دمشق - سانا
فلسفة التكوين الفكري كتاب يسعى من خلاله الدكتور نبيل طعمة إلى المساهمة في بناء هذه الأمة والنهوض بمفاهيمها لما تمتلكه من لغة عريقة وأديان نشرت في أمصارها السماحة والمحبة إضافة إلى موروثها العظيم الذي يدل على قوى حقيقية تشع بالجمال والأمل والحضارة. وفي كتابه يرى طعمة أن المشروع الإلهي الذي وجد داخل الإنسان يحمل محوري الخير والشر حيث ظل الصراع قائما بينهما أمام الموجود المادي والإنساني وصولا إلى امتلاك الخير وتألق الجوهر الإنساني ليكون بذلك قد تطور عقل الإنسان وابتعد عن كل المفاهيم التي تضر بوجوده ككائن خلقه الله بسمو وجمال لا مثيل لهما. وفي الكتاب يعبر طعمة عن مدى اثر العقم الفكري والخلل التكويني الذي جعل الفكر العربي يسمح للأوروبيين والأمريكيين أن يكونوا فاعلين سلبيين متطاولين على العرب ودياناتهم وكينونتهم الحاضرة والماضية. ويكشف طعمة في كتابه عن أن هناك نضالا في الغرب من اجل تفكير وفلسفة حياتية كان الكثير لا يقتنع بها حيث أورد نموذجا على ذلك الأديبة الفرنسية أمانتين دوبان التي اشتغلت على الفكر والتفكير في المستقبل الذي يبحث عن المساواة والعدالة واصطدامها في الممنوع الذي ساد في الغرب كثيرا وهذا ما يعيشه الآن شعوب العالم الثالث الذي يسعى للخلاص من سيطرة العالم الأول عليه وعلى مقدراته لما يمتلكه من غنى روحي يهدده فقره العبثي. وفي كتابه يبين طعمة أن تذوق اللغة العربية والتوغل في تشعباتها وكينونتها يحتاج إلى أعلام لغة العرب الأصليين والمؤصلين حاملي ألوية العروبة التاريخية والإلحاح على ضرورة إصلاح ما تهدم وما ضاع من أصالة هذه اللغة بفعل الحداثة والتحديث الجاريين على الفكر العربي المنساق تحت مظلة وهيمنة عالم الشمال المتأمرك الذي يحلم بتدمير هذه اللغة والتي تغزوها منذ زمن كل لغات العالم. ويؤكد طعمة في كتابه أن الأمة التي لا تجيد لغتها هي أمة ضعيفة تسودها الفرقة المنجبة للصراعات والتي تأتي بالهم والغم والحزن إلى قلوب أبنائها ولذلك علينا أن نبحث بظواهر وبواطن ما يجري في عالمنا العربي والتدقيق في أسبابه وذلك ما يتجلى بالتشرذم والضياع والتقسيم جراء ضعف الإنسان المتجسد في انهيار لغته وانهيار أصالته ووجوده. ويشير طعمة إلى نتائج خطرة نجمت بسبب انعدام تذوق لغتنا العربية وأهمها ظهور لغة دونية سوقية تجلت في ما يسمى مشاريع التغيير العربي أو ربيعه الدرامي وهذا ما يكشف الغاية في إنهاء الشخصية العربية وتعزيز انقسامها وزيادة فرقتها. وعن نموذج الإنسان السوري وعقليته النادرة ذهب طعمة إلى تفرد الشخصية السورية بصورها وفلسفتها الكونية فهو الذي ساهم في تثبيت المعارف ومسمايتها منذ بدء الكون والذي أوجد منافذ للخلاص التي يحتاجها في الضائقات ليصل إلى الانفراج الذي يرمي إليه إضافة إلى تفرد الإنسان السوري بشخصيته الحضارية وتاريخه العريق. وفي الكتاب الصادر عن دار الشرق للطباعة والنشر وللتوزيع والذي يقع في 238 صفحة رؤى فلسفية أخرى متنوعة مرتبطة بالكون والطبيعة والإنسان يريد من خلالها المؤلف أن يسهم في تقدم عجلة الحضارة وتكوينها الصحيح عبر فلسفة التكوين الفكري المرتكزة على منهج إنساني عريق.