رام الله - امتياز المغربي
في الذكرى الـ25 لانطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى، المعروفة بـ "انتفاضة الحجارة"، والتي توافق الثامن من كانون الأول/ديسمبر، يسترجع الفلسطينيون سواء الذين عاصروا تلك الانطلاقة أو الذين سمعوا عنها من خلال المحيطين بهم ذكرياتهم في التحدي والإصرار والفقدان. فقد تحدث الكاتب الفلسطيني سامي الأخرس من غزة عن ذكرى الانتفاضة الأولى قائلاً "كانت الانتفاضة الأولى أو انتفاضة الحجارة ثوّرة حقيقية عفوية بمعنى الكلمة، انطلقت شعبية، واستمرت لمدة ست شهور شعبية، لم يفسدها إلا تدخل القوى الرسمية، وأصبحت عبارة عن تنافس حزبي، حيث كادت أن تحقق الحلم الفلسطيني، لولا تسييسها لصالح فئات حزبية استثمرتها". أما المصور الصحافي عوض محمد عوض فقد قال من القدس "الانتفاضة الأولى هي الانتفاضة الحقيقية لنضال الشعب الفلسطيني بكل أشكاله، ورفعت اسم فلسطين عاليًا، وأصبحت رمزًا للمقاومة الشعبية في العالم أجمع، فقدعشت في الانتفاضة، وتنقلت بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وسلاحي كان عدستي، حيث قمت بتغطيتها". كما قال حسن سليم، وهو أحد نشطاء الانتفاضة الأولى من طولكرم، والذي تم اعتقاله في 16 نيسان/أبريل 1992، وأصيت في 10تشرين الثاني/نوفمبر2000، قال "كانت الانتفاضة الأولى باختصار نظيفة، فيما يتعلق بالمقاومة الشعبية والتلاحم الشعبي، وكانت المقاومة تشعرك بالعزة والفخار، وكانت السلطة للشعب". وأضاف سليم "كانت هناك الكثير من القيم التي تربينا عليها، ولكن للأسف حولتها بعض التنظيمات إلى سلعة، بعدما قتلت الانتماء في النفوس، وكانت الرتب بقدر التضحية وسنوات الاعتقال، وباختصار، كانت أحلامنا كبيرة، قبل أن نغلق على أنفسنا باب السجن الكبير". كذلك قال الموظف الحكومي علي الكرنز من غزة "إن الانتفاضة الأولى هي الثورة الحقيقية العفوية النبيلة للشعب الفلسطيني، الرافضة للظلم والقهر، والباحثة عن مستقبل مشرق، بعيدًا عن المساومات والتنازلات المخجلة". وأضاف الكرنز "نعم عايشتها، وأذكر منها قوة وتلاحم المجتمع الفلسطيني، وإيمانه المجرد، البعيد عن المصالح، بالحقوق المشروعة". أما المخرجة فاديا صلاح الدين، من القدس، فقد استرجعت ذكريات استشهاد والدها، فقالت "ما أذكره هو أواخر الانتفاضة الأولى، حيث أنها ارتبطت في ذاكرتي باستشهاد والدي، الذي استشهد في 14من آذار/مارس 1993، وفي هذا الحدث، أدركت أننا في انتفاضة". كما قال المواطن عزام حرب من رام الله "في الحقيقة أنا عايشتها جيدًا، وأتذكر كل شي، أتذكر دماء شهدائنا التي سقطت في تلك الانتفاضة، الذين كان عددهم أكثر من 2000 شهيد". وأضاف حرب "أتذكر كذلك الخوف والرعب الذي كان يسكننا، عندما تحاول قوات الاحتلال اقتحام المخيم، واعتقال الشباب، و يذكرني حظر التجول الذي كان يمتد لأيام وربما لأسابيع وأشهر بلحمة الدم الفلسطيني، حيث كانت الفصائل الفلسطينية هي عبارة عن جسد واحد، ولا يوجد انقسام، حيث كانت "حماس" تضرب تل أبيب في عمليات استشهادية، وكتائب الأقصى من جهة أخرى تقوم بعميلة فدائية". كما تحدث المذيع شاهر الحسيني من الخليل عن تلك الانتفاضة الخالدة قائلاً "إن المأسي التي شاهدتها لا تنسى، أتذكر كيف كان يتعامل الجيش الإسرائيلي مع المواطنين الفلسطينيين بالضرب المتوحش، و تعرضت في إحدى المرات لمحاولة قتل من قبل سيارة للجيش الإسرائيلي". أما الشاعر الفلسطيني نزيه حسون، فقد قال من بلدة شفاعمر "إن دم شهدائنا لم تذهب هدرًا، وإننا سائرون على هدى دمائهم حتى انبلاج الفجر الساطع والحتمي، الانتفاضة الأولى كانت بمثابة المشعل الوضَّاء الأول، الذي أضاء الطريق حين اشتد الظلام واستبد الظالم، فجاءت برهانًا قاطعًا على أن الشعوب إذا هبت ستنتصر، وأن الحق الفلسطيني حين يمتزج بالحجر الفلسطيني يصبح قوة لا تقهر". وأضاف حسون "نعم عايشت الانتفاضة الأولى، ولعل أجمل ما كان يجسدها تلك الوحدة الفولاذية التي تجسدت آنذاك بين جميع فصائل وأبناء الشعب الفلسطيني، ولعل هذا الأمر البالغ الأهمية هو ما نفتقده اليوم، ونرنو بعقولنا وعواطفنا إلى تحقيقه على أرض الواقع الحي". ومن جانبه قال ناصر العمايرة من الخليل "في ذكرى الانتفاضة الأولى تذكرت قول الله سبحانه وتعالى (وأعدو لهم ما استطعتم من قوة)، وقوة جاءت بالإفراد، ولم يقل قوات، ولا راجمات صواريخ، فكان الحجر هو القوة التي ضرب بها الكيان الغاصب المتكبر، وربما اعتبرها بعض المتفيهقين تهلكة، إلا أن الحجر ودم الشهداء أثبت بأنه لا يمكن التعايش مع هذا الكيان الغاصب، واستذكر أيضًا في هذا اليوم أناشيد وأهازيج كن نسمعها". أما الموظف في وزارة الشباب والرياضة عبد الله برهم من نابلس فقد قال "الانتفاضة الأولى هي أول الربيع العربي، وأول قهر شعبي للجيش الذي لا يقهر، وأكثر ما نتذكر فيها هو التضامن والمحبة والألفة بين الناس، و إجماعهم على نبذ الممارسات السلبية وسيادة الأمن والأمان". كما قال الفلسطيني المقيم في ليبيا أيوب صوان "ولدنا أنا والانتفاضة الأولى في شهر واحد، ولكن أقول أن الانتفاضة الأولى بالرغم من قلة عدتها وعتادها كانت أفضل من الحالية، لأنها لم تنحرف بوصلتها كما الحالية". وقال خالد الشاعر من جنين "طبعًا عايشت انتفاضة الحجارة، وكنت فيها، وسميت "أبو جهاد" لأجلها، ولأجل الشهد خليل الوزير أبو جهاد، وأتذكر المواجهات بين الشباب والجيش، واقتحام قريتنا، ومحاصرتنا ثلاثة أيام بلياليهن، وأتذكر كيف كنا نواجه الرصاص بالحجر". أما محمد أيوب من غزة فقد قال "في الحقيقة لم أعايش الانتفاضة الأولى بكافة تفاصيلها لصغر سني في ذلك الوقت، ولكن كنت أعي ملاحقات جنود الاحتلال للشباب من أبناء جيراني، حين كانوا يرشقون الجيش بالحجارة، ويهربون من بيت إلى آخر، وكيف كانت النسوة وكبار السن يستضيفون الشباب ويأمنون لهم الخروج، من ثم يقفن على أبواب منازلهن لإلهاء الجنود، حتى يستطيع هؤلاء الشباب الفرار". وأضاف "اعتقد أن ما حققته المقاومة الفلسطينية في حرب الثمانية أيام هو امتداد للأدوات التي استخدمت في مقاومة الاحتلال، بدءًا من الحجارة والمقلاع والسلاح الأبيض والأسلحة الخفيفة والعمليات الاستشهادية، وليس انتهاءًا بالصواريخ الفلسطينية". وكانت بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى في الثامن من كانون الأول/ديسمبر عام 1987، حينما كانت حافلات تقل العمال الفلسطينيين من أماكن عملهم في إسرائيل عائدة مساءًا إلى قطاع غزة المحتل، وكانت على وشك القيام بوقفتها اليومية المقيتة أمام الحاجز الإسرائيلي للتفتيش، حينما داهمتها شاحنة عسكرية إسرائيلية، مما أدى إلى استشهاد أربعة عمال، وجرح سبعة آخرين من سكان مخيم جباليا في القطاع، ولاذ سائق الشاحنة العسكرية الإسرائيلية بالفرار على مرآى من جنود الحاجز، وعلى أثر ذلك، إندلع بركان الغضب الشعبي صباح اليوم التالي من مخيم جباليا، حيث يقطن أهالي الضحايا الأبرياء، ليشمل قطاع غزة برمته، وتتردد أصداءه بعنف في الضفة الغربية المحتلة، وذلك لدى تشييع الشهداء الأربعة، وقد شاركت الطائرات المروحية لقوات الاحتلال في قذف القنابل المسيلة للدموع والدخانية لتفريق المتظاهرين، وقد استشهد وأصيب في ذلك اليوم بعض المواطنين، كما فرضت سلطات الاحتلال نظام منع التجول على بلدة ومخيم جباليا وبعض الأحياء في قطاع غزة.