أفاد مسؤول أمريكي كبير أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ظل حتى اللحظة الأخيرة يتخوف من فشل مفاوضات جنيف حول الملف النووي الإيراني، كاشفا أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه هو أيضا ثمرة مفاوضات سرية بدأت قبل أشهر في سلطنة عمان. ومساء الاثنين عاد كيري إلى الولايات المتحدة بعد مشاركته في مفاوضات جنيف ومن ثم في اجتماعات في لندن، وبانتظاره الآن مهمة شاقة تتمثل في إقناع الكونغرس بصواب الاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف ليل السبت الأحد بين إيران والدول الست الكبرى (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا وألمانيا) حول البرنامج النووي الإيراني. وعلى متن الطائرة التي عادت بالوزير والوفد المرافق إلى الولايات المتحدة قال المسؤول الكبير في الخارجية الأمريكية لصحافيين في عداد الوفد طالبا منهم عدم ذكر اسمه أن "خطة العمل" التي تم التوصل إليها بين إيران ومجوعة الست ليست ثمرة مفاوضات جنيف وحسب بل إن الإعداد لها بدأ قبل أشهر خلال مفاوضات سرية جرت في سلطنة عمان بين مسؤولين من البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية من جهة وآخرين إيرانيين من جهة ثانية. وأضاف أن سلطنة عمان، الدولة الخليجية الوحيدة التي تربطها علاقات جيدة مع إيران، قامت بدور وساطة بالغ الأهمية، مضيفا أن كيري كانت له، حتى قبل توليه مهام وزارة الخارجية في الأول من شباط/ فبراير، أي حين كان رئيسا للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، اليد الطولى في إطلاق هذه المفاوضات السرية. لقاءات مباشرة بين مسؤولين أمريكيين وإيرانيين وأوضح أن إدارة أوباما كلفت السناتور كيري، خلال زيارة قام بها إلى مسقط، استطلاع الأجواء لمعرفة ما إذا كان مسؤولو السلطنة يرغبون في المساعدة في تسهيل حصول محادثات مباشرة بين الأمريكيين والإيرانيين. ولكن المصدر لم يوضح ما إذا كان كيري قد التقى أيا من المسؤولين الإيرانيين قبل اللقاء العلني الذي جمعه بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف في أيلول/ سبتمبر على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وكان مسؤول أمريكي آخر تحدث خلال نهاية الأسبوع المنصرم عن حصول "عدد قليل من اللقاءات الثنائية مع الإيرانيين منذ انتخاب الرئيس (الإيراني حسن) روحاني" في حزيران/ يونيو، مؤكدا بذلك ما سبق وكشفه موقع "المونيتور". وكان "المونيتور" نقل عن مسؤولين أمريكيين آخرين أن اللقاءات المباشرة بين الأمريكيين والإيرانيين جرت "مرات عدة" وتولاها عن الجانب الأمريكي كل من المسؤول الثاني في الخارجية وليام بيرنز، كبير المفاوضين السابق حول الملف النووي الإيراني، وجيك ساليفان مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس جو بايدن. "موسم الأعمال لم يفتح في إيران" من ناحية أخرى، أكد مسؤول كبير في وزارة الخزانة الأمريكية الاثنين أن رفع العقوبات الجزئي عن إيران الذي تقرر بموجب اتفاق جنيف لا يعني أن "موسم الأعمال" مع هذا البلد قد فتح أو أن الاقتصاد الإيراني سيشهد تحسنا كبيرا. وقال المسؤول طالبا عدم ذكر اسمه إن "أي شركة أو أي مصرف أو أي وسيط يظن أن موسم الأعمال في إيران قد فتح هو مخطئ كثيرا". وأضاف أن رفع العقوبات الجزئي المنصوص عليه في الاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف بين إيران والدول الست والبالغة قيمته حوالي ستة أو سبعة مليارات دولار، حصة الإجراءات الأمريكية منها 2.4 مليار دولار، هو "برنامج جد متواضع". وأوضح انه "قياسا إلى حجم الضائقة الاقتصادية التي تمر منها إيران حاليا، فإن الأثر الاقتصادي لهذا التخفيف ضئيل". وأشار المسؤول الأمريكي إلى ان إجمالي الناتج المحلي الإيراني تقلص بنسبة 5 في المائة في 2012 وسيفعل الأمر نفسه هذا العام بنفس النسبة تقريبا، في حين فقد الريال الإيراني حوالي 60 في المائة من قيمته في غضون عامين "وحتى إذا ارتفع قليلا" بفضل الاتفاق "فهو لن يعود إلى المستوى الذي كان عليه قبل عام ونصف". وينص الاتفاق المبرم في جنيف خصوصا على وقف إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد عن 5 لستة أشهر وتعليق أنشطة مفاعل المياه الثقيلة في اراك الذي قد ينتج البلوتونيوم اللازم لصناعة القنبلة النووية وضمان وصول المفتشين الدوليين إلى المواقع الحساسة.