المناظرة

قال العين الدكتور محمد الحلايقة ان الحكومات تتنافس على جذب الاستثمارات الأجنبية لانها ترفد الاقتصاد بقيمة مضافة فيما رأى العين الدكتور طاهر كنعان ان الأردن يعاني استثمارات تنمي الاستهلاك .

جاء ذلك في مناظرة نظمتها مبادرة "ديوانية" في مركز هيا الثقافي مساء امس بعنوان "الاستثمارات الأجنبية لم تخدم الاقتصاد الأردني" تحدث فيها الحلايقة وكنعان وادارها مؤسس المبادرة الدكتور سامي حوراني.

وقال الحلايقة ان مؤسسات عالمية تقيس مدى تنافسية الدول لجذب الاستثمارات، ما يدفع الدول لتحسين هذا المعيار مؤكدا اهمية الاستثمارات الأجنبية في جلب العملة الصعبة وخلق فرص العمل.

وحول التجربة الأردنية بهذا الخصوص قال ان الاستثمار الأجنبي في الأردن أوجد 32 بالمئة من فرص العمل الحالية.

ووصف كنعان الاستثمار الأجنبي بانه "مصدر من مصادر تكوين رأس المال" من شأنه أن ينهض بالاقتصاد وبناء سيادة الدول إذا تأتى من الادخار في الناتج المحلي وحسنت إدارته.

وحول أثر الاستثمار الأجنبي على الاقتصاد الأردني أشار كنعان إلى وجود قفزات في أرقام الاستثمار الأجنبي في أعوام عديدة مثل عامي 1981 و 2004، حيث كان الأثر على النمو الاقتصادي حوالي 5 بالمئة، وكان النمو الاقتصادي آنذاك "يبنى على الادخار واستبدال الاستثمار الأجنبي ببناء الصناعات وفق كنعان، "إلا أننا توقفنا عن ذلك" كما ذكر.

وفي هذا السياق رد الحلايقة بأن الأرقام صحيحة، إلا أنه رأى "أنها لا تثبت أن الاستثمارات الأجنبية لم تخدم الاقتصاد الأردني".

وفي الوقت الذي حث فيه الحلايقة الحكومة على ان "تنتهج سياسات تدعم الادخار" اكد أن "موضوع الاستثمار الأجنبي وأثره على الاقتصاد غير مرتبط بموضوع السياسات الحكومية المختصة بموضوع الادخار ودعمه".

وأكد الحاجة الى الاستثمار الأجنبي والتوجه إلى مشاريع "نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية" التي تستعين بشركات أجنبية لتنفيذ مشاريع كبيرة كما هو الحال في مشروع مطار الملكة علياء الدولي".

وفي رأي مغاير، قال كنعان االحكومة تعتني بشكل لا بأس به بتشجيع الاستثمار الأجنبي، إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن في أننا "نفتقر إلى ادارة التمويل الذي من شأنه أن يدفع عجلة الاقتصاد".

وردا على سؤال حول إعطاء الأولوية للاستثمار الأجنبي بدلا من العناية بالشركات المحلية قال الحلايقة أن "هنالك كلام انطباعي سلبي يعطي فكرة أن الاستثمار الأجنبي مسؤول عن السياسيات الحكومية تجاه الشركات المحلية"، مؤكدا أن الاستثمار الأجنبي لا ينافس الشركات والصناعات الصغيرة والمتوسطة والتي يعتمد عليها بشكل رئيسي الاقتصاد الأردني.

ورأى الحلايقة أن "الأردن يتمتع بالأمان، وهذه نقطة جذب للمستثمرين لانشاء مشاريع لهم والتوسع في أسواقهم لتشمل أسواق الدول المجاورة".

وقال " ان الأردن سيفقد الكثير اذا لم يستغل الوضع الحالي في كونه واحة مستقرة"، حاثا الحكومة على اتخاذ اجراء للمحافظة على الاستثمارات الأجنبية بدلا من انتقالها إلى دول أخرى".

من ضرب كنعان مثالا على أحد الاستثمارات التي "لم تتم ادارتها بشكل جيد" وهي المناطق الصناعية المؤهلة، في حين قال الحلايقة ان أهم قيمة يجب احتسابها للاستثمارات لتقييمها هي القيمة المضافة، واوضح أن القيمة المضافة للمناطق الصناعية المؤهلة وصلت إلى 22 بالمئة وهي "نسبة جيدة جدا".

وشدد كنعان على أن ما يهم في الاستثمار الأجنبي هو "النوعية" والتي تقوم على جلب التكنولوجيا وتوطينها ودعم الصناعة وليس "تنمية متنزهات الاستهلاك" وفتح مشاريع تقوم على الاستهلاك، مثل المطاعم.

وفي هذا السياق قال الحلايقة انه " لا يتوفر لدينا أرقام تدل على مدى توطين التكنولوجيا في الأردن من خلال الاستثمارات"، وأضاف ان الشركات الامتياز التي تقوم بإنشاء فرع لها في الأردن هي شركات يملكها مستثمرون أردنيون وتقوم بتوظيف أيدي عاملة أردنية.

وأضاف ان هناك نماذج على الاستثمارات الأجنبية في الأردن غير معروفة بشكل جيد، مشيرا الى مشاريع قائمة في مناطق الجنوب لتصنيع الأسمدة وغيرها.

وفي سياق آخر قال كنعان انه حتى تكون المشاريع الصغيرة والمتوسطة ذات قيمة حقيقة للاقتصاد، فهي يجب أن تكون حول "نواة صناعية كبيرة"، مؤكدا "لا نستطيع عمل صناعات صغيرة دون صناعات كبيرة تكون تابعة لها".

وفي السيق ذاته قال الحلايقة "لقد فشلنا في هذا الموضوع وقد يكون الوقت قد تأخر قليلا لكنه لم يفت بعد".

وتطرق المتحدثان إلى موضوع مخرجات التعليم العالي ومدى خدمتها لاحتياجات السوق والاقتصاد، وقال كنعان "ان التعليم العالي لم يواكب الاقتصاد المعرفي".

وأكد الحلايقة "أنه يجب حل جميع هذه المشكلات بشكل متواز"، مبينا أن المشكلة "في تطبيق القوانين الحالية وليس في القوانين بحد ذاتها، فضلا عن وجود مشكلة في البيروقراطية العالية وتحسين تكلفة التعامل للمستثمر الأجنبي".

وقبل بدء المناظرة، تم استطلاع رأي الحضور حول مدى خدمة الاستثمار الأجنبي للاقتصاد الأردني، وكان 19 بالمئة من الحضور مع الطرح، و25 بالمئة كانوا ضد الطرح، في حين التزم 56 بالمئة من الحضور الحياد.

وتغيرت هذه الأرقام بعد المناظرة لتصبح نسبة الذين يرون أن الاستثمار الأجنبي خدم الاقتصاد 25 بالمئة، ونسبة الذين رأوا أنه لم يخدم 33 بالمئة، في حين التزم 42 بالمئة من الحضور الحياد.

و"ديوانية" هي مبادرة تهدف الى خلق فضاءات حرة ومفتوحة للحوار من خلال تنظيم مناظرات علنية في أماكن غير تقليدية، وذلك لنقل الحوار السياسي والاجتماعي من الصالونات النخبوية الى الشارع.

وطرحت "ديوانية" حتى الآن 20 موضوعا مختلفا للنقاش، حضرها بحسب القائمين على (ديوانية) أكثر من 12 ألف شخص.