القاهرة ـ العرب اليوم
لم يترك بعض المصريين بابًا إلا وطرقوه، بحثًا عن وسيلة تجنبهم غلاء الأسعار، والتي ارتفعت في الفترة الأخيرة، دون أن تراعي قدراتهم، وقد وجد البعض منهم حلًا مؤقتًا، وهو شراء الخضر والفاكهة في منتصف اليوم بعد انفضاض سامر السوق، منتهزين فرصة انخفاض سعرها قرب المغيب.
في أحد أسواق حي المطرية بالقاهرة، كانت الشمس تستعد للرحيل، بينما تقف "أم حسين" أمام عربة تتوزع عليها الخضر، تتفاوض السيدة مع البائع على شراء الفلفل المتبقي، كمية لا تتعد 2 كيلو جرام، لكن معظمها كان زابلًا، تنجح السيدة أخيرًا في الحصول على الفلفل، بعد أن سلمت البائع جنيهين فقط لا غير.
في يدها اليمنى كانت أم حسين تمسك الفلفل، وفي اليسرى تحمل كيسًا بلاستيكيًا به البطاطس، بينما تتحدث عن أن "الفلفل اللي معايا ده، الكيلو منه الصبح بـ12 جنيه، هروح انضفه ويطلعلي منه بتاع نص كيلو، وأهو أنا الكسبانة"، في الوقت الذي تتجه إلى بائعة الكرنب، كي تعيد الكرة معها على غرار تجربة "الفلفل".
على عربة خشبية، تجلس بائعة الكرنب، تحكي عن طبع السوق "لو نفترض أني جايبة بضاعة بـ500 جنيه، أهم حاجة ألم فلوسي، يكون النهار ولى، فانزل بسعر الحاجة، عشان تتباع، لأنها لو متبعتش هتبوظ، وأهو أبقى خسرت، والناس خسرت".
منطق السوق، كان ملجأ أم حسين الوحيد، فزوجها "أرزُقي، يوم ما بنقول كسب، بيعمل 50 جنيه في اليوم"، وهو ما لم يعد ناجعًا في الوقت الحالي، ولم يعد يكفي احتياجاتهم البسيطة.
إذ وصل معدل التضخم لنحو 14.3% في فبراير 2018، طبقًا لإحصاء أخير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
لم تقتصر الأزمة عند حدود المستهلكين فحسب، فامتدت أيضًا للتجار، يقول أحمد عبدالمنعم، صاحب محل فاكهة بسوق حي الأميرية بالقاهرة: "لحد 2012 دخلي في الشهر كان ممكن أحوش منه، لكن دلوقتي.. "، على العكس ساء حال تجارته، حتى إنه فكر مرات في غلق المحل.
في سوق الأميرية، كانت الساعة تقترب من السادسة مساءً، بينما ينهمك عدد قليل في انتقاء أفضل الفاكهة المعروضة لدى عبدالمنعم "كنت في الأول شغال في فواكه درجة أولى، تيجي تلاقي أغلى حاجة عندي، دلوقتي بقيت أجيب اللي يناسب مقدرة الناس، أنسى التفاح بقى، مبقاش يتباع".
سيدة يقترب عمرها من الخمسين، اسمها "أم محمد"، تعبئ كيسًا بلاستيكيًا بحبات اليوسفي، خمسة كيلو جرامات بعشر جنيهات، رغم أن عبدالمنعم يبيع الكيلو الطازج منه في الصباح بأربع جنيهات، لكنه يضطر لفعل ذلك مساءً، حتى لا تتلف بضاعته وتزيد خسائره.
تتحدث أم محمد عن دخل شهري يصل إلى 2000 جنيه، تحمد ربها على رزق أسرتها، لكنها تضطر إلى شراء فاكهة درجة ثانية "أهو أهون ما العيال يتحرموا منها"، لا تلجأ السيدة لذلك الأمر طوال الوقت، فقط إذا اضطرتها الظروف لذلك.