القاهرة - شيماء مكاوي
أكَّدت أستاذ الطبّ النفسيّ الدكتورة هبة عيسوي لـ"العرب اليوم" أن العنف المعنويّ ضدّ المرأة هو من أخطر أنواع العنف، وأوضحت أن العنف المعنويّ هو نوع من الأذى النفسيّ الذي قد تتعرَّض له الزوجة أو الأخت من أخيها أو أحد أفراد أسرتها، ويسبب لها إحساسًا بالقهر والدونية ويجعلها تشعر بعدم الكفاءة؛ مما يعرض صحَّتها النفسيَّة للاضطراب، ويكون منفذًا لظهور الأمراض النفسية والاضطرابات السلوكيَّة.
وأشارت إلى أن هناك أمثلة عديدة لهذا القهر، منها تسخيف آراء الزوجة من جانب الزوج أمام مجموعة من الأصدقاء أو تعمُّد وصفها بعدم الفهم وقلة الخبرة، وكذلك وضع كثير من العراقيل أمامها في أعمال المنزل حتى يتخذ ذلك ذريعة لاتهامها بالتقصير وعدم النظام وربما يتعمد الزوج التراشق بالألفاظ أمام العاملين في المنزل واتهامه لزوجته بالإسراف أو التبذير أو اقتناص نقود من حافظته في غيابه.
وأضافت الدكتورة هبة أن هذا القهر الموجَّه إلى المرأة يمرّ بمراحل نفسية كثيرة تتمثل المرحلة الأولى في الحزن والألم مما يجعلها تتحامل على نفسها وتذهب إليه للاعتذار وهي غير مقتنعة بذلك، وعندما تجلس أمام زوجها في هذه الحالة فإنه يجدها فرصة ليبدأ بالتأنيب والتجريح فتعتذر للمرة الثانية إلى أن يصفح عنها، ويتوقع الزوج أن المشكلة تم حلها وانتهت عند هذا الحدّ، ولكن هذا غير صحيح لأن تكرار ذلك المشهد في العلاقة الزوجية يخلق نوعًا من الضغينة وليس الكراهية من جانب الزوجة، فتبدأ في تجنب إثارته أو حتى الاختلاف معه ولو لأتفه الأسباب، وهنا يبرز الإحساس بعدم الرضا لدى المرأة عن حياتها بصفة عامة لأنها تصنع من نفسها كائنًا هلاميًّا ليس له لون ولا طعم ولا رائحة، فهي غير راضية عن تصرفاتها مع الزوج ولكنها تلتمس الكثير من الأعذار كالحفاظ على الأطفال في المنزل، وتؤكد الدكتورة هبة أنها محقة في ذلك لأن قهر الزوج يخلق نوعًا من الشراسة لدى الأطفال.
وتضيف الدكتورة هبة أن العيادات النفسية تزخر بحالات الأمراض السيكوساماتية ومنها القولون العصبي والصداع النصفي وارتفاع ضغط الدم والقيء المستمرّ والأوجاع التي تشكو منها في جسمها دون أي أساس طبيّ، وهنا يكون الجسم هو الذي يعبِّر عن الألم وليس اللسان، فهي لا تتكلم ولا تشتكي وإنما تستلم للأعراض العضوية التي بها أصل نفسي، والتي قد تظهر أيضًا في أعراض القلق خاصة الهلع والخوف والموت مع سرعة ضربات القلب والعرق الشديد وبرودة الجسم ويستمر ذلك لدقائق أو مع الأكثر 20 دقيقة، ولكنها غالبًا ما تذهب إلى وحدات الطوارئ في المستشفيات لإنقاذها ولكن قد تختفي الحالة بعد وقت قصير دون الحاجة للعلاج في المستشفى.
وتؤكد الدكتورة هبة أن من الحالات النفسية التي تذهب إلى مدى أبعد لدى بعض النساء اللاتي يتعرضن للعنف المعنوي من الزوج هو ممارستها لنوع من العنف على الأولاد، مثل إهمالهم أو عدم استيفاء طلباتهم أو حتى عدم تحملهم أو ضربهم بقسوة غير معهودة، وقد لا تدرك الزوجة أن ذلك يحدث كنوع من الإحلال النفسي الذي قد يساعدها على تخفيف هذا القهر ولكن بشكل غير صحيح.
وتضع الدكتورة هبة عيسوي خطوات لعلاج حالات العنف المعنوي تتلخص فيما يلي:
ناقشي مع نفسك لماذا تعرضتِ لهذا العنف لأنك قد تكونين بالفعل مخطئة.
تفاهمي مع زوجك بصوت منخفض وفي وقت مناسب وهادئ، وأفهميه أن هذا الأسلوب يؤذيك ويجعلك متألمة منه.
لا تستسلمي لإحساس الخضوع لأن ذلك لن يريحك نفسيًّا وإنما قد تصلين إلى المرض النفسي.
زيدي من ثقتك بنفسك فاهتمي بعملك داخل البيت إذا كنت لا تعملين أو خارج البيت في حالة العمل لأن ذلك ينافي إحساسك بالدونية والعدم.
احرصي على علاقتك الاجتماعية فلا تتجنبي الناس ولا الأصدقاء.
وأخيرًا تنصح الدكتورة هبة أن يكون علاج العنف بالود من جانب الزوجة إلى الزوج دون الاستسلام وربما يكون المحبة والعطف دواء فعالًا لعلاج الزوج وإقلاعه عن ممارسة العنف المعنوي ضد المرأة.