باتريك شوماخر

ألقى مدير "معماريو زها حديد" في شركة زها حديد للمشاريع الهندسية والإنشائية، باتريك شوماخر، رسالة بين جمهور المهندسين المعماريين والمطورين في مؤتمر عقد في برلين الأسبوع الماضي، داعيًا إلى "إلغاء السكن الاجتماعي، ونبذ أنظمة التخطيط الإلزامية والدخول في مشروعات الخصخصة بالجملة إلى الشوارع والساحات والحدائق العامة" مما أثار سيلًا من الردود الحماسية على الإنترنت مع كل من المعارضين والمؤيّدين الذين أعلنوا أنه سيكون "ترامب للهندسة المعمارية".

واعتُبرت أعمال "شركة حديد" مؤخرًا ولفترة طويلة مصدرًا للدهشة، بفضل أشكال الخيال العلمي، ومآثر الهيكلية التي تتحدى قوة الجاذبية، ولكن الآن بعد تصريحات مديرها المثيرة للجدل ذهب كل ذلك، فهذه التصريحات أدّت إلى إثارة الشكوك والريبة حيال الدافع وراء أعمال الشركة

وهاجم شوماخر، الذي عمل جنبًا إلى جنب مع حديد منذ عام 1988، والذي يرأس شركتها حاليا، في عدة منشورات طويلة على موقع "فيسبوك"، مضمنًا منشورته بالحروف والأرقام وعلامات التعجب، بشدة كل شيء بدءًا من المدارس الفنية التي تمولها الدولة "مفارقة تاريخية لا يمكن الدفاع عنها" إلى "سيطرة أجهزة الحواسيب على العمارة"
ويعتبر شوماخر شخصًا غير عادي في حلقات النقاش، فاذا لم يكن على رأس خشبة المسرح ولم يجلس في الصف الأمامي، فإنه يبدأ برفع يده لتوجيه اللوم إلى مكبرات الصوت لكونها جزءًا من مؤامرة ليبرالية يسارية، ولكن لمدة ساعة تطرّق في خطابه الرئيسي في مهرجان العمارة العالمي في برلين إلى أبعد من ذلك في شرح نظرته المتطرفة التي لم يتجرأ على طرحه في أي وقت، فالهجوم ضد "الهندسة الاجتماعية" لأدلة تصميم المساكن وفكرة خطط استخدام الأراضي "المفلسة فكريا"، هو ما خطط له في البيان الرسمي للسياسات الحضرية، حيث بدأ في الحديث عن الغاء معايير مساحة السكن وإلغاء جميع أشكال الرقابة على الإيجار وتنظيم عقود الإيجار، مرحّبًا بتدفق المستثمرين الأجانب إلى لندن ودافع عن ثقافة "الشراء من اجل البيع"، معتبرًا أنه "حتى لو كان رواد الأعمال يقيمون فقط لبضعة أسابيع فان سيكون أمرًا مذهلاً لنا. 

وأثار موقفه المتصلّب حيال المناطق السكنية الاجتماعية استياءً كبيرًا، مضيفًا: "عندما يُطلب من المستأجرين أجارًا اجتماعيًا للانتقال وعرض مكان جديد لهم في منطقة آخرى، فإنهم يمنحون هذه المنازل الجديدة مجانا، إن المستخدمين الأقوى اقتصاديًا والأكثر إنتاجًا هم من يخدمونا بفعالية أكثر ، يا لها من مأساة بالنسبة لهم" وواصل الاستهزاء من هذه السياسات. 

وبعد بضعة أيام، ظهر وهو يجلس على طاولة الاكريليك في معرض كليركينويل للشركة، محاطًا بالأثاث الرائع والسكاكين الجريئة من حوله، وكان المهندس المعماري الألماني البالغ من العمر 55 عامًا يبدو أكثر خجلا مما كان عليه حين وقف علي خشبة المسرح، مبيّنًا : "أنا لا لست نادما عن كل ما قلت بالكامل، لم أكن أدرك إن المحاضرة سوف تبث على الهواء مباشرة، ولا بد لي من التأكيد على أن هذه التعليقات جعلتني ارتدي قبعتي باعتباري مفكر، ومنظر ومجادل، الأمر الذي يكون مختلفا عن يقوم به بالفعل، ولا أريد أن تبدو الشركة بنفس هذه الملامح ".

ورفضت "حديد" التي توفيت في شهر مارس/آذار، نظرياتها "الموضحة في مجلدين، بحجم الكتاب المقدس باسم الصنع الذاتي للهندسة المعمارية ومقالات تحت عناوين مثل تحديث المهام الاجتماعية"، ولم تبدى حديد حديثا عن السياسة، كما عملت بسعادة مع مختلف الأنظمة في جميع الأوقات. ولم تتشارك وجهات نظر شوماخر المتطرفة، وعندما انضم شوماخر إلى الشركة في 1980، وكان الاثنان قريبين سياسيًا، مثل عدد من المدافعين عن الحريات اليمينية، وكان ماركسيا سابقا أصيب بخيبة أمل، ولكنه مؤخرًا، انتفض من "النوم السياسي السائد" بسبب الأزمة المالية عام 2008، عندما اطلع على كتابات لودفيغ فون ميزس وفريدريك هايك، الأبوان الروحيان لليبرالية الجديدة، جنبا إلى جنب مع أفكار موراي روثبارد من الأناركية الرأسمالية.