عمان _ العرب اليوم
أكّد فريق راصد لمراقبة الانتخابات البلدية التي جرت في الأردن، الثلاثاء، وجاء في التقرير أن الصالات الرياضية المخصصة للاقتراع والفرز شهدت فوضى عارمة، ومخالفات جسيمة ارتكبها كل من لجان الاقتراع والفرز والناخبين ومندوبي المرشحين والمرشحين أنفسهم، حيث عمل تدفق الناخبين الكبير وغير المتناسب مع البنى التحتية المخصصة إلى الحد من قدرة كوادر الهيئة المستقلة للانتخاب على فرض الإطار القانوني.
وقال التقرير الذي أعلن عن نتائجه الأربعاء، إن مراقبي راصد وثقوا عددًا كبيرًا نسبياً من حالات عدم التزام اللجان بآليات الاقتراع القانونية، مثل شطب أسماء المقترعين من السجلات الورقية والإلكترونية وممارسة الناخبين للتصويت أكثر من مرة، بالإضافة إلى خروقات السرية الانتخابية والتصويت الجماعي، كما تم توثيق اختلالات تتعلق بنزاهة عمليات عد الأصوات وفرزها في تلك المراكز، وهي المرحلة التي تميزت بالفوضى التي حدت من قدرة مندوبي المرشحين على تتبعها بدقة وتقديم الاعتراضات على ما يشوبها من مخالفات بصورة لحظية.
وكشف راصد خلال مؤتمر صحافي، عن مجموعة من الفيديوهات والصور وثقت مجموعة من الانتهاكات التي شهدتها عملية الاقتراع والفرز، وأظهر التقرير مجموعة من المقارنات بين الإجراءات التي تضمنتها عملية الاقتراع والفرز مع المعايير الدولية الناظمة للعملية الانتخابية حيث بينت المقارنات فيما يخص معيار النزاهة أن العملية الانتخابية في عدد محدود من مناطق المملكة قد شابها مخالفات ذات أثر سلبي حاد على النزاهة الانتخابية، حيث لم تكشف نتائج تحليل بيانات المراقبة الميدانية عن أي أنماط تشير إلى توجه ممنهج من قبل الهيئة المستقلة للانتخاب للتلاعب بمخرجات الانتخابات البلدية واللامركزية، كما بيّن التقرير أن الاختلال التنظيمي تسبب بوقوع الكم الأكبر من انتهاكات النزاهة كانت ذات أثر عالي الحدة ارتبطت بسوء توزيع الناخبين على مراكز الاقتراع، وخاصةً في كل من مجلس أمانة عمان الكبرى وكل من بلديتي الزرقاء الكبرى وإربد الكبرى، وفيما يخص قضية الاعتداء على غرف وصناديق الاقتراع في منطقة الموقر، فيرحب فريق راصد بقرار الهيئة المستقلة بإلغاء نتائج الانتخاب وإعادة الانتخاب قريباً، بعد توثيقها من وقوع انتهاكات ذات أثر حاد في 7 من أصل 12 غرفة اقتراع.
ويُنتظر عرض تفاصيل مخرجات التحقيقات المختصة لتحقيق مبدأ الشفافية الانتخابية، إلا وأنه في السياق ذاته، يرى فريق راصد بأن المخالفات التي وقعت قد نتجت عن ضعف في التخطيط الجيد والمسبق من قبل الهيئة والجهات ذات العلاقة، نظراً إلى أن تلك المنطقة تتميز بحساسية انتخابية معروفة وسهولة التنبؤ باحتمالات وقوع الاعتداءات بسبب التوتر الانتخابي المعتاد، أما بما يتعلق بالعدالة الانتخابية فقد تمحورت أبرز الاختلالات المتعلقة بالعدالة الانتخابية بسوء توزيع الناخبين على مراكز الاقتراع وضعف القدرات التنظيمية كما هو الحال في باقي المؤشرات، حيث أن تفاوت المجهود والزمن اللازم لإتمام عملية الاقتراع ما بين مراكز الاقتراع في الدائرة الانتخابية ذاتها قد عمل على الحد من تحقيق العدالة وخفض نسب التصويت في العديد من المناطق ذات الكثافة الانتخابية العالية.
وسجل فريق التحليل الإحصائي الخاص بتحالف راصد تفاوتاً في المدة الزمنية اللازمة لإتمام الاقتراع للناخب الواحد ما بين 3 دقائق في بعض المراكز و١٥٠ دقيقة في مراكز مجاورة في الدائرة الانتخابية الواحدة، وعمل ذلك على الحد من تمكن فئات ديمغرافية معينة من ممارسة حقهم بالاقتراع، مثل ذوي الاحتياجات الخاصة والسيدات وكبار العمر، ومن القضايا المهمة المرتبطة بهذه التشوهات وأثرها على مخرجات العملية الانتخابية، إذ أنها منحت أفضلية للمرشحين والتكتلات ذوي القواعد الانتخابية المتميزة بدرجة أكبر من الدافعية الانتخابية، مثل التكتلات السياسية الأيدولوجية، حيث أن الناخب في أي مكان في العالم يمتلك دافعية أكبر لممارسة الاقتراع تمكنه من تحمل فترات الانتظار الطويلة والتدافعات والبنى التحتية الضعيفة في مراكز وغرف الاقتراع، بينما يمتلك الناخب العادي متوسط دافعية انتخابية أدنى معيارياً.
وتضمن التقرير فيما يخص معايير حرية الإرادة الانتخابية للمقترعين، أن معظم الخروقات التي شهدها مراقبو رصد حول خرق السرية الانتخابية واستغلال الحاجة المادية للناخبين من خلال شراء الأصوات، وسجل فريق المراقبة الميدانية عدد كبير من حالات التصويت المعلن وادعاء الأمية والاقتراع الجماعي في معظم الدوائر الانتخابية وخاصة في الصالات الرياضية، والتي شهدت الكم الأكبر من نسب خرق سرية الاقتراع. وخلص فريق التحليل الإحصائي إلى أن نسب تلك المخالفات قد تناسبت طرداً مع عدد الناخبين المسجلين في مركز الاقتراع الواحد وتدفقهم خلال فترة الاقتراع، أما بما يتعلق بحيادية الإدارة الانتخابية، خلص فريق التحليل إلى أن الإدارة الانتخابية المركزية (الهيئة المستقلة للانتخاب) مارست معظم مهامها بحياد تام، وأن معظم الاختلالات التي تم تسجيلها قامت عليها بعض كوادرها المحلية من لجان اقتراع وفرز وغيرها.
وسجل مراقبو التحالف عدد محدود من حالات الانحياز الواضح للجان الاقتراع والفرز لصالح مرشحين بعينهم، حيث سمحت بعض اللجان لمندوبي بعض المرشحين بالتواجد عند المعازل الانتخابية، بينما منعت بعضهم. علماً بأنه لا يجوز تواجد أي شخص غير المقترع بالتواجد عند المعزل إلا في حالات استثنائية لا يمتلك فيها الناخب القدرة الكافية على ممارسة الاقتراع لوحده. كما تم رصد عدد محدود من رؤساء وأعضاء لجان فرز قاموا بتوجيه الناخبين للتصويت لمرشحين يناصرونهم، وذلك من خلال الطلب المباشر بالتصويت لمرشح بعينه أو مدح المرشح أمام المقترعين للتأثير على سلوكهم التصويتي، وتضمن التقرير مجموعة من التوصيات التي قدمها راصد للهيئة المستقلة للانتخاب ومنها ضرورة مراجعة كافة الخروقات الانتخابية ومحاسبة المقصرين في أداء واجبهم من كافة الجهات والتعامل مع هذه الأمر بشفافية واضحة ذلك للتأسيس لمرحلة انتخابية في الحد الأدنى من الخروقات، وضرورة إعادة النظر في سياسة اعتماد مراكز الاقتراع وطريقة توزيع الناخبين على مراكز الاقتراع وفقاً لأسس واضحة وشفافة وتتماشى مع عدالة العملية الانتخابية، وأهمية مراجعة الإطار القانوني الناظم للعملية الانتخابية سواء للبلديات او مجالس المحافظات بما يضمن عدالة التمثيل ويضمن دوراً أكبر للأحزاب السياسية ويضمن أيضاً توسعة للدوائر الانتخابية على أن يعالج هذا التعديل القانوني كافة التشوهات الإجرائية التي ظهرت خلال فترة تنظيم العملية الانتخابية خاصة تلك المتعلقة بمشاركة المرأة.