تصوير الموجة الكبيرة في "كاناغاوا"

 أبدع الفنان الياباني هوكوساي، في تصوير الموجة الكبيرة في "كاناغاوا"، وهي لوحة يابانية تعتبر جزءً من مشاهد جبل فوجي، حيث يوجد فوق هذه الموجة الكبيرة ثلاثة قوارب تتعرض للمد والجزر. ويُفتتح معرض هوكوساي في المتحف البريطاني، وهو يحمل أعظم أعمال الفنان (1670-1749)، وهذا العمل قدمه عندما كان في الـ70 من عمره حيث قام  بأشهر سلسلة من المطبوعات، وهي ٣٦ عملًا، والتي بدءها بالموجة الكبيرة، بينما يعتبر هوكوساي من أكبر فناني مدرسة الـ"أوكييو-إه"، أو مدرسة الفن الياباني "العالم العائم"، ويكشف هذا المعرض عن عبقري لا يهدأ، وابتكار أنواع جديدة من الصور باستمرار، والتي تعد أصل الانطباعية والفن الحديث، لشخصيات العمل والسرد الرسومي.

كان هوكوساي تعيس الحظ  فقد رحل عنه زوجته وأولاده الاثنين ليتعرض لصدمة في سن الـ 50، وأصيب بسكتة دماغية في الستينيات من عمره، واضطر إلى تسديد ديون القمار، كما تعرض لحريق في عام 1839 دمر كل أعماله في الأستوديو، لكن أعماله الفنية جاءت لتعكس صورة طبقات المجتمع ، فهناك لوحات للطبقات الوسطى التي تعيش في مدينة ايدو اليابانية، ورسم للفقراء وللشعراء كما أنه أيضا قام بتجسيد مذهل لقوى الطبيعية، المياه، العواصف، الحصى والرماد، فلا يوجد شيء خارج متناول إبداعه الفني كما أنه أبدع في رسم ضفدع يتكأ تحت أمطار الصباح.

 ويشتمل معرض بريطانيا على صورته المشهورة لعاصفة مفاجئة تمزق القبعات من المتنزهين، وواحدة من ما يسمى بالزهور الكبيرة، وهي صورة لخشخاش يقاوم الريح، ويعود إلى الخلف ليشبه لوحة الموجة الكبيرة، كما يظهر في صورة ما يطلع الفجر على جبل فوجي لتتلألأ منحدرات الجبل بالضوء كما لو كان شروق الشمس ينبعث من الجبل نفسه (المقدس لدى البوذيين اليابانيين)، وتعكس إحدى  صور المعرض الدرجة التي كان هوكوساي يتضمن في أعماله المنظور الغربي، جنبا إلى جنب مع اللون الكيميائي لمادة الأزرق البروسي، والتي استوردها حديثًا التجار الهولنديين.

بالنسبة للطباعة فقد تم إنتاجها بالكامل في أشكال بروسية تستحوذ على الضوء غريب من المشهد قبل الفجر، وتتضمن صورة المناظر البحرية مسافة متوسطة بحيث يبدو فيها أن الصف الأمامي يتحول إلى طيور الزقزاقاوات مدهشة تحلق باتجاه جبل فوجي الذي يقف بعيدا، وفي الصورة الأخيرة من المعرض يظهر فيها التنين الأسود يحلق عاليا فوق جبل فوجي.  ومع ذلك رغم تلك النجاحات كانت كلمات هوكوسي الأخيرة: "إذا أتيح لي القدر بأن أعيش 5 سنوات إضافية، فسأتمكن من أكون فنان حقيقي".