بعد اكثر من اسبوعين على توقيع اتفاق وقف النار الذي لا يزال يواجه خروقا، ارجئت في اللحظة الاخيرة الاثنين الجولة الجديدة من المفاوضات بين طرفي النزاع الذي اندلع في منتصف كانون الاول/ديسمبر في جنوب السودان، وخصوصا مع تهديد المتمردين بتعطيل العملية. من جانبها، دعت اثيوبيا التي تستضيف هذه المفاوضات الى انسحاب القوات الاجنبية وخصوصا الاوغندية من جنوب السودان مبدية مخاوفها من ان يتحول هذا النزاع الى "نزاع اقليمي". وقال تابان دنق رئيس وفد المتمردين في بيان "لن نشارك في الجولة المقبلة من مفاوضات السلام"، مجددا المطالبة بالافراج عن اربعة مسؤولين سياسيين محسوبين على نائب الرئيس السابق رياك مشار لا تزال جوبا تعتقلهم، علما ان سبعة مسؤولين اخرين افرج عنهم في 30 كانون الثاني/يناير. كذلك، طالب دنق بانسحاب فوري للجنود الاوغنديين الذين دخلوا البلاد بناء على طلب الرئيس السوداني الجنوبي سلفا كير الذي تواجه قواته منذ منتصف كانون الاول/ديسمبر قوات مشار. وكان من المقرر ان يلتقي الاثنين في اديس ابابا الوفد الحكومي التابع لكير ووفد انصار نائبه السابق مشار، للتوصل الى اتفاق سياسي ينهي بصورة دائمة النزاع بينهما. وقد احتاجا الى عشرين يوما من المفاوضات الحثيثة للاتفاق في 23 كانون الثاني/يناير على مجرد وقف للاعمال العسكرية. لكن مايكل ماكوي المتحدث باسم حكومة جنوب السودان صرح لفرانس برس بان "المفاوضات لن تستأنف اليوم"، وهذا ما اكدته مصادر عدة في اطار الوساطة التي تقوم بها منظمة ايغاد. وكانت ايغاد اعلنت مساء الاحد ان "الجولة الثانية من المفاوضات بين طرفي جنوب السودان تتمحور حول الحوار السياسي والمصالحة الوطنية وستطلق رسميا الاثنين في 10 شباط/فبراير"، فيما يبقى الوضع العسكري في هذا البلد الشاسع والذي يفتقر الى شبكة طرق غامضا وتسجل فيه انتهاكات كثيرة لوقف اطلاق النار. وحتى الان، تقوم مجموعة من ايغاد مؤلفة من 14 شخصا منذ بداية شباط/فبراير في جوبا بدراسة مسألة الانتشار المقبل للمراقبين المكلفين الاشراف على احترام الهدنة. واوقع النزاع الاف القتلى منذ منتصف كانون الاول/ديسمبر وادى الى تهجير 900 الف شخص من منازلهم. واضافة الى المعارك التي امتدت سريعا من جوبا الى مختلف انحاء البلاد، ارتكبت مجازر ذات طابع اتني بين قبيلتي الدينكا والنوير اللتين يتحدر منهما كل من كير ومشار على التوالي. وقال يوهانس موسى بوك الناطق باسم وفد مشار لوكالة فرانس برس انه خلال هذه الجولة الجديدة سيتم التطرق الى المسائل المتعلقة بقيادة الجيش الشعبي لتحرير السودان، الحزب الحاكم الذي يتنافس فيه كل من مشار وكير منذ اشهر طويلة، ثم تلك المتعلقة بمؤسسات البلاد. وقد انبثق الجيش الشعبي من التمرد الجنوبي السابق الذي قاتل الخرطوم خلال الحرب الاهلية الطويلة (1983-2005) التي ادت الى تقسيم السودان واستقلال الجنوب في تموز/يوليو 2011. وقال المتحدث باسمه ان فريق مشار سيطالب باستبدال الرئيس كير "بشخصية مستقلة" بحلول الانتخابات العامة المرتقبة في 2015 وهو مطلب غير مقبول بوضوح لدى السلطات في جنوب السودان. واذا كان ماكوي "متفائلا" بنتيجة المفاوضات، اعرب بوك عن تشاؤمه وانتقد انعدام "جدية" الفريق الحكومي "الذي دفعته المجموعة الدولية الى المفاوضات"، كما قال. واتهم بوك ايضا سلطات جنوب السودان بأنها "لا تحترم تعهداتها" بالافراج عن شخصيات من فريق مشار ما زالوا موقوفين في جوبا. وتم اعتقال 11 شخصية سياسية اعتبرت مؤيدة لرياك مشار حين اندلعت اولى المعارك في جوبا في 15 كانون الاول/ديسمبر. وتم الافراج عن سبع منها في 30 كانون الثاني/يناير بموجب اتفاق ملحق باتفاق وقف اطلاق النار. وقالت ايغاد ان الشخصيات السبع التي افرج عنها ستشارك في المحادثات بموجب هذا الاتفاق. ومصير المسؤولين الاربعة الاخرين الذين لا يزالون قيد الاعتقال سيبحث في اديس ابابا. واعلنت جوبا انها تريد محاكمتهم مع نائب الرئيس السابق وشخصية سياسة اخرى، وهما متواريان، ما يمكن ان يؤدي الى نسف المحادثات. ودعت واشنطن مساء السبت الى الافراج عن هؤلاء الاربعة بهدف "خفض حدة التوتر وتعزيز الثقة في عملية المصالحة"، والى "الانسحاب التدريجي للقوات الاجنبية"، وحذرت "من العواقب الخطرة لاحتمال ان يأخذ النزاع بعدا اقليميا". وينتقد فريق مشار وجود الجيش الاوغندي الى جانب القوات الموالية للرئيس كير علما بان اوغندا عضو بارز في ايغاد.