الجزائر ـ سناء سعداوي
بدأت الحكومة الجزائرية في تطبيق خطة جديدة لرفع حجم صادراتها خارج المحروقات، تتمثل في البحث عن أسواق داخل أفريقيا لمنتجات زراعية، ومواد نصف مصنَّعة، حققت رواجاً في السوق المحلية، بينما صادق البرلمان الجزائري أمس على قانون الموازنة لسنة 2019، الذي تضمن «مؤشرات حمراء» تؤكد حدوث تآكل مستمر لاحتياطي الصرف.
وتعول الحكومة في البداية على السوق الموريتانية لتسويق منتجات شركات خاصة، بفضل المعبر الحدودي، الذي تم فتحه الصيف الماضي. وفي هذا السياق، قال محمد العيد بن عمر، رئيس «الغرفة الوطنية للتجارة» لـ«الشرق الأوسط»، إن الصناعات الغذائية والإلكترونية والكهرومنزلية «تشكل تحدياً كبيراً بالنسبة لاقتصاد بلدنا لدخول الأسواق الخارجية. وقد كانت البداية من موريتانيا التي أبدى مواطنوها إقبالاً عن السلع الجزائرية في المعرض الدولي الذي نظم أخيراً بنواكشوط».
وكانت بداية هذا النشاط الرامي للخروج من تبعية الحكومة للمحروقات في مؤسسة «كوندور إلكترونكس»، الخاصة للمملوكة لعائلة موسى بن حمادي، وزير البريد وتكنولوجيا الإعلام سابقاً، التي فتحت عام 2017 سوقاً تجارية كبيرة بالعاصمة الموريتانية لبيع الهواتف الذكية، ومختلف أصناف الأجهزة الإلكترونية والكهربائية المنزلية. لكن حجم التصدير إلى هذا البلد المغاربي لا يتعدى حتى الآن بضعة ملايين دولار، بحسب مصدر من وزارة التجارة.
وحققت الجزائر فائضاً في إنتاج الإسمنت للعام الثاني على التوالي، وتعتزم تصديره إلى موريتانيا، حسب بن عمر الذي يملك مؤسسة خاصة لإنتاج العجائن، يصدِّر بعضاً من إنتاجها إلى أفريقيا، لكن بكميات محدودة بسبب المنافسة الشديد للمنتجات الأوروبية. ويظهر رجال أعمال منذ سنوات رغبة في تسويق منتجاتهم إلى المغرب، غير أن حالة الحدود المغلقة بين البلدين منذ أكثر من 24 سنة، تمنع تحقيق هذه الرغبة.
وتتوفر الجزائر، حسب بن عمر، على «قدرات كبيرة في تصدير المنتجات الزراعية، وعلى رأسها الحمضيات والخضر، خصوصاً بعد استصلاح آلاف الهكتارات في الجنوب الكبير، التي كانت قبل سنوات أراضي جرداء». ويستفيد الشباب من تسهيلات حكومية كبيرة للاستثمار الزراعي بالصحراء، بفضل قروض تقدمها البنوك العمومية.
من جهته، قال حسان لالماص، الخبير الاقتصادي الجزائري، إن خطة التصدير إلى أفريقيا «لا يمكن أن تفك التبعية المفرطة للمحروقات على المدى المتوسط، فما يتم بيعه للخارج عموماً لا يتعدى مليار دولار، وهو عبارة عن منتجات فلاحية بالأساس ومواد كهرومنزلية، فيما عجز الموازنة يفوق 34 مليار دولار، وهو يتعاظم سنة بعد سنة»، مشيراً إلى أن حجم الاستيراد «لا يزال كبيراً، حيث يصل إلى حدود 43 مليار دولار سنوياً، ويمثل تقريباً كل المواد المصنعة ونصف المصنعة التي تحتاجها السوق المحلية. ويرتقب بنهاية 2021 تراجع احتياطي الصرف إلى نحو 30 مليار دولار (في حدود 85 مليار دولار منتصف العام الحالي)، وفي هذه الحالة ستلجأ الحكومة لا محالة إلى الاستدانة من الخارج».
وتعهَّد رئيس الوزراء أحمد أويحيى بأن الدولة لن تطلب قروضاً من صندوق النقد الدولي ولا البنك العالمي، لسد عجزها الحاد. ولمح إلى أنه يعول على ارتفاع سعر النفط، علماً بأن المحروقات تمثل 95 في المائة من إيرادات الدولة، وحتى يحقق الاقتصاد توازنه ينبغي ألا يقل برميل النفط عن 90 دولاراً، فيما بَنَت الحكومة توقعاتها المالية في قانون الموازنة 2019 على سعر مرجعي بـ50 دولاراً.
وصوَّت نواب البرلمان أمس على قانون الموازنة، الذي تحفظت عليه المعارضة التي تمثل أقلية. في حين أن الأغلبية الموالية للحكومة تدعمه بقوة، وحالت دون تعديله أثناء مناقشة النص.
وقال رمضان تعزيبت، برلماني «حزب العمال»، إنه «على عكس ما تدعيه الحكومة، فإن قانون المالية الجديد يعكس أزمة اقتصادية خانقة، بدليل أن السلطات أمرت الوظيفة العمومية وكل الشركات الحكومية بوقف التوظيف. في المقابل أبقت على مستوى التمويلات الاجتماعية (18 مليار دولار لقطاعي الصحة والتعليم أساساً)، وهذا يستجيب لحسابات سياسية تعكس مخاوف من انفجار اجتماعي».
يشار إلى أن مخصصات الدفاع الوطني، تفوق 11 مليار دولار سنوياً تمثل مشتريات سلاح وأجور المنتسبين لهذا القطاع، الحصة الأكبر منها