بيروت - العرب اليوم
الكتاب الذي يوقعه مروان العريضي في «قصر اليونيسكو» في بيروت، مساء اليوم بعنوان «في رحاب فن الزخرفة الشرقية»، رغم أنه كبير ويزن 4 كيلوغرامات، فهو ليس سوى شرح بالتفصيل للجهد الذي قام به الفنان اللبناني في وقت سابق لإنجاز نسخة فريدة في فنيتها من القرآن الكريم، أبصرت النور عام 2012، بعد عشر سنوات من العمل. وبقيت النسخة وحيدة بانتظار من يتبنى طباعتها المكلفة، كونها تعتمد إضافة إلى تصميم زخارفها، الذهب والجلد الطبيعي. العريضي متخصص في فن الزخرفة والحضارات القديمة وصولاً إلى الفن الحديث و«الغرافيك ديزاين».
وقد ترك لبنان مع بدء الحرب الأهلية في السبعينات إلى أميركا، وهو لا يزال في بداية عشريناته، وبعد دراسته هناك، عمل في مجال تصميم الخطوط، وتعاون مع شركة مايكروسوفت لوضع خطوط عربية، ويعتبر أنه وضع في المصحف الذي قام بإنجازه عصارة تجربته من خلفيته الشرقية إلى علم الزخرفة الغربية، ومعرفته بالخط العربي، وكذلك التقنيات الحديثة التي ساعدته على الوصول إلى النتيجة التي كان يحلم بها.
وهذا المصحف الذي شاهده البعض العام الماضي في بيروت خلال معرض للفنان حمل اسم «ألوان مدونة» يزن 24 كيلوغراماً. وقد صمم الفنان لكل سورة من سور القرآن الـ114 زخرفاً خاصاً بها. ويقول العريضي لـ«الشرق الأوسط» إن الكتاب الذي يوقعه اليوم، ووضع مقدمته الفنان التشكيلي الراحل وجيه نحلة قبل وفاته بأشهر قليلة، فيه شروحات حول الزخارف والفنون التي استخدمت لتزيين سور المصحف، والتي تستلهم الفنون الإسلامية منذ الأمويين مروراً بالعباسيين والعصر الأندلسي، وما أضافه الفرس والعثمانيون وصولاً إلى العصر الحالي. ويوضح الكتاب أيضا، أن الاستفادة من زخارف غربية كانت بالقدر الذي يسمح بتجديد الفن الإسلامي، سواء لجهة الشكل أو استخدام الألوان، بحيث لا يشعر القارئ أو المتأمل للصفحة بغربة أو بنفور.
والمصحف من الحجم الكبير بقياس 43 سم عرضاً فيما يبلغ طوله 57 سم، كما أنه في 376 صفحة، مطبوعة على ورق مصنوع من القطن، وخال من المواد الكيميائية، بحيث يبرز جمالية الزخارف والتصاميم ويظهرها بأفضل حال، ويحفظها أطول مدة ممكنة من فعل الزمن وآثار الرطوبة. أما الغلاف الخارجي فهو مصنوع من الجلد الطبيعي المزركش بنقوش بعضها بارز، والبعض الآخر محفور حفراً ومطعم بالذهب الصافي، مما يظهرها ثلاثية الأبعاد.
الفنان العريضي من مواليد بلدة بيصور في عام 1953، كان آخر تلامذة الخطاط الشيخ نسيب مكارم المعروف عربياً، حيث التحق به وهو في السادسة عشرة من العمر، وتلقى منه أصول الخط العربي.
ويريد مروان العريضي من خلال المصحف الذي قام بابتكار زخارفه واختيار خطوطه، وجمع في تصميم صفحاته مجمل معارفه بالفنون العربية والإسلامية على مر العصور، أن يقدم نموذجاً موسوعي الطابع عن هذا الفن مطعماً بمذاق حديث. أما الكتاب الذي يقدم الشروحات فهو برأيه ضرورة لازمة للفت النظر وشرح الغايات من هذا المصحف الذي يرى أنه نسخة لم يتمكن العثمانيون بكل اهتمامهم بالخط والمنمنمات أن يقدموا مثيلا له، أو ما يضاهيه جمالاً.