القاهرة _العرب اليوم
حمل الكتابة عند محمد حسن بوكر همّ الابتكار السردي والعمق والقدرة على الاختلاف، فلا أحد منّا يُنكر الأهمية الفائقة للأعمال الأدبية التي تكتب في الجزيرة العربية، هذه البقعة الجغرافية، التي تحمل هويتها الخاصة الضاربة في أعماق الأرض نراها تنهض عند الكاتب محمد حسن بوكر كاستراتيجية لبناء النص القصصي، الذي يُكرس مبدعهُ بعناية الملامح الخاصة والثيمات التي تميز القصة في الجزيرة العربية.
القصص في (قبائل الثلج)، تتمثل بملمح ريفي بسيط، وشخصيات تجمع بين القروية والمدينية وتُحيل بأحداثها ووقائعها إلى البنى الذهنية السائدة في النصف الأول من القرن العشرين في الجزيرة العربية وإعادة إنتاج النص في ضوء هذه الذهنية. لذلك فهي تُحيلنا إلى ما يسميه ماركس "أبواق روح الزمن" هذه السّمة وُجدت في لغة الكاتب بوكر الذي ركز على السيمياء الفكرية لشخصياته الفنية وفي تكوين رؤيتها للعالم والوجود. ولنقرأ في قصصه القصيرة هذه مكاشفة إنسانية عميقة لعالم قديم شيدهُ الأسلاف بأرواحهم ونفوسهم.. لم تنطفئ شمسهُ حتى اليوم وقد كتبه محمد حسن بوكر من زوايا مدهشة ومشوقة.
- من قصص المجموعة وتحت عنوان "قبائل الثلج" نقرأ:
"كلما مرَّ بجوار ذلك الجبل الأبيض دق قلبه.. الكل في تلك القرى يدركون أن لون هذا الجبل غريب وشاذ عن بقية الجبال المحيطة بهم لكنهم لا يأبهون لذلك؛ لأنهم هكذا وجدوه من يوم أن خرجوا إلى هذه الدنيا.. وكلما دارت أحاديث هنا وهناك عن سر هذا الجبل قللّوا من شأن هذه القضية وقالوا: هكذا وجدناه.أحياناً يثير الشباب المتعلم جذوة البحث والتفكير والتأمل والتحليل وعندما لا يتوصلون إلى نتائج قاطعة ما تلبث أن تُنسى الحكاية. وحده ذلك الرجل الكهل يعرف السر.. يعلم ما يخفي هذا الجبل الغريب خلفه.. استقى ذلك من أجداده الحكماء في تلك البلدة.. لكنه كان متردداً ومحتاراً في الطريقة المثلى التي يوصل بها هذا الأمر إلى سكان تلك القرى المتناثرة حول قريته.. وهل سيصدقونه؟ وما سيقولون عنه؟".