تراكم النفايات

عبر كثير من سكان أحياء العاصمة الليبية طرابلس عن غضبهم من تراكم النفايات في شوارعهم بشكل لافت خلال الأيام الماضية، وقالوا إنهم ظلوا يعانون لعدة أشهر من هذه المشكلة البيئية، ومن أزمات أخرى، لكن دون تحرك الأجهزة المحلية.وتنتشر تلال القمامة على جوانب الشوارع في بعض أحياء العاصمة، ما جعلها مرتعاً للقطط والجرذان، بالإضافة إلى انبعاث روائح كريهة منها. إلى جانب سحابات من الدخان نتيجة إقدام بعض المواطنين على إحراقها، وهو ما يضاعف المخاوف من ارتفاع نسبة المصابين بالأمراض الصدرية.يقول الدكتور بدر الدين النجار، مدير عام المركز الوطني لمكافحة الأمراض، في بيان صحافي، إن «تلوث البيئة فاق المعدلات المتوقعة، وعلى المسؤولين أخذ إجراءات عاجلة وصارمة لإنقاذ البيئة من تكدس القمامة في طرابلس».بدوره، قال أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، إن «طرابلس عروس البحر تعيش مأساة بسبب الدخان الناتج عن البارود وانفجار القذائف، والذي بات يخنق قلوبنا ويمزق أفئدتنا، وأيضا بسبب دخان القمامة الذي شوه أجواء العاصمة، وزاد هو الآخر من هموم وأمراض المواطنين».

وألقت أزمة تكدس النفايات بظلالها على اجتماع مجلس وزراء حكومة «الوفاق الوطني»، مساء أول من أمس، الذي ترأسه رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، حيث «تطرق إلى أزمة تراكم النفايات في عدد من بلديات العاصمة، ومحاولة إيجاد الحلول العاجلة لها، ومعالجتها بالتنسيق مع الجهات المختصة».وفي مواجهة الغضبة التي شغلت الرأي العام في العاصمة، ردت بلدية طرابلس بالكشف عن كميات القمامة، التي تم تجميعها ونقلها خلال ثلاثة أيام فقط، وقالت في بيان إنه تم نقل آخر كمية، قاربت 500 طن، مؤكدة أنها مستمرة في إزالة القمامة، «وفق الظروف الصعبة التي يدركها الجميع»، لكن خالد التائب، رئيس قسم علم الحيوان بكلية العلوم بجامعة طرابلس، اعتبر أن «تفاقم مشكلة القمامة يحتاج إلى إدارة وتكاتف جهود لحلحلتها».وتندّر نشطاء ليبيون على تراكم جبال القمامة على جوانب الشوارع وفي بعض المكبات، ونشر بعضهم صوراً على مواقع التواصل الاجتماعي لبعض شوارع العاصمة خلال فترتي الستينات والسبعينات للتدليل على ما آلت إليه أوضاع العاصمة حالياً. وفي هذا السياق قالت المواطنة عطور: «لأول مرة أرى هذه المناظر في ليبيا»، مضيفة: «بعيداً عن السياسة، ولأنني من أصدقاء البيئة، فقد آلمني هذا المنظر البشع».وفي معرض دفاعها عن نفسها، قالت بلدية طرابلس إن أسباب تراكم القمامة في شوارع العاصمة «يرجع إلى تزايد كميات النفايات المنقولة من خارج البلدية»، مشيرة إلى أن الجهد الذي تبذله حالياً لرفع النفايات يأتي في ظل ظروف استثنائية تمر بها العاصمة.

كما تحدثت البلدية عن تأثير الحرب الدائرة بالضاحية الجنوبية للعاصمة على مستوى جمع النفايات، وقالت إن مكب «سيدي السائح» «لا يزال مقفلا بشكل نهائي نتيجة للاشتباكات المسلحة، كما أن المكب المرحلي في حي (أبو سليم) لا يزال مقفلا لعدم وجود سعة تسمح بكل هذه الكميات».وتشهد الضواحي الجنوبية للعاصمة طرابلس حرباً دامية منذ الرابع من أبريل (نيسان) الماضي، بين «الجيش الوطني» وقوات تابعة لحكومة «الوفاق» المدعومة دولياً. وكان المركز الوطني لمكافحة الأمراض قد حذر خلال ندوة علمية حول البيئة، أقيمت الأحد الماضي، من تداعيات التلوث البيئي على المواطنين، مشددا على ضرورة وجود استراتيجية تضمن صحة البيئة.

أقرا أيضا" :

فادي جريصاتي يؤكد أن أزمة النفايات شبيهة بالحرب الأهلية

وتقدم عدد من الباحثين بأوراق علمية حول مشكلة تراكم القمامة في العاصمة طرابلس والنفايات البلاستيكية، وآثارها على البيئة والإنسان، بالإضافة إلى تأثر المعادن الثقيلة على صحة الإنسان، وآثار الحروب في تدمير البيئة. كما بحث أحمد معيتيق، النائب بالمجلس الرئاسي، مع بعض المسؤولين المحليين بعض مشاكل مدن غرب البلاد، وفي مقدمتها مشكلة تكدس القمامة في شوارع العاصمة.
وفي هذا الصدد أجرت الباحثة رقية الهاشمي دراسة ميدانية حول ظاهرة انتشار القمامة في شوارع طرابلس، وخلصت إلى «نتائج سلبية»، مفادها «عدم وجود أماكن مخصصة لجمع القمامة بالتوازي مع ازدياد السكان، والتوسع العمراني في العاصمة». وأشارت إلى أن تواصلها مع المراكز الصحية أظهر «ارتفاع الإصابة بأمراض الصدرية والجلدية، خصوصاً بين الأطفال وكبار السن والحوامل»، كما حذرت من مخاطر تلوث الهواء بسبب إحراق النفايات.

وقد يهمك أيضا" :

قرية إندونيسية تعيش على تدوير النفايات "المال مقابل الأزبال"

الدول الآسيوية ترفض اعتبارها مكبًّا لنفايات العالم الغني بعد حظر الصين لواردات المخلاف