دمشق- العرب اليوم
تبدو إيران في عجلة من أمرها لتكريس نفوذها في سوريا، وهو ما يترجمه إصرارها على إبقاء جبهة الغوطة الشرقية مفتوحة رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي أرسته روسيا، وأيضا التقدم صوب الشرق السوري وأخيرا وليس آخرا العملية العسكرية التي أطلقها ذراعها العسكري حزب الله في القلمون الغربي وجرود عرسال والتي على ما يبدو تصب في صالحه.
ويقول خبراء استراتيجيون إن الهستيريا الإيرانية المسجلة في أكثر من جبهة ناجمة عن المخاوف الطارئة من التقارب الروسي الأميركي بشأن سوريا، والخشية من أن يتم سحب البساط منها.
ويشكل تحجيم النفوذ الإيراني أولوية بالنسبة إلى الولايات المتحدة في سوريا وهي ترى أن التعاون مع روسيا قد يكون الخيار الأفضل لتحقيق ذلك.
بالمقابل تسعى موسكو إلى تسريع المسار التسووي في سوريا وهي تعلم أن ذلك لن يكون دون إيجاد أرضية مشتركة مع الولايات المتحدة.
وظهرت معالم التقارب الروسي الأميركي في قفز موسكو على اتفاق أستانة الذي طرحته بنفسها ووقّعته معها كل من تركيا وإيران، وإعلانها مع الولايات المتحدة عن اتفاق لوقف إطلاق النار في جنوب غربي سوريا، ليتمدد إلى الغوطة الشرقية بعد مفاوضات ماراطونية احتضنتها مصر وأعلن عنه السبت.
اتفاق الغوطة الشرقية على خلاف الجنوب لا يبدو أنه سيصمد، حيث سجلت الأحد العديد من الخروقات مصدرها النظام الذي يحاول الالتفاف على ما يبدو على الاتفاق.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأحد إن طائرات حربية تابعة للحكومة السورية نفذت ضربات جوية في منطقة الغوطة الشرقية شرقي دمشق.
وأوضح أن ست ضربات جوية استهدفت مدينة دوما وبلدة عين ترما في الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة. ولم يصدر أيّ تعليق من الحكومة أو الجيش.
وكانت روسيا من تولت الإعلان عن وقف كامل لإطلاق النار في الغوطة وعدم دخول أي قوات تابعة للنظام السوري إلى المنطقة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، بيد أن الجيش السوري أعلن السبت عند بدء سريان التنفيذ الاتفاق أن هذا الوقف يتعلق ببعض المناطق، دون أن يحددها.
ويرى مراقبون أن موقف دمشق على ما يبدو متاثرا بموقف طهران الرافض للاتفاقات الثنائية الأميركية الروسية الرامية إلى تحجيمها.
ويقول متابعون إن فصائل المعارضة الموجودة في الغوطة- وأبرزها جيش الإسلام وفيلق الرحمن- ستحرص على عدم الانسياق خلف الاستفزازات باعتبار أن هذا الوقف لإطلاق النار يصب في صالحها في ظل حالة الضعف التي تمر بها. ورحب فيلق الرحمن باتفاق الغوطة. واعتبره “امتداداً لاتفاق وقف إطلاق النار في جنوب غرب سوريا”، في إشارة إلى الهدنة التي بدأ تطبيقها في التاسع من الشهر الحالي في محافظات درعا والسويداء والقنيطرة.
ومعلوم أن إيران، وعلى خلاف الجنوب لها ثقل كبير في ريف دمشق والوسط السوري وهي تسعى إلى الحفاظ على إنجازاتها في هذين الجزئين مع التمدد شرقا لتشكيل حزام أمني يربط بين العراق وسوريا ولبنان، حيث يفرض ذراعها الأقوى حزب الله نفوذه هناك.
وحقق الحزب اللبناني بدعم من الجيش السوري تقدّما مهما في المعركة التي يخوضها ضد فصائل مقاتلة في القلمون الغربي وجرود عرسال، وهذا يعني أن الأهداف الإيرانية في هذا الجزء تتحقق.
ووفق معلومات أوردتها وكالة الأنباء اللبنانية فإن أكثر من 70 بالمئة من جرود عرسال التي كانت تحت سيطرة “جبهة النصرة” سقطت بيد حزب الله، وسط أنباء عن التوصل لتفاهمات بشأن انسحاب سرايا أهل الشام التابع للجيش الحر من المنطقة، فيما تستمر المفاوضات مع النصرة وسط توقعات بإمكانية أن تضطر الأخيرة للقبول بالانسحاب في ظل تآكل الرقعة الجغرافية التي تسيطر عليها.
ويرى مراقبون أن واقعا جديدا يتشكل على حدود لبنان وسوريا، يصب في صالح إيران، وهذا يعتبر تحديا كبيرا ليس فقط على الدولة اللبنانية التي تكاد تكون غائبة عن الصورة بل على المنطقة ككل.
تسارع وتيرة العمليات العسكرية التي ترعاها إيران، يسجل أيضا في شرقي سوريا حيث بات الجيش السوري والميليشيات الإيرانية اليوم على أعتاب نهر الفرات.
وذكرت وحدة الإعلام الحربي، التابعة لحزب الله، أن القوات الحكومية السورية وحلفاءها انتزعوا السيطرة على أراض من تنظيم الدولة الإسلامية في ريف جنوب شرق مدينة الرقة معقل التنظيم وذلك بعد ضربات جوية بالمنطقة.
وأضافت الوحدة أن القوات السورية تقدّمت باتجاه الحدود بين محافظتي الرقة ودير الزور في وقت متأخر من ليل السبت الأحد.
وسيطر الجيش أثناء التقدّم على حقل نفطي بمنطقة السبخة.
ومن النادر أن تتقدّم القوات السورية في هذه المنطقة التي تقع بالقرب من أراض يسيطر عليها تحالف قوات سوريا الديمقراطية الذي يهيمن عليه الأكراد ويحارب الدولة الإسلامية بدعم من الولايات المتحدة.
وبهذه الخطوة يقترب الجيش السوري والميليشيات الإيرانية أيضا من دير الزور التي تعتبر إيران هذه المحافظة حجر الأساس في خطتها لوصل العراق وسوريا ولبنان.
ويرى مراقبون أن روسيا ورغم تحالفها مع إيران بيد أن أهدافهما تتباعد شيئا فشيئا، سيتعزز هذا الواقع مستقبلا، وهذا بالتأكيد سينعكس على النظام السوري.