دمشق ـ الزهرة غانم
كشف خريج الفوج الثالث لأطباء الطب العام في المغرب، بتجربة مهنية تعود لسنة 1979، الدكتور عمر أجبيهة، أن حدة نظر الطفل تزداد خلال الأشهر الأولى من عمره، وحين يصل إلى الشهر السادس أو الثامن تقريبًا، يتمكّن من رؤية العالم من حوله مثلما يراه الشخص البالغ تمامًا، موضحًا أن ذلك بعكس القدرة السمعية التي يكتمل تطورها تمامًا مع نهاية الشهر الأول.
وأكد أجبيهة في حواره مع "العرب اليوم" أنه عند الولادة، تكون رؤيته مشوشة قليلًا، لكن بمقدوره تحديد الضوء والأشكال والأشياء المتحركة من حوله، يستطيع أن يرى فقط على بعد يتراوح بين 20 و30.5 سنتيمترًا، وتسمح له هذه المسافة برؤية الشخص الذي يحمله فقط، وهذا يناسبه تمامًا لأن وجهك هو أكثر ما يسلّيه في هذا السنّ، كما يستطيع رؤية الأشياء الصارخة في تناقضها مثل لوحة الشطرنج الملوّنة بالأبيض والأسود، لذا تأكدي أنك تمنحيه الكثير من الوقت لتلتقي عيناك مع عينيه، ويتحسّن نظر طفلك تدريجيًا حتى يستطيع في سنّ الثمانية أشهر أن يرى مثلك تمامًا.
وأوضح أجبيهة أنه عند الولادة، لا يكون في استطاعة أن يستعمل عينيه في آن واحد، لذا قد تهيمان بشكل عشوائي ومنفرد، وحين يكمل الشهر الأول أو الشهرين من عمره، يكون قد تعلّم التحديق بعينيه الاثنتين في آنٍ واحد، كما يستطيع تتبع أي شيء متحرك "رغم إمكانية قدرته على فعل ذلك منذ الولادة وإن كان لفترات قصيرة"، وتجذب انتباهه عادة أي خشخشة بسيطة تمر أمام وجهه.
وتابع أجبيهة أن الأطفال يرون الألوان منذ الولادة، لكن يصعب عليهم التمييز بين الألوان المتشابهة مثل الأحمر والبرتقالي، لهذا يفضلون الأبيض والأسود والألوان الصارخة في تناقضها، وانطلاقا من شهره الثاني، يستطيع الطفل أن يميز بين الألوان المتناقضة، كما يبدأ لأول مرة في تتبع بعض التحركات من حكوله بنظرات خالية من أي تعبير.
وأضاف أجبيهة أنه في الشهر الرابع يبدأ الطفل إدراك البعد العميق مما يساعده على رؤية مسافة الأشياء التي تبعد عنه، وسوف يكتسب قدرة أفضل على التحكم في ذراعيه، فيأتي هذا التطور البصري الجديد في موعده تمامًا ليعينه على تقدير المسافات عند إمساك الأشياء بصورة أكثر دقة مثل الشعر أو أقراط الأذن.
وعن الشهر الخامس؛ أضاف أجبيهة أنه في هذه المرحلة، تتحسن قدرة الطفل على ملاحظة الأشياء صغيرة الحجم، وتتطور كذلك قدرته على متابعة الأشياء المتحركة، فيستطيع التعرّف على الشيء بمجرد رؤية جزء منه، وهو الأساس في لعبة "الغميضة" أو "الاختباء" التي يمكنك الاستمتاع بها معه خلال الأشهر الآتية، ويتعلّم معظم الأطفال في سنّ الخمسة أشهر التمييز بين الألوان البارزة والمتشابهة، بما يساهم في البدء بمعرفة الفروق الدقيقة بين الألوان الفاتحة.
وكشف أجبيهة أنه في الشهر الثامن يصبح في مقدور الطفل تمييز الأشياء بأشكالها، لا فقط بألوانها، وهنا يمكنه التعرف على بعض أفراد الأسرة، ويصبح قادرا على المطالبة ببقائهم، حيث يشرع في البكاء كلما اتجه أحدكم نحو باب البيت للخروج.
وأوضح أجبيهة أنه يجب فحص الأطفال بصورة منتظمة ودورية للكشف عن أية مشاكل بصرية ابتداءً من الولادة، ويمكن تصحيح معظم عيوب الإبصار إذا تمّ اكتشافها مبكرًا، فكلما كبر طفلك في السنّ، أصبح حلّ المشكلة أصعب.
ويتعرّض الأطفال الخدّج (المولودين قبل الأوان) لخطر أكبر في الإصابة ببعض مشاكل العيون مثل حرج البصر وقصر النظر والحول (عدم انتظام حركة العين)، لذا على آبائهم وأمهاتهم بالإضافة إلى الطبيب، مراقبة مشاكل العين.
وشدد أجبيهة على ضرورة استشارة الطبيب في بعض الحالات، وهي: إذا كان الطفل يجد صعوبة في تحريك إحدى عينيه أو الاثنتين في جميع الاتجاهات، وإذا كان لدى الطفل حَوَل معظم الوقت، وإذا كانت إحدى عيني الطفل أو الاثنتين تميل إلى الدوران.