هنري ميشيل الذي عرفته

هنري ميشيل الذي عرفته

هنري ميشيل الذي عرفته

 السعودية اليوم -

هنري ميشيل الذي عرفته

بقلم - بدر الدين الإدريسي

إذا كان تاريخ الفريق الوطني قديمه وحديثه يذكر بالخير وبكثير من الإمتنان والعرفان، ناخبين مغاربة وأجانب كانت لهم بصمتهم الفنية وحظهم الأوفر في بناء شخصية الفريق الوطني وفي كتابته لملاحم كروية هي من صميم الذاكرة الحية لكرة القدم الوطنية، فإن في طليعة هؤلاء الفرنسي هنري ميشيل الذي قضت إرادة الله عز وجل أن يرحل عنا، بعد أن أسلم الروح لبارئها أول أمس الثلاثاء، بعد سنوات قضاها الرجل في صراع مع المرض اللعين.

كان هنري ميشيل من اللاعبين المميزين الذين وصل صداهم إلى المغرب، كيف لا وهو من حمل شارة عمادة المنتخب الفرنسي على طول عقد سبعينيات القرن الماضي، وأيضا من الناخبين الوطنيين الذين عرفتهم وأنا أتابع مثل أبناء جيلي أحداثا كروية أولمبية وعالمية تردد خلالها إسم الرجل كمهندس لإنجازات خالدة في ذاكرة كرة القدم الفرنسية، من ذهبية أولمبياد لوس أنجليس الذي اقترن بالذهبيتين الأولمبيتين الأوليين  للمغرب بواسطة الأسطورتين نوال المتوكل وسعيد عويطة، ثم كان هنري ميشيل من أكثر الناخبين الوطنيين الذين عرفتهم عن قرب بحكم المهنة وقد تزامن مروره بعرين أسود الأطلس مع سنوات الوجع والقلق في إرساء دعائم مؤسسة «المنتخب» بعد الذي هاج عليها وقتذاك من ظروف صعبة.

كانت صدمة المغاربة سنة 1995، كبيرة جدا بفشل المدرب والناخب البرازيلي نونيز في تأهيل المغرب لنهائيات كأس إفريقيا للأمم لعام 1996 بجنوب إفريقيا، في أعقاب الخسارة الموجعة أمام فيلة كوت ديفوار بأبيدجان، وكان على اللجنة المؤقتة لتسيير الجامعة التي كان يقودها وقتذاك طيب الذكر الجينرال دو كور دارمي حسني بنسليمان، أن تبحث عن الرجل المناسب لظرفية صعبة كان الفريق الوطني المغربي يجتازها، وبحكم ما كان تاريخيا من نجاحات للمدربين الفرنسيين بالمغرب، سيهتدي حسني بنسليمان لإسم هنري ميشيل الذي كان لتوه خارجا من تجربة مضطربة مع نادي النصر السعودي بعد أن حقق في نهاية الثمانينيات مشوارا أنطولوجيا مع المنتخب الأولمبي الفرنسي وبعده مع المنتخب الفرنسي الأول الذي نال المركز الثالث في مونديال مكسيكو 86 والذي كان شاهدا على ملحمة الفريق الوطني بمونتيري وغولاداخارا.

وجد هنري ميشيل في المكان والزمان وفي الإرادة الجماعية من أجل تجاوز الإحباط، ما شجعه على ترتيب عرين الأسود وبناء فريق وطني من النواة الموجودة بشخصية الفريق المنتصر والمؤمن بقدراته، وبعد أن خاض ودية ثقيلة وقوية مع المنتخب التونسي المؤهل وقتذاك لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 1996، والتي كان فيها الفوز بثلاثة أهداف لهدف والأداء الجماعي الجميل محفزا على مواصلة ورش البناء، سيقترح هنري ميشيل على الجامعة اصطحاب الفريق الوطني إلى فرنسا لمعسكر مغلق إختار له منطقة "إيكس أون بروفانس" بضواحي مارسيليا مسقط رأسه، وحيث يرتبط بصداقة متينة مع أحد الأرمينيين الذي كان يملك مركزا تدريبيا يستجيب لكل شروط التحضير الإحترافي.

ذاك المعسكر هو الذي سيعرفني لأول مرة بهنري ميشيل، فقد أمضيت إلى جانبه قرابة أسبوعين من الزمان، أرصد لحظة بلحظة ما كان الرجل يبذله من جهد لإنجاح ورش البناء، بخاصة وأن المعسكر تزامن وقتها مع شهر رمضان وكل اللاعبين صيام.

وفوق ما وقفت عليه من احترافية وانضباط في إدارة هذا المعسكر ليحقق ما هو منتظر منه، فقد أبهرتني شخصية الرجل الواثق لحد الخيلاء بنفسه وبمنظومة اشتغاله، هو من يعتبر الإبن الشرعي لميشيل هيدالغو الذي سيعمل لاحقا مديرا تقنيا مع الجامعة والذي يوصف بأحد عظماء كرة القدم الفرنسية، فما وجده اللاعبون في هنري من روح مرحة ومن روح الأبوة على الخصوص، جعلهم يقبلون على العمل البدني والتكتيكي المضني بلا إبداء أي تورم أو تأفف.

ولست بحاجة لأن أعدد لكم الأشياء الرائعة التي تحققت للكرة المغربية وللمنتخب الوطني بعد ذلك، بوصوله لكأس العالم 1998 بفرنسا وبصعوده للمرتبة 13 في التصنيف العالمي، وبما أجهضته في الطريق لوبيات معادية للنجاح، هي ما دفعته للإستقالة من منصبه غداة العودة من نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2000، بسبب ما جهر به على الملأ، من أنه تعرض لذبح إعلامي أنجز للأسف تحت الطلب.

ذاك هو هنري ميشيل الذي عرفته ولم أسرد من ذلك إلا القليل القليل.   

 

alsaudiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هنري ميشيل الذي عرفته هنري ميشيل الذي عرفته



GMT 12:00 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

وحيد .. هل يقلب الهرم؟

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 12:43 2018 السبت ,29 أيلول / سبتمبر

ملاعب منسية

GMT 09:23 2018 السبت ,29 أيلول / سبتمبر

صناعة الرياضي اﻷولمبي

إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab