مراكش ـ ثورية ايشرم
كشف استشاري أمراض القلب والشرايين الدكتور سعيد مزوزي، أنّ الحمى الروماتيزميّة تعتبر من أهم أسباب أمراض القلب المكتسبة في العالم، وخصوصًا العالم العربي، أنّ نسبة المرض انخفضت بشكل ملحوظ في كثير من أنحاء العالم العربي، إلا أنه لا تزال النسبة عالية في المغرب، وهي عبارة عن التهاب في الأنسجة الضامة للجسم، وتظهر أعراضًا بعد حوالي 3 أسابيع من الإصابة بنوع معين من البكتيريا يسمى "ستربتو كوكس" تصيب الحلق واللوزتين. وأوضح الدكتور سعيد أن "القلب يحتوي على العديد من الأنسجة الضامة التي يصيبها المرض نتيجة للتشابه الشديد بينها وبين تركيب البكتيريا، وخاصة الصمامات حيث تنتج الالتهابات في الصمامات عندما يكون جسم الإنسان أجسام مضادة لمحاربة البكتيريا، وبالتالي يقوم بمحاربة الأنسجة الضامة ومنها صمامات القلب، ونتيجة للدراسات الميدانية تصيب الحمى الروماتزمية حوالي 2-3 % فقط من الأطفال الذين يصابون بهذه البكتريا، ولكن تزيد هذه النسبة عندما تتكرر الإصابة بها، وتتضح من هذه الإحصاءات أهمية محاربة هذه البكتريا، والأمراض التي تسببها". مشيرًا إلى أنّ "التهاب الحلق واللوزتين، من أهم أسباب الحمى الروماتزمية، ومما يزيد الأمور صعوبة وتعقيداً أنّ بعض التهاب الحلق واللوزتين تكون خفيفة من غير أعراض ظاهرة أو أمراض بسيطة في حوالي 30% من مجموع الالتهابات، لذا فإن استئصال اللوزتين قد يخفف من عدد مرات الإصابة بالتهاب اللوزتين، ولكن لا يمنع حدوث التهاب الحلق البتة، كما أوضحت ذلك الدراسات التي أجراها أطباء الأمراض المعدية وأطباء الأنف والأذن والحنجرة". وذكر أن "هناك علاقة بين ارتفاع ضغط الدم الشرياني وزيادة الكوليسترول من جهة والسمنة من جهة أخرى، والتي تبدأ عند الأطفال في سن مبكرة، حيث أجريت دراسة في أميركا تبين أنّ 15% من الأطفال فوق معدل الوزن الطبيعي، وأن زيادة الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم ومرض السكري من الأسباب الخمسة الرئيسية المهيأة للإصابة بأمراض وتصلب الشرايين، إضافة إلى أنّ ارتفاع ضغط الدم الشرياني الذي يعتبر تاريخياً مرض يصيب الكبار بحكم أن هناك مئات الملايين من سكان العالم مصابون بهذا المرض الذي لم يعرف سببه عند نسبة كبيرة من الأشخاص، أما بالنسبة للأطفال فهناك أسباب أخرى مهمة مثل أمراض الكلى وضيق الشريان الأورطي الذي قد يسبب ارتفاع ضغط الدم. لذا ننصح الآباء والأمهات بملاحظة التغذية لأطفالهم منذ الصغر لكي يتجنبوا السمنة ومخاطرها، والانتباه لصحة أطفالهم جيدًا واستشارة الطبيبة بين الفترة والأخرى". كما أكّد أنه "لم يتعرف العلماء والأطباء حتى الآن على أكثر أسباب عيوب القلب الخلقية فهي غير معروفة، ومن الملاحظ أنّ الأمراض تكثر في بعض العائلات، فإذا كان الأب والأم مصابين بمرض خلقي بالقلب فإن احتمالية إصابة الطفل تزداد بنسبـة 13.7 %، ومن هنا يمكن الاستنتاج بأن زواج الأقارب يزيد نسبة الإصابة بأمراض القلب الخلقية للجنين إذا كان هناك تاريخ مرضي للعائلة، كما أنّ الإنجاب المتأخر للمرأة بعد سن الأربعين قد يزيد نسبة الأمراض الجينية للأطفال مثل متلازمة داون (عدد الكروموسومات – 47 كرومسوم عند الأطفال)، وقد يصاب 50% منهم بعيوب خلقية بالقلب، لذا فنحن ننصح الأم بالمبادرة بالإنجاب في سن مبكرة حتى تتجنب الأمراض الجينية للجنين". وأشار إلى أنّ "قسطرة الشبكة أو الدعامة تعتبر أحد أنواع القسطرة العلاجيّة، بمعنى أنه يتم عمل القسطرة التشخيصية يتبعها تركيب الدعامة أو الشبكة، وتستخدم الشبكة لإعادة الشرايين أو الأوردة الضيقة إلى محيطها الطبيعي ومن أهم الأمثلة هو ضيق الشريان الرئوي منذ الولادة أو بعد إجراء عملية قلب مفتوح بسبب عيوب خلقية مثل مرض رباعيّة فالوت، كما تصنع الشبكة أو الدعامة من مواد معدنيّة "ستانلس تيل" أو مواد مشابـهة لا تصدأ يتقبلها الجسم بسهولة ولا تثير جهاز المناعة، بل أن الجسم قادر على تغطيتها بطبقة من الخلايا والأنسجة بحيث تصبح الشبكة جزءاً من جدار الشريان أو الوريد". ذاكرًا أنّ "الشبكة أو الدعامة تستخدم عند الأطفال في توسيع ضيق الشرايين حيث كانت، مثل الشرايين الرئوية والأوردة الرئيسيّة العلوية والسفلية والشريان الأورطي كما أنها تستخدم بكثرة في توسيع الشرايين التاجية عند البالغين وكبار السن". وأكّد أنّ "عمليات القلب المفتوح للأطفال تخصص دقيق جداً يتطلب مهارة فائقة ومن أهم عوامل صعوبة هذه العمليات، هو توصيل وربط الطفل صغير الحجم بجهاز الدورة الدموية والتنفسية خلال عملية القلب المفتوح، بالإضافة إلى وجود تعقيدات تشريحية لبعض الأمراض الخلقية وبفضل من الله توجد مراكز متخصصة في المملكة المغربية لديها فرق طبية متخصصة ومدربة تدريباً دقيقاً يمكنها إجراء عمليات القلب المفتوح عند الولادة مباشرة مهما كان وزن الطفل، كما أنه تظهر نسبة نجاح عمليات قلب الأطفال عند أي مركز طبي بعد إجراء دراسات علمية مفصلة عن عدد ونوع العمليات التي يجريها المركز الطبي المتخصص وبعد ذلك مقارنتها بالدراسات الأخرى في مختلف مناطق العالم". مختتمًا أنّ "تحديد نسبة الوفيات بمرض القلب من الأطفال يصعب تحديدها حتى الآن بحكم أنه لا توجد دراسة وطنية عبر المملكة تبين هذه النسبة، ونحن بصدد عمل دراسة وطنية شاملة بالتعاون مع المراكز الطبية المتخصصة لمعرفة أنواع عيوب القلب الخلقية وكيفية علاجها ومتابعة المرض ومعرفة نسبة الوفيات للمرضى وأعمارهم".