هشاشة الدبلوماسيّة المغربيّة وحياد موريتانيا في ملف الصحراء

هشاشة الدبلوماسيّة المغربيّة وحياد موريتانيا في ملف الصحراء

هشاشة الدبلوماسيّة المغربيّة وحياد موريتانيا في ملف الصحراء

 السعودية اليوم -

هشاشة الدبلوماسيّة المغربيّة وحياد موريتانيا في ملف الصحراء

عبدالرحيم العكزي

إن الصراع المُفتعل في الساحل والصحراء، هو من المُخلّفات الإستراتيجيّة التي تعود للسياسة الاستعماريّة الإسبانيّة في المنطقة، بقصد تعزيز ودعم استدامة مصالح الدولة المستعمرة رغم احتدام الصراع الإقليميّ، وتأمين التبعيّة للغرب وتكريس التخلّف لدى حُكّام وإدارات المنطقة.
والصراع الإقليميّ في المنطقة المغاربيّة مفتعل وتُساهم فيه الدول كافة كما تتضرر منه شعوبها بشكل مباشر، والشعب المغربيّ هو أكبر متضرر، فإسبانيا لم تخرج من المغرب كما خرجت فرنسا، بل خلّفت وراءها مشروع الانقسام الترابيّ للمغرب من الشمال ومن الجنوب، وهو ما يجعل قضية الوحدة في المغرب قضية جدّ معقّدة، " فالمغاربة باختلافاتهم الثقافية والعرقيّة، لا ولن يوحّدهم سوى الملك بحكم الوازع الدينيّ والنسب الشريف، ونحكم على تشابك وتعقد القضية الوطنية اعتمادَا على بعدين:
1- احتكار المخزن المغربيّ لقضية الوحدة الترابية وتغيبه لعموم الشعب، كأنها قضية إدارة فقط، وليس للشعب دور سوى التجمهر والإدانة حينما يُطلب منه ذلك، وهي وضعية تفتح المجال للاسترزاق على المال الذي يضخّه الشعب المغربيّ، وتنمي حركة المسترزقين واتساع سوق شراء الذمم والمتاجرة بهموم الشعوب، وصحة هذا البعد تتمثّل في:
* المؤسسات الدبلوماسيّة لا تتفاعل مع الثقافة المعادية للوحدة الترابية خصوصًا في الدول الغربيّة، التي يدعم بعضها - والمغرب يعرف ذلك- قيام ما يُسمّى بـ"الجمهوريّة العربيّة الصحراويّة".
*  غياب المبادرة الدبلوماسية للعمل على تكثيف حملات الضغط على الأطراف المعادية لوحدة المغرب وحشد تأييد المنتظم الدوليّ.
2- ضبابية الإرادة السياسيّة وخوفها من أن تكون الوحدة الترابيّة قضية شعب بامتياز، ونفسر ذلك بـ:
* كون  90% من الشعب المغربيّ لا يعرف المعطيات المهمّة والشاملة للقضية، لأن الأجيال المتعاقبة لم تتربى عليها سواء داخل البيت أو في المدرسة لاعتبارات سياسيّة.
* تقاعس البعثات الدبلوماسيّة المغربيّة في الخارج، وعدم إقبالها على تسويق المشروع المغربيّ في الصحراء، لأنها لم تتوصل إلى قرار.
وتلك هي المداخيل الأساسيّة التي تقوي حظوظ الأطراف المفتعلة للنزاع في الأقاليم الجنوبيّة، خصوصًا موريتانيا، فالشعب الموريتانيّ يميل أكثر للصداقة والأخوة مع الشعب المغربيّ من غيره في المنطقة، نظرًا للعلاقات التاريخيّة التي تأسّست على علاقات القرابة، والمشترك الثقافيّ المتجسّد في الثقافة الحسانية كمظهر جليّ، والحسابات السياسيّة مع دولة موريتانيا، لم تُحسب من طرف الإدارة المغربيّة، التي لم تتحرك بعد لاستثمار حياد موريتانيا المبني أساسًا على:
1.   رفض مبدئيّ لقيام ما يُسمّى بـ"الجمهوريّة العربيّة الصحراويّة"، كمشروع استعماريّ مستدام، سيتخذ من وحدة واستقرار موريتانيا موضوعًا له بعد المغرب.
2.    التوفيق بين الصراع المفتعل والانتصار للفئة التي دافعت بشكل منطقيّ عن مقترحاتها، وساهمت في بناء مشاريع الحزب الحاكم.
ويعلم الشعب الموريتانيّ علم اليقين، أن "جبهة البوليسايو" هي جماعة مدنيّة "تعسكرت" واستغلت المتغيرات الدوليّة ونبل توجهات حقوق الإنسان، وعملت بشكل كبير على الانتشار واكتساح الساحة الدوليّة مطالبة بالتحرّر، مما تعتبره "استعمارًا مغربيًّا" بفضل سيولة حقوق الشعب الجزائريّ من الغاز الطبيعي، والمساحة التي استولت عليها العصابة لتُجبر عائلات صحراويّة مغربيّة وموريتانيّة (مغربية الأصل) على الولاء والطاعة، بعد سلب حرياتهم الفرديّة واغتصاب نسائهم ووأد بناتهم وبتر خصوبة رجالهم، فهو موقع إستراتيجيّ للعصابة والمجموعات الطائفة لبناء خطط وإستراتيجية "إرهابيّة" في منطقة الساحل والصحراء، سيتضرّر منها المواطن الصحراويّ الذي اتخدته العصابة موضوعًا للمُتاجرة السياسيّة والدبلوماسيّة.
وعلى المغرب، ومن أجل تتويج النهج الدبلوماسيّ، أن يعمل من أجل:
1.   نهج مقاربة اجتماعيّة بدلاً من المقاربة الأمنيّة والقطع مع مشروع الإيتوات والإحسان لأبناء المنطقة، فإما أن نكون مغاربة من دون مقابل أو نخون الوطن بمقابل.
2.   تصحيح الممارسات الإدارية المقدمة إلى الصحراويّين، خصوصًا في القطاع العام والأمن والتعليم والعدل، حتى لا يقوى الانفصال في الداخل.  
3.   تربية النشء على القضية الوطنية، ومواكبة مغاربة العالم من أجل القيام بأدوار دبلوماسيّة موازية.   
4.   استثمار حياد دولة موريتانيا، فهي الورقة الرابحة ومن كسبها كسب الحقيقة، والفاعلون في دولة موريتانيا يعلمون ويضمرون في نفوسهم حقيقة مغربيّة الصحراء، لغايات معينة.
يكفي.. فقد ضاع جيل بأكمله في وهم حركة طائفة مدفوعة الأجر، وقد فقد الشعب المغربيّ والجزائريّ ملايين وبلايين من مالهم العام، تكفي لتأسيس قوة عالميّة في شمال أفريقيا، ولتكون الدول المغاربيّة قطب الازدهار الاقتصاديّ والاستقرار الاجتماعيّ المستقلّ.
وتُلقى على عاتق  الأمم المتحدة مسؤولية المغاربة المحتجزين في مخيمات تندوف، إذ أنها لم تسعى بالشكل المطلوب إلى تسوية النزاع، ولم تقف بالشكل الذي يخدم حقوق الإنسان في كونيتها على الوضعيات اللاإنسانية التي تحتضها الأراضي الجزائرية مند 40 عامًا، 40 عامًا من الاحتجاز القسريّ، من الاتّجار بهموم البشر، 40 عامًا من ترحيل الأطفال واغتصاب النساء والرجال، وهي خروقات تعرفها أجهزة الأمم المتحدة، وبإمكانها وضع حد لها في غمضة عين، لكن البحث عن موطئ قدم للقوى العظمى الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة هو الذي يُشرعن التأجيل والتماطل، حتى تختمر الصيغة التي ستستولي بها تلك الدول على المنطقة، قد يكون بدعوى "محاربة الإرهاب" كما وقع في العراق، وإذا كانت تلك دعواهم، فمنطقة تندوف غير محكومة بأي قانون دوليّ، والحركات الطائفيّة جميعها التي تستفزّ أمن دول الساحل والصحراء، تتخذ منها وكرًا لها، إذن تدخّلوا واحموا حقوق الإنسان كما تزعمون.

alsaudiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هشاشة الدبلوماسيّة المغربيّة وحياد موريتانيا في ملف الصحراء هشاشة الدبلوماسيّة المغربيّة وحياد موريتانيا في ملف الصحراء



GMT 12:52 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

قرار المحكمة الصهيونية مخالف للقانون الدولي

GMT 18:56 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 10:35 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

GMT 09:10 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ٰ مواطن يمني يبحث عن وطن بدون حواجز

GMT 10:58 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

وذهب.. سوار الذهب!!

GMT 12:24 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

"عقار جودة" وتسريب الأراضي الفلسطينية إلى المستوطنين

إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab