أصدر الرئيس السوداني عمر البشير قرارًا بإطلاق سراح المعتقليين السياسيين، وذلك خلال خطابه أمام دورة الانعقاد السابعة للبرلمان السوداني، الاثنين، مؤكدًا على عدم إقصاء أي من التيارات السياسية، بما في ذلك المسلحة، الأمر الذي رحب به حزب "المؤتمر الشعبي"، على أن يتم تنفيذه.وقال البشير في خطابه "نؤكد أننا سنمضي في الاتصالات مع القوى السياسية والاجتماعية كافة، دون عزلٍ أو إستثناءٍ لأحد، بما في ذلك المجموعات التي تحمل السلاح، وقد كفلنا مناخ الحريات، وتأمين حرية التعبير للأفراد والجماعات، وتأكيدًا لذلك فإننا نعلن قرارنا بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، ونجدد التزامنا بتهيئة المناخ للقوى السياسية كافة، التي أدعوها إلى إعلان استعدادها للحوار الجاد، والتفاهم بشأن الآليات التي تنظم ذلك الحوار"، معربًا عن "تقديره للقوى السياسية، التي سارعت واستجابت لنداءات الحوار"، الذي قال عنه "نريده حوارًا للجميع". واستعرض الرئيس البشيرأمام البرلمان ملامح خطة حكومته في الفترة المقبلة، والانجازات التي تحققت في الفترة الماضية، والتطورات في علاقات بلاده مع الجنوب، بعد اتفاق التعاون المشترك الموقع العام الماضي بين  البلدين، والمصفوفة الأخيرة  لتنفيذ بنوده في المجالات كافة، مؤكدًا أن "سعي حكومته سيظل مستمرًا، لتطوير علاقات البلدين، تحقيقًا للمنافع والمصالح المشتركة"، موضحًا أن "سعي حكومته سيظل راسخًا في تأمين الحدود، ووقف الاعتداءات، التي أضرت بالعلاقات بين البلدين في الماضي"، داعيًا إلى "الالتزام بما تم الاتفاق عليه، حتى تتحقق علاقات طيبة، يستفيد منها شعبي البلدين". وتطرق البشير في خطابه إلى المفاوضات مع الفصيل الميداني لحركة "العدل والمساواة"، التي تمت في العاصمة القطرية الدوحة، لتنضم الحركة بعدها إلى العملية السلمية، بعد توقيعها لبروتكول تدخل بموجبه إلى منظومة الداعمين للعملية السلمية، على أساس وثيقة الدوحة للسلام في الإقليم، بعد التحضيرات للتوقيع على اتفاق نهائي مع الحكومة السودانية، مشيدًا بالدعم القطري وجهد القيادة القطرية، لعودة الاستقرار، وإعادة التنمية في دارفور. وأكد البشير أن "الحكومة مهتمة بحل الصراع في ولايتي جنوب كردفان، والنيل الأزرق، والتوصل إلى حلول مرضية  للصراع  المسلح في الولايتين، من خلال الحوار"، مضيفًا أن "القوا ت المسلحة مستمرة في مهاماها الدفاعية، وتحسين قدراتها القتالية، مستفيدة من التقدم العلمي الذي أتاحته لها مؤسساتها وكلياتها العلمية المتخصصة، حيث توسعت في استيعاب ومضاعفة أعداد المنتسبين لها". وكشف  البشير في خطابه أمام البرلمان في دورته الجديدة عن إنشاء قواعد جوية، ومهابط، في أنحاء متفرقة من السودان، ضمن سعي القوات المسلحة لتوسيع انتشارها، مستعرضًا جهود جهاز الأمن والمخابرات في السودان، ونجاحه في  كشف مخططات ومحاولات عدة، كانت تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار، وكذلك نجاح الدبلوماسية في السودان في إبقاء ملف الخلافات والقضايا العالقة مع جنوب السودان، رغم محاولات بعض الدوائر  تدويل هذا الملف، مشيرًا إلى أن "علاقات بلاده شهدت تطورًا مع الدول الأفرقية كافة، وأن الخرطوم مصممة على تطوير هذه العلاقات، لاسيما مع دول الجوار المباشر". كذلك استعرض البشير الخطوات التي اتخذتها الحكومة لإقرار مبدأ المحاسبة، وإعمال الشفافية، ومن بين تلك الخطوات تشكيل لجنة لمتابعة إقرارات الذمة المالية بالنسبة لشاغلي المناصب الدستورية والمناصب الحساسة الأخرى. وعلى صعيد الحكم اللامركزي، أوضح البشير أنه قد تم إنشاء ولايتين في دارفور، كما أصدرت الحكومة، ضمن متابعتها لشأن دارفور، مراسيم منظمة لعمل السلطة الإقليمية في دارفور، وأشار إلى "التزام الحكومة بإعادة ولاية غرب كردفان من جديد، بعد المشاورات المطلوبة، قبل الإعلان عنها قريبًا". وفي الشأن الإعلامي، أشار البشير إلى "التطور في مجال الإعلام، واهتمام الحكومة بالانتشار، وتوسيع وزيادة دائرة البث الإذاعي والتلفزي، والتنافس في إنشاء قنوات فضائية جديدة"، مؤكدًا على "التزام الحكومة بإتاحة مناخ الحريات للصحافة أمام الأقلام المسوؤلة، إلا من اعتدى على الخطوط الحمراء". وفي المحور الاقتصادي، أعلن الرئيس السوداني أن اقتصاد بلاده، على الرغم من الظروف المحيطة به، إلا أنه حقق نشاطًا تنمويًا، لم يتوقف في المجالات الاستراتيجية، حيث اكتملت مشروعات تعلية سد "الروصيرص" بتكلفة 400 مليون دولار، ومصنع سكر النيل الأبيض، ومصفاة الذهب، بالإضافة إلى مشروعات تنموية كبرى في دارفور، وأضاف قائلاً "رغم الإفرازات السالبة، التي نجمت عن إنفصال الجنوب، وفقدان السودان لعائدات البترول بعد هذا الانفصال، إلا أن الإدارة الاقتصادية انتهجت وسائل إيرادات ذاتية خالصة، في الإيفاء بالتزامات الحكومة الاتحادية والولائية، وتوفير المواد البترولية والقمح، بالإضافة إلى تحقيق وفرة في سلعة السكر، كما حافظ الاقتصاد السوداني على معدل نمو موجب في الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام 2011، بلغ 1,4%، وسيتضاعف معدل النمو بالسياسة المتبعة، من 1,4% إلى 3,6% ". وفي شأن قطاع التعليم، استعرض البشير إنجازات الحكومة في الفترة الماضية، حيث بلغ عدد مدارس الأساس أكثر من 16 ألف مدرسة، تُدرس أكثر من 5 مليون تلميذًا وتلميذة، وارتفع عدد المدارس الثانوية نحو 4 ألف مدرسة، يدرس فيها 750 ألف طالبًا وطالبة، وشهد العام الدراسي تعيين أكثر من 15 ألف معلمًا ومعلمة، للمرحلتين، في ولايات السودان المختلفة، وفي مجال التعليم العالي، وصل عدد الطلاب المقبولين في مؤسسات التعليم العالي الرقم المخطط له، وهو 150 ألف طالب، وتم استيعاب 24 ألف خريج، من مختلف التخصصات، في مجالات التعليم والصحة والزراعة والثروة الحيوانية. وشهد العام 2012 إنشاء وتأهيل 39 مستشفى، و390 مركزًا صحيًا، وشمل الإنفاق الحكومي العلاج المجاني للحالات الحرجة في الحوادث، وعمليات غسيل الكلى، وعلاج السرطانات، كما بذلت الحكومة جهدًا مقدرًا في توفير مستوى مناسب من الرعاية الأولية، وذلك في سبيل خفض معدلات الوفاة والإصابة بالأمراض. وعلى الصعيد البيئي والغابات، أعلن الرئيس السوداني أنه تم تشجير مساحات واسعة داخل وخارج الغابات المحجوزة، ضمن مشروع استراتيجي لزراعة 17 مليون فدان في الغابات، لتعويض المفقود منها جراء انفصال الجنوب، والهدف رفع مساحة الغطاء الغابي من 11,6% إلى 20% من المساحة الكلية للبلاد. من جانبه، رحب حزب "المؤتمر الشعبي" المعارض، بزعامة الدكتور حسن الترابي، بقرار الرئيس السوداني عمر البشير الخاص بإطلاق سراح المعتقليين السياسيين. وقال الأمين السياسي للحزب كمال عمر، الاثنين، أن "الحزب يرحب بما جاء في خطاب الرئيس أمام البرلمان"، معربًا عن "أمله أن يشمل القرار معتقلي الأحزاب، المعتقليين على خلفية توقيعهم على وثيقة الفجر الجديد، الداعية لإسقاط النظام". وأشار عمر إلى "ضرورة أن تتابع مؤسسة الرئاسة  تنفيذ القرارات التي يصدرها الرئيس السوداني"، متهمًا بعض الجهات بإعاقة  تنفيذ بعض قرارات الرئيس، لاسيما المرتبطة بإطلاق سراح المعتقليين السياسيين، معلنًا أن الحوار الذي تحدث عنه الرئيس عمر البشير هو حوار بشأن الدستور وغيره من القضايا، وأنه لابد من أن يسبقه مناخ تتاح فيه الحريات الصحافية، وحريات التعبير والعمل السياسي.