القاهرة - شيماء مكاوي
أكدت استشاري العلاقات الأسرية وتطوير الذات الدكتورة رشا عطية، أنَّ البر والعطاء ليس مقتصرًا على الأبناء دون الآباء، مشيرة إلى أنَّ الآباء مطالبين بالبر الجسدي تجاه أبنائهم من خلال الاهتمام بالمسكن والملبس والطعام والشراب والبيئة الصحية لنشأة سليمة.
وأوضحت عطية في حديث مع "العرب اليوم" أنَّ البر بالأبناء "حق أصيل لا يمكن التقصير فيه، ومن صور العقوق الجسدي الضرب أو الصفع على الوجه، حيث نهى رسول الله عن صفع الوجه, إذ أنه إذلال وإهانة لكرامة الإنسان"
وأضافت: "البر النفسي هو توفير البيئة النفسية الصحية السليمة والتي تحافظ على كرامة الطفل وعدم إضعاف شخصيته وبالتقليل من شأنه, أو التلاعب بمشاعره وابتزازه كي يطيع الأوامر"، موضحة: "هذا الطفل إنسان ليس ملكًا لأحد، كما أنَّه ليس ملكًا لوالديه بدعوى إنجابه".
وأشار إلى أنَّ "صور العقوق النفسي لأبنائنا تتمثل في العنف اللفظي والنفسي من كلمات السب والاستهزاء والسخرية وكذلك التهديد واستخدام لغة سوقية، وعن أنس بن مالك قال: "لم يكن رسول الله صلي الله عليه وسلم سبابًا ولا لعانًا ولا فحاشًا".
وتابعت عطية: "من صور العنف النفسي أيضًا الانتقاد المستمر ومقارنة الطفل بغيره والتعبيرات الساخرة والجارحة وكل نمط سلوكي يهاجم النمو العاطفي والنفسي لدى الطفل خصوصًا أنَّه يتشكل لدى الطفل في الأعوام الستة الأولى فقط، ولقد اثبت العلم الحديث التبعات السلبية للعنف النفسي واللفظي وتأثيرها على نمو الطفل الجسدي والنفسي والعقلي والاجتماعي والأكاديمي والعاطفي وزيادة نسبة الاكتئاب والانطوائية والخوف وأمراض أخرى كثيرة تكون في الأصل نفسية وتتحول لأمراض جسدية وعقلية".
واستطردت: "في دراسة ألمانية توصل فيها الباحثون إلى نتائج مذهلة، حيث وجدوا أنَّ البالغين الذين عانوا في طفولتهم من اعتداءات وعنف نفسي وعاطفي ظهرت هذه الاعتداءات في شكل تقلص وعدم نمو للفص الأمامي للمخ وهي منطقة غاية في الخطورة في الدماغ ومن وظائف هذه المنطقة التخطيط المعقد والتعبير عن النفس وصنع القرارات والسلوك الاجتماعي السوي, وهذه المنطقة هي الأشد تأثرًا بالضغوط النفسية".
واسترسلت: "أما من صور البر العقلي للأبناء هو حسن تعليمهم وحسن اختيار المدرسة والمعلمين واحترام عقولهم وإعطائهم الفرصة للتعبير عن النفس من دون التهميش أو التقليل من الشأن أو الاستبداد بالرأي، إذ أنَّ الطفل في المراحل الأولى من العمر، إذا شعر بالضيق ولم يتعلم ويعبر عن نفسه ويشترك في الكثير من الأنشطة لتطوير مهاراته وقدراته وأن يفكر باستقلاليه وأن يحاور بمنطقه وحصره فقط في التفوق الأكاديمي الذي لا يعادل شيئًا إذا حرم الطفل من تطوير مهاراته وقدراته:.
واستكملت عطية: "الطائر بجناحين وهكذا الطفل جناح التعليم الأكاديمي وجناح تطوير المهارات والقدرات وتنمية الشخصية وشخصية الطفل التي لا نعلم عنها شيء ونريد فقط تطويع شخصيته بما يتناسب ويتوافق مع شخصيتنا نحن كآباء وأمهات".
وأبرزت أنَّ "الطفل يولد على الفطرة السليمة وهي صفحة بيضاء ونحن من يملؤها, وهم أرض خصبة نحن نزرعها, فالحب الصادق غير المشروط سيثمر حبًا موازيًا, بل ويزيد, والاحترام والتقدير والصبر والكرم وإيثار كلها بالتلقي وتصبح جزءًا من كيان أطفالنا وسنجني نحن ثمارها".
وأردفت: "على قدر برنا بأطفالنا في صغرهم يكون برهم لنا في كبرنا، وإن عقوق أبنائنا لنا يكون كثيرًا من حصاد ما زرعناه , وهنا يفسر حديث رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام: أعينوا أولادكم على البر من شاء استخرج العقوق من ولده".
واختتمت عطية: "لسوف نسأل يوم القيامة عن برنا لأبنائنا، نحن الآن في عالم منفتح من السهل أن أقرأ وأفهم كيف أربي أبنائي أو أحضر ندوة أو حتى دورة تدريبية أو أشاهد حلقة في التلفزيون عن التربية حتى نستفيد كثيرًا من تلك الأشياء في تربية أبنائنا".