فيروس كورونا

باتت إيطاليا بؤرة ضحايا وباء "كوفيد 19" العالمي الفتّاك، مع تسجيل أكثر من 10 آلاف وفاة بزيادة بلغت 889 حالة خلال الساعات الماضية، وذلك من إجمالي 92,472 ألف إصابة مؤكّدة، فيما يبدو أنها تملك أعلى مُعدل وفيات على هذا الكوكب، بحسب آخر الإحصاءات الصادرة عن وكالة الحماية المدينة الإيطالية.

وبالمقارنة مع الصين، مركز اكتشاف الفيروس لأول مرة، والتي تُسجل عددًا مماثلًا من الإصابات المؤكدة بواقع 81,997 ألف حالة، لكنها تأتي في المرتبة الثالثة من حيث عدد الوفيات التي بلغت 3.299، وفق إحصائيات جامعة "جونز هوبكنز" الأمريكية.

فيما تحتل إيطاليا المرتبة الثانية عالميًا من حيث أعداد الإصابات المؤكّدة بـ"كورونا" بعد الولايات المتحدة التي قفزت فيها الحالات إلى 123,781 ألفًا، في حين سجّلت أكثر من ألفيّ وفاة.

ومع دخول إيطاليا الأسبوع السادس وسط قيود صارمة تفرضها السلطات على المواطنين في محاولة للحدّ من تفشي الوباء الفتّاك، يتساءل كثيرون: لماذا يرتفع مُعدل وفيات كورونا في هذا البلد عن باقي الدول؟.

وفي هذا الصدد، يقول خبراء، وفق شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إن الإجابة ترتبط بعدد من العوامل، بما في ذلك زيادة عدد كبار السن الأكثر عُرضة لخطر الوفاء جراء الإصابة بالفيروس، إلى جانب طريقة اختبارات "كورونا" والتي لا تُعطي صورة واضحة عن حجم الإصابات الفِعلي.

أرقام مُحرّفة

قال الدكتور ماسيمو جالي، رئيس وحدة الأمراض المعدية في مستشفى ساكو في ميلانو، إن عدد الإصابات المؤكدة في إيطاليا "لا يمثل جميع السكان المُصابين"، مُحذرًا من أن الرقم الحقيقي "أكثر بكثير"، وفق السي إن إن.

وأضاف جالي أن "الحالات الحرجة وشديدة الخطوة فقط هي التي يتم إخضاعها للفحص، وليس كافة المواطنين"، الأمر الذي يتسبب بدوره في تشويه وتحريف مُعدل الوفيات.

ففي إقليم لامبوديا، التي تتركز فيها الغالبية العُظمى من الحالات في شمال إيطاليا، يتم إجراء 5 آلاف مسحة فقط يوميًا، وفق جالي، مُضيفًا أن "ذلك الرقم أدنى بكثير من المطلوب، مع وجود آلاف الأشخاص بانتظار إخضاعهم للتشخيص في منازلهم"

وأوضح أن العقبة الرئيسية التي تقف حائلًا دون تعميم تلك الاختبارات على كافة المواطنين، تتمثل في محدودية مُعدات الحماية الطبية المتاحة.

وفي تحذير صارخ للدول الأخرى، قال جالي: "لدينا (في إيطاليا) نظام رعاية صحي يعمل بشكل جيد للغاية، وتحديدًا في لامبوديا- لكن رغم ذلك اصطدم نظامنا بتلك العقبة".
 
وتابع خبير الصحة الإيطالي: "لقد تضاعفت أعداد الأسِرة في المستشفيات وكان ذلك بمثابة مُعجزة، لكن مازلنا نفتقر إلى العقاقير- وهذه مشكلة كبيرة ستلمسها دول أخرى".

كبار السن الأكثر تهديدًا

وعرجت السي إن إن إلى عامل آخر يؤثر على زيادة معدل الوفيات في إيطاليا، وهو عدد كبار السن في البلاد، الذي يُعد الأضخم في العالم بعد اليابان.

بلغ متوسط عُمر المُصابين الإيطاليين الذين لقوا حتفهم جراء الإصابة بالفيروس 78 عامًا، حسبما أعلن معهد الصحة الإيطالي يوم الجمعة.

ومع ذلك، قال جالي إن نظام الرعاية الصحية العامة في إيطاليا لا يزال قادرًا على علاج الكثير من مُصابي كورونا من كبار السن الذين يعانون من حالات مرضية مُزمنة، وإبقائهم على قيد الحياة.

لكنه أضاف أن أولئك المرضى "الذين يعانون وضعًا صحيًا مُترديًا هم الأكثر عُرضة لأن ينال منهم فيروس مثل كورونا".

ورغم ذلك، فإن ثمة قصص تبعث على الأمل والتفاؤل، بما في ذلك الإيطالية إيتاليكا جروندونا البالغة من العمر مائة وعامين، التي تعافت من الفيروس في مدينة جنوة الشمالية بعد أن مكثت أكثر من 20 يومًا في المستشفى، حسبما صرّح ابن شقيقتها وأطباء مُعالجون لها للشبكة الأمريكية.

قالت الدكتورة فيرا سيكبالدي للسي إن إن: "لقّبناها بـ(الخالدة). إيتاليكا تمثل أملًا لجميع كبار السن الذين يواجهون هذا الوباء".

عقوبات قاسية

وفي الوقت نفسه، تساءل بعض الخبراء عما إذا كانت القيود التي فرضتها إيطاليا كافية لوقف انتشار الفيروس.
 
كانت مدينة ووهان الصينية أول من فرضت إغلاقًا شاملاً على سكانها البالغ عددهم 11 مليونًا في يناير الماضي، مع إلغاء جميع الرحلات الجوية والقطارات والحافلات وإغلاق مداخل الطرق السريعة.

والآن، وبعد أكثر من شهرين، يتطلع المسؤولون في مركز الوباء إلى تخفيف هذه القيود مع تراجع تسجيل إصابات جديدة ودخولها على خط الصفر. في غضون ذلك، تعمل إيطاليا على فرض مزيد من العقوبات القاسية بشكل مُطرد في محاولة لاحتواء "كوفيد 19".

يواجه الإيطاليون الآن غرامات باهظة تصل إلى 3 آلاف يورو (3350 دولار)، في حال انتهكوا أوامر الحجر الصحي التي لا يُسمح لهم بالخروج بموجبها إلا لشراء الاحتياجات الأساسية مثل الطعام.

لكن الدكتور جورجيو بالو، الرئيس السابق للجمعية الأوروبية والإيطالية لعلم الفيروسات وأستاذ علم الفيروسات والميكروبيولوجيا بجامعة بادوفا، قال للشبكة الأمريكية إن الإجراءات الإيطالية "ليست قوية أو صارمة مثل الإجراءات الصينية".

لكنه اعتبر أنها "أمثل تطبيق يُجرى في دولة ديمقراطية"، في إشارة إلى القيود الصارمة التي تفرضها الدولة الشيوعية في الصين.

وعن تقييد حرية الإيطاليين لمواجهة الوباء الفتاك، قال بالو: بعض الحقوق الدستورية مسلوبة منا. لا مكان لتجمعات عامة الآن".

وفيما يواصل كورونا حصد مزيد من الضحايا في إيطاليا، استبعدت السي إن إن رفع القيود المفروضة على مواطنيها في القريب العاجل.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

شاب مصري يصبح حديث إيطاليا بسبب فيروس كورونا

بارقة أمل في إيطاليارغم وفاة نحو 11 ألف بكورونا