الفشل العراقي ضد الفساد

الفشل العراقي ضد الفساد

الفشل العراقي ضد الفساد

 السعودية اليوم -

الفشل العراقي ضد الفساد

بقلم: القاضي رحيم العكيلي

يخسر العراق منذ سنين في معركته ضد الفساد مليارات الدولارات،بعضها سرقات مباشرة من موازنة الدولة،ويعضها نهب لاملاك الدولة كعقاراتها ومعاملها والمشاريع الصناعية والاستثمارية فيها،وبعضها نهب لثرواته التي لم تدخل للموازنة بعد،كالنفط الخام من الابار،وبعضها تفريط في جمع واردات الدولة كالضرائب والرسوم والكمارك ،فضلا عن (الاتاوات والكومشنات) من الشركات والمقاولين والمستثمرين والمواطنين،وغيرها من صور الكسب غير المشروع.بل كان الفساد سببا مباشرا في تسليم ثلث ارض الدولة الى منظمة ارهابية باغية.

والعراق-رغم ذلك-عاجز عن احراز اي تقدم واقعي في ميدان منع الفساد ومكافحته،رغم ان الكتل والاحزاب السياسية ترفع كلها- في كل الانتخابات التي جرت-شعار مكافحة الفساد في برامجها الانتخابية،ورغم ان الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 كانت تضع مكافحة الفساد في مقدمة اولوياتها ضمن برنامجها الحكومي الذي تنال الثقة من البرلمان وفقا له،ورغم ان البرلمان صادق على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد منذ 2007 وتبنى قوانين عديدة تصب في منع الفساد او مكافحته،ورغم وجود ثمانية جهات رقابية اختصاصية مهمتها محاربة الفساد(هيئة النزاهة-ديوان الرقابة المالية-مكاتب المفتشين العموميين-البرلمان ولجنة النزاهة فيه- القضاء-جهاز الادعاء العام -مكتب غسل الاموال-المجلس المشترك لمكافحة الفساد)  .

فما هو السر خلف ذلك؟
ان الفشل في مكافحة الفساد في العراق تقف خلفه مجموعة طويلة ومعقدة من العوامل والعناصر والمسببات،انما لتلك العوامل والعناصر والمسببات امهات ثلاث:-

1- انعدام الارادة السياسية ضد الفساد :- وهذا يجعل شعار مكافحة الفساد في البرامج الانتخابية وبرامج الحكومات كذبة سمجة،لا يقصد منها سوى خداع الشعب،الذي صدق ما لا يقبل التصديق وهو ان يكافح الفساد نفسه،فالاحزاب والكتل السياسية متورطة في النهب والرشاوى والسرقات-وهي تقر بذلك علنا-فكيف تكافح نفسها وتسترد اموال الفساد من خزائنها وخزائن قياداتها،لذلك تجد الفساد محميا في العراق وله من يدافع عنه سياسيا واعلاميا وطائفيا ودينيا،اما جهات مكافحة الفساد فتجد غالبا من يعاديها ويشوهها وويسعى لافسادها ويمنع الدعم عنها ويفت بعضدها.

2- تراجع سيادة القانون:-فلا يسري القانون في العراق الا على غير النافذين وغير حاملي المدافع الرشاشة،لذلك لم يساءل فاسد كبير واحد رغم حجم الفساد والسرقات المهول،لان القضاء والادعاء العام كان-بسبب فساده وخضوعه وتخاذله واختياره السلامة وتجنب الاصطدام-جزء من المشكلة وليس جزء من الحل،فأدى افلات الفاسدين من العقاب وتمكنهم من تمتعهم باموال الفساد دون منغص الى تفاقم مشكلة الفساد لان ذلك شجعهم على ارتكاب سرقات اضافية،وشجع غيرهم لارتكاب افعال مماثلة.

3- انعدام الشفافية :-فلا احد يدري كم هي الواردات وما هي المصروفات، ولماذا واين تصرف؟،والانفاق صلاحية مزاجية لرئيس الوزراء والوزراء بلا اسس ولا ضوابط لان القوانين موجودة على الورق فقط،لذلك هم يصرفون ما يشاؤون على ما يريدون وبالطريقة التي يرغبون، وبدون ان يكون من حق احد ان يطلع على ذلك من الشعب والاعلام،لان اوراق الحكومة سرية ، فالحكومة لسيت وكيل على الشعب لكنها متفضل عليه،لذلك كانت حماية الفساد بالسرية تتعاضد مع حمايته السياسية لتكون اقوى حصن لمنع الايقاع بالفاسدين والفساد.

فأذا كان السيد العبادي جادا في مكافحة الفساد فننتظر منه ان يعلن للناس والاعلام الحقائق عن كل دينار صرف او سيصرف لاحقا،وان يجعل الفساد مشروعا عالي المخاطر عن طريق دعم الجهات الرقابية وتقويتها خصوصا هيئة النزاهة،وان يرفع الحماية السياسية والتنفيذية عن كبار الفاسدين بضمنهم اسوء واكبر الفاسدين في حزبه، وان يتبنى خطوات جادة لاصلاح القضاء وتقويته وضمان استقلاله وحياده وتنقيته من الفساد والتخاذل.

alsaudiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفشل العراقي ضد الفساد الفشل العراقي ضد الفساد



GMT 12:29 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

مقاربة انتخابية

GMT 15:42 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

غمس سبابتك بقلب أخيك؛ أم توقدها لتنير الطريق

GMT 18:38 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الوحدة الوطنية التي نريدها

GMT 12:03 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

اعتدال أردني في عالم مضطرب

GMT 23:04 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أزمة كردستان مع بغداد .. إلى متى ؟

إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab