غزة ـ كمال اليازجي
يواجه سكان الجنوب في الأسابيع الأخيرة، نوعًا جديدًا من التهديد: طائرات ورقية حارقة يتم إرسالها من غزة، وتصل برعاية الرياح إلى إسرائيل، وتسقط في الحقول وداخل البلدات، وتشعل حرائق. يوم الأربعاء، اندلع أكبر حريق منذ بدأت موجة الطائرات الورقية "الإرهابية"، التي دمرت مئات الدونمات في منطقة غابة بئيري.
لقد عملت أكثر من عشرة طواقم من رجال الإطفاء من محطة النقب الغربي، من أجل السيطرة على الحريق الذي اندلع بعد سقوط عدة طائرات ورقية جاءت من قطاع غزة، وتم وصلها بمواد مشتعلة أدت إلى إشعال النار في المنطقة. وساعدت درجة الحرارة العالية والرياح القوية في المنطقة على انتشار اللهب وتفشيه لفترة طويلة.
طريقة "الإرهاب" البسيطة، شبه البدائية تقريبًا، تقض مضاجع السكان، ولا سيما المزارعين في المنطقة. في الأسابيع الأخيرة، تم إرسال ما بين ثلاث إلى أربع طائرات ورقية إلى إسرائيل كل يوم، كجزء من الاحتجاجات التي تجري على الجانب الآخر من الحدود. وقد قضت الطائرات الورقية المحترقة حتى الآن على نحو 800 دونم من الحقول الزراعية، ويقدر الضرر بنحو نصف مليون شيكل.
سياسة المؤسسة الدفاعية في هذه المرحلة هي الاحتواء. وبما أن الطائرات الورقية تنتمي إلى الاحتجاج بالقرب من السياج، مثل "مسيرة العودة"، فقد تقرر التصرف بضبط النفس في هذه المرحلة، وقال غادي يركوني، رئيس مجلس أشكول الإقليمي، حيث تسقط معظم الطائرات الورقية، إن "موضوع الطائرات الورقية يشغلنا كثيرا في الأيام الأخيرة، ويتطلب ردًا. لقد حدث ضرر لحقول القمح والشعير قبل الحصاد، ويعمل رجال الأمن والمزارعين في المستوطنات لساعات إضافية من أجل إخماد الحرائق، ومنعها من الانتشار والتسبب بضرر أكبر. نتوقع من الدولة أن تعوض عن الأضرار. هذا الأمر لن يهزمنا وسنواصل زراعة حقولنا حتى المتر الأخير. حقولنا هي مصدر الرزق والقلب النابض لمجلس أشكول الإقليمي".
وأوضح رئيس المجلس الإقليمي "مرحافيم"، شاي حجاج، ورئيس المجلس الإقليمي "سدوت هنيغف"، تمير عيدان "في الوقت الذي تناقش فيه المحكمة في القدس الالتماس الذي تقدمت به المنظمات اليسارية لتقييد أيدي الجنود الذين يواجهون المشاغبين من سكان غزة، الذين يسعون لاختراق السياج الحدودي، يتواصل حرق حقول المزارعين.
ليس من الزائد تذكير منظمات حقوق الفلسطينية والقضاة أن رشق الحجارة وحرق الحقول هي أعمال عنف، العنف الذي تسبب بالفعل، ويسبب خسائر اقتصادية بالغة، ولكنه أيضًا يهدد حياة الإنسان، فإحراق الحقول باستخدام الطائرات من قبل المشاغبين الفلسطينيين لم يعد يقتصر على مظاهرات العودة أيام الجمعة، بل أصبح حدثًا يوميًا. نحن نطالب الجيش الإسرائيلي بوضع حد لهذا العنف".
منذ بدء الهجوم من قطاع غزة قبل خمسة أسابيع، تم إرسال مئات الطائرات الورقية المحترقة إلى الأراضي الإسرائيلية. وقال رؤوفين نير، مدير المحاصيل الحقلية في كيبوتسي "كفار عزة" و"مفلاسيم" في غلاف غزة "لا نملك حقًا القدرة على التعامل مع هذا. نحن متيقظون، وحالما نرى طائرة ورقية تهبط في الحقل، نندفع إلى المكان لمنع تفشي النار، قبل أن تدمر المزيد والمزيد من الأراضي، لدينا تجربة هنا في غلاف غزة. اجتزنا كل شيء، الصواريخ والأنفاق والعمليات العسكرية والمظاهرات. ولكن هذه الظاهرة غير محتملة".
وغرس إرهاب الطائرات الورقية موجة جديدة من الذعر بين أطفال المنطقة الذين عاشوا منذ ولادتهم تحت التهديد. وقال معلمون ومدراء في المدارس أنه منذ بداية ظاهرة الطائرات الورقية، لاحظوا أن هذا الموضوع يشغل جدا الأطفال، الذين اعتادوا على التعامل مع الطائرات الورقية على أنها لعبة بريئة وصبيانية، وفجأة أصبحت هذه اللعبة أداة للتهديد والإرهاب.
وقد أبلغت المؤسسات التعليمية عن تزايد الذعر في مراكز المناعة التي تتعامل مع قلق سكان المنطقة، والآن يتم إعداد خطة للعلاقات العامة والعلاج لتهدئة الأطفال في مواجهة التهديد الجديد. ويتم التعامل مع هذه القضية بالاشتراك مع وزارة الشؤون الاجتماعية وقيادة الجبهة الداخلية من أجل توفير رد فوري لمخاوف الأطفال.