دمشق ـ وكالات
صدرت الأعمال الشعرية الكاملة للدكتور علي عقلة عرسان متضمنة عدداً من المجموعات وهي شاطىء الغربة ..تراتيل الغربة ..اور سالم القدس..البوسفور..نشيج على عتبات وطن..ضمن كتاب واحد تلاقت فيه الرؤى الوطنية والآلام و الأحزان وما تسببه الغربة من متاهات . غلب على مجموعة شاطئ الغربة انعكاس آلام وأوجاع الفقراء ومتاهات المحرومين الذين يبحثون عن هوياتهم في الظلام الدامس عبر طرق مليئة بالأشواك وطرائق لا جدوى فيها حيث تميزت المجموعة بانتقاء التفعيلات الملائمة لسيل الدموع ولتدفق العواطف في محاولة من الشاعر لتقديم قصيدته في مجموعته الشعرية بأبهى حلتها التي يطرب إليها المتلقي... يقول في قصيدة انتظار.. وأظل أنظر في الظلام عل الجبال السود تقبل أن تعيد لي الكلام لا شيء في بحر الظلام ..لا ضوء ..لا مصباح وبرغم كتابة الشاعر قصائده على أسلوب الشطرين إلا إن الوجع الذي تودعه الغربة بين جوانحه يحول قصائده الى أناشيد وأغنيات كأنها حداء حزين على شيء ما افتقده الشاعر هو ومن يحب من أبناء وطنه الممتد من البحر الى البحر فليس بمقدوره إلا أن يرى نفسه متعبا ومرهقا في الصحارى بعد أن رأى تفاقم تلك الهموم التي بات تراجعها او انحسارها قريبا من المستحيل . يقول في قصيدة "فارغا ..كالصمت../ فارغا أصبحت كالعود ..أذوي كجزع في الصحارى في البوادي السود أنا في انبثاق الفجر أصحو ..أنتشي أعطي يدي للريح للنسمات..لكنها تدمى ..فلا ريح ولا نسمات من حولي. أما المجموعة الثانية "تراتيل الغربة" فهي مجموعة تفور بالأحزان وغصص الغربة وهي امتداد لمجموعته شاطئء الغربة الا أنها تتعمق أكثر في مسافات الجراح كون ضفاف الجرح تتسع مع مرور الأيام وتتباعد بسبب عدم تراجع هموم الشاعر التي ترتكز على تدهور الحالة الإنسانية و السياسية و الاجتماعية لشعب عربي يعتبره سابقا صاحب المجد و الحضارة... يقول في قصيدته "تراتيل الغربة" يمخر طوف العمر النازف ..بحر الغربة مثل حصان الريح الثائر ..يبحر فوق سراب مائر يضفر موج النزف وموج الحزن غدائر. ويعتبر عرسان ان عدم استخدام الثروات الاقتصادية بشكلها الصحيح صار عبئا على الامة العربية وانعكاسا سلبيا على امال الجماهير وطموحات الشعب بدلا من ان يكون مصدر رزق تزدهر به البلاد ويعمل ابناؤها على مواكبة ركب الحضارة العالمي طالما يمتلك مقومات مادية تسمح له بتحقيق اهدافه عبر طاقاته وثقافاته اذ ان النفط تحول بيد الشعب الى نقمة عارمة لانه لم يتمكن من السيطرة على موارده وخيراته فحوله الغرباء الى شر يحدق بالامة ويهدد مصيرها كما جاء في قصيدة القيظ والنفط. القيظ والنفط والبارود تتقد .. ما بين رمل ورمل يغرق البلد الغدر أضحى جهارا يستظل به .. لا يرفع الحيف غدر عمره الابد اما مجموعته اور سالم القدس فتختلف عن بقية المجموعات كونها تتعاطى مباشرة مع بلد عربي يمثل جزءا هاما من شريان الأمة فاقتطعه الصهاينة ليتسرب خلاله كيانهم الغاشم فجاءت المجموعة معبرة عن هم آخر وكارثة تفوق الكوارث خطورة بصفتها ستحرق الأخضر و اليابس وتحتل دمنا وتحوله الى ما يخدم الكيان الصهيوني إضافة الى السيطرة على عقولنا ومقدراتنا وخيراتنا... يقول في قصيدة/اور سالم ..صباح الخير/ أور سالم .. يا بنت كنعان العموري..الأرض كنوز الأسرار لمن يعرف معنى الأسرار والأرض منابت ومسارح وقبور ..والأرض نور أو ديجور.. والأرض حق وحقل وسر و شجرة . ويطرح عرسان في مجموعة البوسفور قضايا اخرى عبر همومه القومية و الوطنية ليكون للحب دور بين أشعاره لكن حديثه عن الحب يختلف بوسائله التعبيرية التي اشارت الى نقاء في السريرة ونقاء في الرؤية والتطلع برغم ان الحب حالة قد يعيشها كل البشر الا ان قصيدة الشاعر /رهان مع الحب/ تعاملت معه بسمو وكبرياء معتبراً أن الحب حالة تجر صاحبها الى المآسي و القهر والويلات يقول .. يا قلب ..ليتك لم تدخل رهان الحب يا قلب .. ليتك لم تفرح لحظة كي لا تبكي دهرا ليتك لم تكن مغرورا بسيف من خشب..بعزم من وهم وساق من قصب. ويعمد الشاعر في مجموعته الأخيرة نشيج على عتبات الوطن/الى استخدام الاستعارات في اللجوء الى التعبير عن همومه وصياغة مشاعره التي تعتبر امتدادا لمسيرته الادبية و الفكرية عبر خط مقاوم رفض خلاله فكرة السلام و التطبيع والاقتراب من أي حال يجمعه مع طرح امريكي او صهيوني عبر قناعته ان لا سلام ولا اقتراب من مغتصب الا بتحرير الارض وهذا ما جعله في حالة الم مستمر... يقول في قصيدة نشيج على عتبات وطن.. آب الى آب ..وقد يبست مثل قشة خلفها الحصاد في الحقل يبست اوراقي و غصوني يوم الولادة وانزوت عن شجرة العصافير تتميز القصائد الشعرية التي احتوتها المجموعة الكاملة التي تقع في 795 صفحة من القطع الكبير بأنها تتحمور حول الهم الوطني و القومي و الانساني ولم تتمكن من الخروج منه حيث صيغت القصائد باسلوب التفعيلة غالبا وباسلوب الشطرين لتكون مع الالفاظ المستخدمة في القصائد نغما حزينا في عالم الشعر .