ظاهرة "التشرميل"

تطرّق مدير الشؤون الجنائية والعفو في وزارة العدل والحريات المغربيّة، محمد عبد النباوي، خلال الكلمة الافتتاحية للندوة العلمية التي نُظِّمت، الجمعة، بشأن موضوع "تطوّر الجريمة في المغرب وآليّات حماية الأمن المجتمعي"، التي نظمتها محكمة الاستئناف في الرباط، إلى أن ظاهرة "التشرميل" التي ظهرت أخيرًا في المغرب، والتي استنفرت الأجهزة الأمنية، ودفَعَت الملك إلى توجيه تعليمات إلى المسؤولين الأمنيين للتعامل معها بحزم، أنها ظاهرة جعلت المواطن المغربي يشعر بمدى أهمية استتباب الأمن، ومحاربة جميع مظاهر الإجرام، مبيّنًا أن الآباء أصبحوا غير قادرين على ضبط سلوكيات أبنائهم.
من جهته، اعتبر رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية في ولاية الأمن في الدار البيضاء عبد الإله السعيد، أن الشباب الذين كانوا يظهرون في الصور المنشورة على المواقع الاجتماعية، غالبهم لم تكن له سوابق، وإنما انساقوا وراء الظاهرة، من باب التباهي مع أقرانهم، واصفًا تصرُّفهم بـ"السذاجة غير المحسوبة العواقب"، كما أن الظواهر الإجرامية في المغرب، حسب السعيدي، بدأت تتسم بالجرأة، من خلال تقليد ومحاكاة الجرائم الدخيلة على المجتمع المغربي، خصوصًا في ظل التطور الذي تعرفه وسائل التواصل الحديثة، موضحًا أن الحد من الجريمة يقتضي معالجة أسبابها، واستئصالها من جذورها، وإلا فسنظل ندور في حلقة مفرغة، خاصة وأن عدد القاصرين المتعاطين للجريمة في تزايد، والشيء ذاته بالنسبة إلى حالات العود في جرائم السرقة، وبيع المخدرات.
وكان لرجال الأمن كلمة في الندوة، إذ خلال تدخله تطرق نائب رئيس مصلحة الشرطة الإدارية والقضائية في القيادة العليا للأمن الملكي، العقيد براد عمر، "أن القيادة العليا للأمن سخرت جميع الآليات والوسائل لاستئصال ظاهرة التشرميل (البلطجة)، حيث إنه  من بين أكثر من 20 ألف قضية، التي تدخلت فيها عناصر الأمن، خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية، لم يتجاوز عدد القضايا المتعلقة بـ"التشرميل" قضية واحدة فقط. وأعلن العقيد أن هناك عددًا من التحديات في مواجهة الجريمة، أهمها وسائل الاتصال والتواصل الحديثة، والتي صارت في متناول الجميع، ويتم استغلالها في الأعمال الإجرامية، معتبرًا أن التكنولوجيا الرقمية تُعتبر عنصرًا أساسيًا في انتشار الجريمة، وكذلك النمو السكاني الذي يعرفه المغرب، بالإضافة إلى وعورة المسالك الطرقية، وانعدام البنية التحتية في العالم القروي.
أمّا المحامي الطيب الأزرق، فصرّح أن ظاهرة العنف والاعتداء على الأشخاص لم تعُد وليدة اللحظة، أو رد فعل على موقف معين، بل أصبحت ظاهرة اجتماعية محكمة التنظيم، وأوضح أن الجريمة لم تعُد منحصرة في أماكن معينة، بل غدت مساحتها تزداد اتساعًا، لتشمل المؤسسات التعليمية، والملاعب الرياضية، والتجمعات السكانية، وهو ما يجعل المعالجة الأمنية لوحدها غير كافية لمواجهتها.