الجزائر – ربيعة خريس
في وقت يواصل الدينار الجزائري، تدهور المخيف أمام باقي العملات الصعبة في الأسواق الموازية المنتشرة عبر 48 محافظة في البلاد، لا زال مشرع إقامة مكاتب الصرف حبيس أدراج الحكمة الجزائري، رغم إقرار مصالح بنك الجزائر بدخولها رسميا الخدمة بتاريخ 5 أبريل / نيسان 2016، تستفيد منها الدول الجزائرية لإثراء مداخليها المحلية لا سيما مع الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الجزائر، والشح الكبير المسجل في إيرادات الدولة من قطاع المحروقات الذي يشهد تدهورا ملحوظا.
وبعد مرور قرابة عام ونصف على إعلان بنك الجزائر دخول مكاتب الصرف حيز الخدمة، إلى أن هذا القرار لا زال مجرد حبر على ورق، الأمر الذي أرجعه خبراء ومتتبعون للشأن الاقتصادي في البلاد إلى غياب الإرادة السياسية لدى الدولة الجزائرية، قائلين إن غيابها يكبد الجزائر خسائر تصل إلى مليار يورو.
ويقول عضو لجنة المال بالبرلمان الجزائري هشام شلغوم، في تصريحات لـ " العرب اليوم "، إن فتح مكاتب الصرف في البلاد يتعلق بالإرادة السياسية للدولة، مشيرًا إلى أن المدير العام للميزانية فريد بقة كشف لدى نزوله إلى البرلمان الجزائري، الأسبوع الماضي، أن الاقتصاد الموازي كبد الجزائر خسائر تقدر بحوالي 170 مليار دينار جزائري، موضحا أن غياب مكاتب الصرف في البلاد يكتب الإقتصاد الجزائري، خسائر تقدر بحولي مليار أورو حسب التصريحات التي أدلى بها محافظ بنك الجزائر العام الماضي.
وأرجع المتحدث أسباب استمرار تهاوي الدينار الجزائري أمام العملات الصعبة في الأسواق الموزاية إلى ارتفاع نسبة التضخم بسبب دخول مشروع قانون النقد والقرض حيز التنفيذ, وقال إن نواب البرلمان، اقترحوا على الحكومة اللجوء إلى استرجاع الأموال الموجودة في السوق الموازية لسد العجز الذي تعاني منه الخزينة العمومية والتي بلغت مستويات خيالية، حيث فاقت 500 مليار دينار في 2013 و قرابة 1200 دينار جزائري في 2014.
وأوضح عضو لجنة المال في البرلمان، أن المدير العام للضرائب أقر خلال لقاء جمعه بأعضاء اللجنة الأسبوع الماضي، بصعوبة تحصيل هذه الأموال لأسباب عدة تحاشى الخوض فيها.
وفي ظل تواصل غياب مكاتب الصرف في الجزائر، يتواصل انهيار العملة الوطنية أمام العملات الصعبة حيث شهد سعر صرف اليورو خلال اليومين الماضيين ارتفاعا قياسيا في سوق السكوار، أكبر سوق سوداء للعملة في ساحة بور سعيد، وسط محافظة الجزائر العاصمة، وبلغ للمرة الأولى 207 دنانير لكل يورو. وتزامن التهاوي التاريخي لقيمة الدينار الجزائري مقابل العملات العالمية مع شروع لجنة المال، في البرلمان الجزائري، في مناقشة مشروع قانون الموزانة 2018، وحضور أعضاء الحكومة للجنة تباعا لتقديم عروض مفصلة عن ميزانية قطاعاتهم لعام 2017، ما يجعلهم أمام محاكمة علنية من قبل النواب الذين حمّلوا وزير المال، عبد الرحمان راوي، ومحافظة بنك الجزائر، مسؤولية الوضعية التي يعيشها الدينار الجزائري، وستكون هذه القضية حاضرة بقوة في مداخلات النواب خلال مناقشة مشروع القانون، في جلسات علنية تنطلق في منتصف نوفمبر / تشرين الثاني.