملف الترشيح المغربي لتنظيم كأس العالم 2026، خاصة وأن الكروج من بين سفراء الملف المغربي، حيث أكد بالمناسبة أنه سيناضل من أجل تحقيق حلم كل المغاربة.

وتوخى المنظمون كذلك المساهمة في التعريف بالجهة الشرقية ومؤهلاتها الاقتصادية والسياحية وبما تزخر به من طاقات بشرية ورصيد لامادي ثقافي وتاريخي هائل

وهذا ينسجم مع أهداف الجهة المنظمة، إذ أخذت جمعية بني زناسن على عاتقها، منذ تأسيسها سنة 2000، المساهمة في النهوض بالأنشطة الرياضية والتربوية والاجتماعية بالجهة الشرقية بشكل عام، وبمدينة بركان على وجه الخصوص.

على مستوى النتائج التقنية، توج كل من العداء البحريني حسن عباسي والعداءة الإثيوبية جيميدا فين غيدتو، إذ قطع عباسي مسافة (21,097 كلم) في ظرف ساعة ودقيقة و57 ثانية، متقدما على الكينيين سنا إيمانويل كيبكبموا (1 س و2 د و3 ث) وكيموا دانيال (1 س و2 د و 27 ث).

وبالنسبة للإناث ، فقد أحرزت العداءة الإثيوبية جيميدا فين غيدتو لقب هذه الدورة بتوقيت ساعة و10 دقائق و39 ثانية، متقدمة على العداءة الكينية مورين شيبكموا (1 س و11 د) ومواطنتها زينبو بيهونغن (1 س و12 د و45 ث).

وقال العداء العباسي الفائز بالمرتبة الأولى الحامل للجنسية البحرينية وهو من أصول مغربية، إنه كان يأمل في تحطيم الرقم القياسي لنصف المارطون الدولي لبركان، لكنه أصيب بالعياء جراء خوضه لسباق قوي في بطولة العالم في فالنسيا الإسبانية السبت الماضي، لكنه عبر عن سعادته باحتفاظه على اللقب للمرة الثالثة على التوالي.

وللإشارة فسباق نصف ماراطون بركان الدولي عرف مشاركة أزيد من 7000 مشارك من مختلف الأعمار والشرائح، إضافة لتواجد إفريقي وأوروبي.

لحظات اعتراف

وفاء للتقليد على دأبت عليه الجهة المنزهة لنصف ماراطون بركان، وتسجيل لحظات الاعتراف بإنجازات عدد من رواد ألعاب القوى المغربية، والرياضة المحلية والوطنية عموما.

وبعد أن تم في الدورات السابقة تكريم العديد الأسماء الوازنة الأسماء، كلا من العداء الراحل عبد السلام الراضي الذي منح المغرب أول ميدالية أولمبية في سباق الماراطون سنة 1960 بروما، والغازي الزعراوي بطل عالمي سابق في العدو الريفي سنة 1966 بالرباط.

كما تم تكريم البطل عقا صمصم الحائز على عدد من الألقاب العربية والإفريقية في رمي الجلة مع رقم قياسي إفريقي سابق، وحدو جادور الذي أحرز عدة ألقاب عربية وبطولات عالمية عسكرية، وبنعيسى بكير الذي حقق أول لقب عربي في 5000 متر و10 آلاف متر سنة 1957 وذهبيتين في ماراطون ألعاب البحر الأبيض المتوسط، فضلا عن حسنية الدرامي التي حققت بدورها عدة ألقاب عربية وإفريقية في 5000 متر و3000 متر و10 آلاف متر وكذا في العدو الريفي.

وكالعادة، تم هذه السنة تكريم مجموعة من الفعاليات الرياضية، من بينها البطل المغربي السابق، خالد السكاح، والدوليين السابقين في كرة القدم، رشيد نكروز وصلاح الدين بصير، بالإضافة إلى مجموعة من الرياضيين السابقين، وعدد من الشخصيات الرياضية التي تركت بصمات واضحة على الساحة الرياضية المحلية في جميع الأنواع بمدينة بركان.

"سباق أحلام ومصدر إلهام للشباب"

قال البطل العالمي والأولمبي هشام الكروج إن الغاية من تنظيم نصف ماراطون الدولي لبركان، تتمثل في جعل نصف ماراطون بركان الدولي "سباق أحلام ومصدر إلهام للشباب، وأن يساهم في خلق دينامية رياضية واقتصادية وسياحية بالمدينة.

وأبرز الكروج، رئيس جمعية بني يزناسن الجهة المنظمة لهذه التظاهرة الرياضية، في تصريح للصحافة بعد نهاية السباق، شغف واهتمام الساكنة المحلية بهذه التظاهرة، منوها بالمشاركة الواسعة في نسخة هذه السنة التي تميزت بحضور عدائين دوليين مرموقين خاصة من إفريقيا، رغم أن الهدف من تنظيم هذه التظاهرة هو تنشيط المدينة وجعل الساكنة تشعر أكثر بأهمية ممارسة الرياضة وتشجيع الأبناء على الانخراط في المجال الرياضي.

وأضاف الكروج أن ما يناهز 5 آلاف شخص شاركوا في دورة 2018، من بينهم عداؤون من مستوى عال جاؤوا من عدة بلدان إفريقية، مشيرا إلى أن المشاركة الإفريقية المكثفة تتزامن مع عودة المملكة المغربية إلى الإتحاد الإفريقي.

وتابع الكروج "نجاح نصف ماراطون بركان هو إنجاز كبير بالنسبة لي وبالنسبة للمدينة وللمنطقة برمتها"، شاكرا السلطات المحلية، والمساهمين وعامة المشاركين وكل من ساهم في نجاح هذه التظاهرة، لأن "هذا ليس بالأمر السهل، حيث تطلب ذلك مجهودات كبيرة".

وأشار البطل العالمي والأولمبي في رياضة ألعاب القوى، إلى أنه انتظر مشاركة 7 آلاف مشارك، وهو ما تحقق متمنيا في الوقت ذاته بأن يرتفع عدد المشاركين في النسخة الخامسة التي ستجرى في 31 من شهر مارس من سنة 2019.

حدث رياضي للتعريف بالجهة الشرقية ومؤهلاتها الاقتصادية والسياحية والبشرية

7000 مشارك هو عدد المشاركين الذي حضروا انطلاقة بنصف ماراطون بركان الدولي في نسخته الرابعة، محطما رقما قياسيا خاصا بالمسابقة الدولية.

مشاركة متميزة لمختلف الأعمار نساء ورجالا، شيبا وشبابا، صغارا وكهولا ... الكل أبى في هذا اليوم إلا أن يكون حاضرا في نصف ماراطون بركان ويقاسم ساكنة المدينة هذا العرس الذي يعتبر مفخرة لبركان التي أنجبت رغم صغرها وبعدها عن المركز، أبطالا كبارا في مختلف الرياضات، ولعل البطل هشام الكروج أبرزهم.

نصف ماراطون بركان، جاب أهم الشوارع بالمدينة، مرورا عبر العديد من الحقول الفلاحية، باعتبار بركان مدينة فلاحية بامتياز، بما حباها الله به من مناظر خلابة، ما جعل مدار السباق يمر في أجواء صحية، أجمع الكل على أن الرابح الأكبر هي المدينة، ثم سكانها.

وفضلا عن الطابع الرياضي والاحتفالي لهذه التظاهرة، سعى المنظمون كذلك، إلى المساهمة في التعريف بالجهة الشرقية ومؤهلاتها الاقتصادية والسياحية وبما تزخر به من طاقات بشرية ورصيد لامادي ثقافي وتاريخي هائل، من خلال برمجة أنشطة اجتماعية من خلال تكريم مجموعة من الأبطال المغاربة المنحدرين من المدينةعرفانا وتقديرا عطاءاتهم الرياضية وكذلك تحفيزا لهم. واستثمار كل المداخيل التي سيحصدها النصف ماراطون في أعمال اجتماعية تعود بالخير على ساكنة الإقليم

وقد نجح المنظمون، في جعل هذه التظاهرة موعدا سنويا احتفاليا بامتياز، ليس فقط من حيث الكيف ولكن على مستوى الكم كذلك، من خلال مشاركة عدائين بارزين قادمين من العديد من البلدان، لاسيما من كينيا وإثيوبيا، في نصف الماراطون (097ر21 كلم)، فضلا عن سباق 10 كيلومترات، والذي منح المشاركين إمكانية التنافس في أجواء عائلية وبين الأصدقاء، وسط مشاركة نسائية مكثفة في السباقين.

كما برمجت اللجنة المنظمة التي ضمت مختصين وأطر وطنية تتمتع بتجربة غنية، يوم السبت سباقات خاصة بالفئات الصغرى، والهدف هو جعل نصف ماراطون بركان الدولي "سباق أحلام ومصدر إلهام للشباب"، على حد تعبير البطل العالمي هشام الكروج.

وكما راهن على ذلك مدير الدورة مومن عبد الناصر، فقد عرفت هذه النسخة العديد من المستجدات بدايةً من المطاف الذي أحدثت فيه تغييرات جعلته أجمل وأسرع للعدائين الذين كانوا يسعون لتحقيق أرقام جيدة لهم، كما أن المشاركة المجانية بالنسبة إلى الجميع شجعت على المشاركة.