عمان - نورما نعمات
كشفت الكاتبة سارة السهيل عن أملها في رؤية جيل أطفال عربي تشبع احتياجاتهم العصرية بل وتحلّق في آفاق الخيال لتسبق عصرها وتقدم لهم المستقبل كما في تجارب الخيال العلمي المبسط للاطفال ولكن بحس مذاق عربي محض، وان تتحول لاحقا الى عمل درامي كرتوني او مسرحي لان الحركة والموسيقى والالوان يجذبون الاطفال جداً.
وفي حوار مع الكاتبة سارة السهيل جاء على الشكل الأتي كشفت عن وجهة نظرها في عدد من القضايا:
*انت كاتبة من طراز خاص من أين جاءت هذه الموهبة وما طموحاتك؟
- أنا مؤمنة تمام الايمان بعدل الله تعالى في تقسيم أرزاقه على جميع خلقه، فوهب كل منا موهبة مختلفة عن الاخر، فتجد داخل الاسرة الواحدة من هو موهوب في كرة القدم او السلة ، وأخر موهوب في لعبة الكاراتية ، وثالث موهوب في الموسيقى ، بينما تجد ابن عمك موهوب في ادارة المال والتجارة وشقيقه موهوب في الابداع الشعري ، فيما ترى صديقك موهوبا في التصميم الهندسي للمباني بينما أخته موهوبة في فن الرسم وهكذا
فالمواهب هي هبات ربانية متنوعة من خيرات الخالق على خلقه، وهكذا وجدتني منذ الطفولة الباكرة مأخوذة بالكلمة والرسم والقص والشعر والتحليق باجنحة الفراشات، تسبح بي الكلمات في بحار من المعاني اللانهائية استعذب موسيقاها كأنه خرير للماء او صهيل الخيل او زقزقة لعصفور ، او هدهدة لطفل رضيع .
والمدهش أن من أخذته الكلمات يظل يسبح في بحارها أو أنهارها فلا يجد شطآنا فيظل يغوص حتى نهاية عمره في اصطياد لآلآئها ودررها، وكما قال شاعر النيل حافظ إبراهيم على لسان اللغة العربيَّة: أنا البحرُ في أحشائه الدرُّ كامنٌ فهل ساءَلُوا الغَوَّاصَ عن صَدَفاتي .
أما طموحاتي فليس لها سقف اوحد يحدها، فهي كثيرة وان في مقدمتها نصوص أدبيةللاطفال العرب خاصة تشبع احتياجاتهم العصرية بل وتحلق في آفاق الخيال لتسبق عصرها وتقدم لهم المستقبل كما في تجارب الخيال العلمي المبسط للاطفال ولكن بحس مذاق عربي محض، وان تتحول لاحقا الى عمل درامي كرتوني او مسرحي لان الحركة والموسيقى والالوان يجذبون الاطفال جدا .
واود الاشارة الي ان طموحاتي لادب الطفل ليس لها سقف ولا حد سوى غياب الدعم الفني والمادي لتجربتي،
لان تحويل الاعمال الى مرئية و مسموعه يحتاج الى دولة و مؤسسات او على الاقل انتاج من القطاع الخاص و هذا تقريبا غير متاح كثيرا في دولنا العربية في مجال عمل الاطفال و اجد ان الشللية و التبعية تفرض نفسها في كل مؤسسه و انا انسانه طليقة
والحمدلله فلم اتلقي آية واسطة بأي شكل من الاشكال في اي مجال من مجالات كتاباتي و لا محسوبية و هذا شيء افتخر به كثيرًا رغم ان هذا الامر عائق لوصول كتاباتي للجمهور و انت تعلم ان حاليا من يتلقى الدعم ليس المبدع فقط و انما هناك شروط اخرى من الشللية و المحسوبيات و ارى ايضا ان المواضيع التي اقصدها لم تعد على اجندات المؤسسات و كأنها افكار بالية قديمه غير مرغوب فيها و لعلك تتعجب من كلامي هذا الا انني اعني ما اقول فأنا كتاباتي تربوية اخلاقية تدعو للمحبة و نبذ العنصرية و الطائفية و نبذ العنف و الكراهية و تدعو ايضا للإلتزام بالمعايير الانسانية و الاخلاقية التي تربى عليها اجدادنا و اصبحت هذه القيم يتيمة و وحيدة تبكي في زاوية الاهتمامات من قبل الناشرين فالجميع يبحث عن الترند و عن ما يشد الانتباه بعيدا عن الالتزام بالمعايير الذوقية و الفنية و الاخلاقية و التربوية و انا لا اقدم تنازلات في هذا الامر ابدا .
* ماذا يمثل لك وانت سفيرة النوايا الحسنة ؟
-اختياري سفيرة للنوايا الحسنة من جانب منظمة البعثة الدبلوماسية التابعة للمجلس الدولى لحقوق الانسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية، شرف كبير ووسام أهده لوطني العظيم العراق و وطني الاكبر الوطن العربي ، وهو يثبت حقيقة ان الانسان عندما يعشق ما يفعله ويصدق فيه فان ثماره تكون عظيمة ومشهودة ومحل تقدير.
فالعمل التطوعي للأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة، ومناهضة العنف بحق المرأة والطفل والمسنين وجدتني مدفوعة دفعا داخليا لتبنيه والعمل لنصرته بكل جد واجتهاد وكانت ثمرته هذا الاخيتار عام 2013 وأتمنى ان أكون قد وفيت به على وجه يرضي الله ورسوله والمسضعفين اصحاب الحقوق علينا .
والمهم برأيي ان نشر الوعي بحقوق هذه الفئات الضعيفة ومناصرة حقوقها اعلاميا يعد بوابة رئيسية لدفع الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني لتبني مشكلاتهم والعمل على حلها وتوفير سبل الحياة الآمنة لهم.
* ماذا تمثل لكم الكتابة لقصص الأطفال وهل فيها تأثير على الأطفال مستقبلا؟
- الكتابة للاطفال هي كتابة شخصية لي ، فانا اخاطب بنصوصي للاطفال الطفلة الموجود في داخلي ، فأعيش عالم الطفولة من أوسع أبوابه خلال الكتابة فأتجرد من التعقيد النفسي ومن المفردات اليومية التي نستخدمها الى فضاء من المفردات المبسطة والمدهشة والمثيرة، ومعايشة طزاجة الفكرة و فضاءات الخيال والماورائيات بسحرها واساطيرها .
ولاشك ان القصص المكتوبة للاطفال تسهم بشكل كبير جدا في تعويده اولا على القراءة منذ الصغر، وتنمية ملكاته اللغوية ومهاراته الحركية والادراكية، والتذوق المبكر للكلمات وتأثيرها على عقله ووجدانه ومن ثم الارتقاء بحسه الفني والاخلاقي .
كما تعلم هذه القصص الاطفال فنون الاكتشاف ولذة البحث، وكيفية تنشيط خيالاتهم عند التعرض لمواقف صعبة عندما يكبرون مما يساعدهم على إيجاد الحلول للعديد من المواقف، بجانب ضبط سلوك الطفل اجتماعيا وانفتاحه علي الاخرين والتعاطف معهم وغيرها و تغرس بهم قيم المحبة و التسامح و قبول الآخر و قيم جميلة مثل بر الوالدين و العطاء و الكرم ؤ الإيثار و حب الوطن و التضحية من اجل الاهل و الاحباب و تزرع ايضا قيم اخلاقية خاصة في ضل الغزو اللااخلاقي الذي يجتاح العالم و من ضمنه الوطن العربي و ذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي و ما تبثه من غث و سمين و لكن تركز على بث ما يسرق الاطفال منا يسرق وقتهم و مشاعرهم بل يملاء عقولهم بمعلومات غير مهمه تحل محل المهم فلا يتبقى لعقولهم متسع من المساحة للتعبئة بما هو مفيد من معلومات علمية و ثقافية و فنية و تربوية كما ان هذه الوسائل و من يديرها يتعمد بث السخف و السفه طوال الوقت
غير ان ما يشاهده الطفل عبر القنوات و الانترنت معظمه رقص لا معنى له و تجارة رخيصه بالبشر و الاناث على وجه الخصوص
و الخطر الاكبر هو تعويد عين الطفل على مشاهدة كل ما هو شاذ و منبوذ
نحن في حرب خطيرة يجب ان نتصدى جميعا لها
و هذا الخط و التفكير الذي امتلكه هو سبب عدم وصولي اما استحق له من تعب و جهد و مكانه و عطاء بذلته و مازلت ابذله و لكن انا على يقين ان كل من هو مثلي هو محارب الا من بعض اصحاب المنصات المحترمة و القديرة و الشريفه و الحمد لله مازال هناك اشراف و لم تخلو الدنيا من اصحاب القيم و هم الذين اتعامل معهم.
*انت كاتبة ذات الرأي الخاص لماذا لاتكتبين عن عالم السياسة وتبحري فيه؟
- كما تعلم فان والدي كان رجل سياسي من الطراز الاول فهو مناضل سياسي وزعيم قبيلة وشيخ عشيرة وممن ناضلوا لاجل وطنهم العراق وبذلوا روحهم وعمرهم انتصارا للوطن. من افراد أسرتي وأهلي ممن اتجهوا للعمل السياسي ، بينما كان اتجاهي للعمل الذي احبه واتولج معي وهو الكتابة والعمل الثقافي والانشغال بالعلم وتبني قضية توعية المجتمع .
ومهمة توعية المجتمع هي جزء اصيل من العمل السياسي وبدونه فلا عمل سياسي وانما حكم ديكتاتورية وفردية متسلطة على شعب جاهل. اذن فالكاتب له دور بالعمل السياسي بشكل مباشر او غير مباشر .
ولعل وجودي بالمشهد الثقافي والاعلامي كسلطة سادسة بالمجتمع فلها التأثير على ساسة وقادة المجتمع ترفع اقواما وتحط أخرين، وقد تكون الكتابة مع السلطة او ضدها . كما انني أتناول بمقالاتي العديد من القضايا الوطنية المختصة بوحدة الصف العراقي او العربي ، وقد ألمح الى بعض القضايا السياسية العراقية، دون خوض غمار العمل السياسي نفسه اوالكتابة السياسية المتخصصة لاسباب عديدة منها ايماني بأهمية حرب القوى الناعمة وتأثيرها على قهر جبروت اي طاغوت من فساد وعنف وطائفية وغيره .
ولم ارغب يوما في دفع الثمن الذي دفعه الكثير من أقاربي الذين امتهنوا العمل السياسي ، فلم يخوفوني منه ولكن ما تعرضوا له جعلني أسلك نهج سلاح الكلمة وحرب القوى الناعمة، وذلك أفضل من أكون موجود بالميدان المشحون بالصراعات والاقاويل والاكاذيب والاشاعات التي تطال الكبير والصغير دونما مراعاة لأية قيم اخلاقية، حتى ولو جاءت ستنا مريم البتول او ام المؤمنين عائشة او السيدة خديجه عليهم جميعا السلام فلا توقير في ساحة السياسة العراقية لأية قيمة من قيم واعراق واعراف ، وانما تشهير قلما نجده بمكان اخر بالعالم واسقاط سياسي بحق الابرياء ذلك بين للناس
للاسف فان البعض اكرر البعض في بلدنا العراق كان سباقا في تعليم البلدان الاخرى فنون الافتراءات السياسية، لكنهم يظلون تلاميذ امام أساتذتهم البارعين في الاسفاف السياسي ! اكرر البعض لان الاشراف و المحترمين في بلدنا هم الاكثرية و لكن البعض كان ظاهرا ومع تطور تقنيات الذباب الاليكتروني فانه قد ساهم في هدم الثوابت السياسية العراقية ، وصار باستطاعته اثارة الفتن والبلبلة وتخويف الشرفاء واقعادهم في بيوتهم .
ومثل هذه الظروف لا تناسبني لاقتحام فضاء العمل السياسي او الكتابة السياسية ،وقد أدخل حربا شريفة ولكني لا استطيع دخول حروب البلطجية الذين لايعرفون معنى للاخلاق والقيم و الشعب منزه عن هذا و بالطبع الكثير من السياسين الاشراف منهم و لكن كما اكرر (البعض) لم يجعل مكانا للمحترمين
ولعلي استرشد بمتابعتي للقاء اعلامي لاحد رجال الدين المسيحي بالموصل في معرض اجاباته لتساؤل لماذا يهرب المسيحيون من البلاد عند حدوث أزمة؟ فقال اننا مسالمون ولسنا متوحشين ، ولا نستطيع مواجهة المتوحشن مثل داعش وغيرها ، ولا نعرف سوى الاخلاق والادب ونبعد عن البلطجة والعنف .
وأنا موقفي مثل رجل الدين المسيحي لا أستطيع دخول مجال يموج بالبلطجة والعنف وان كان هناك من السياسيين العراقييين من الشرفاء والمثقفين والمتحضرين وجاءوا من خلفيات سياسية عريقة ومن بيوت مناضلين ، لكن الشائع أهل الشر ، والشر بيعم والخير يخص .
ولنقر بحقيقة مؤلمة ، وهو ان المشهد السياسي بالعراق وبالدول العربية يسيطر ويطغي على كافة المشاهد الحياتية الاخرى من فكر وثقافة واقتصاد وعلم ، فالسياسيون تداخلوا في مقاعد وأدوار حياتنا وسرقوا دور الاديب والفنان والطبيب والمهندس والعالم ، كما يقال في الاثر الشعبي " فبكل عرس لهم قرص "لم يتركوا لأحد عمل ، فتجد الطبيب يكد ويجتهد ويقيم مشفى ويأتي أحد السياسيين لافتتاح المشفى فيسرق الاضواء من الطبيب وكأنه لم يبذل جهد .
وقد يقوم مواطن ببناء حديقة مجانية للاطفال من شقاه وكفاحه ويقوم المحافظ بافتتاحها وينسب الجهد للمحافظ ، أما المواطن الذي بذل الوقت والجهد والمال في بناء الحديقة، قد ذهب جهده مع الريح . وهكذا فان السياسي بحكم المنصب والسلطة يسرق الاضواء والمكانة الاجتماعية من أصحابها الحقيقيين، وهو ما يخالف ما تربينا عليه من قيم اخلاقية وتراثية ومنها " اعطي الخبز لخبازه حتى لو أكل نصه " كل حسب تخصصه وموهبته، وقيم الصدق هذه هي التي صنعت في الماضي حضارتنا العربية والاسلامية .
وعندما تدخل لأي مهرجان ثقافي نجد الوزراء والسياسيين هم الذين يقومون بافتتاح مراسمه، بينما الكتاب والمثقفين والفنانين نجدهم قاعدين على دكة الاحتياطي في ملعب الحياة الثقافية صف ثاني وعاشر وهكذا .
ويمكن تكون مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تعطي للكاتب مكانته وقيمته، ولذلك فأنا مجبرة للدخول بعالم السياسية بهذا الحال، فهم يضطرون الناس الى خوض غمار العمل السياسي ، لكي يكون لهم مكان بالساحة، لأن كونك أديب وكاتب فلا مكان لك ، والي عنده طموح كبير لن يقتل طموحه.
*ماذا يحتاج العرب للنهوض بواقعهم الثقافي والسياسي والاجتماعي وأين هم من فن الكتابة والكتاب؟
- العرب يملكون كل مقومات النهوض بواقعهم الثقافي والسياسي والاجتماعي استنادا الى ميراث عريق اقاموا به حضارات ما قبل التاريخ كما في حضارتي بابل وآشور، وتابعوا مسيرتهم الحضارية في حقبة الحضارة الاسلامية حين كانت بغداد عاصمة الخلافة وفيها قامت ونشطت حركة الترجمة والتلاقح الثقافي بين الشرق والغرب .
والحضارة العربية توسعت في فنون الحياة فتطورت الزراعات وأقيمت الصناعات وتطور الفن المعماري مصبوغا بالصبغة العربية الاسلامية، كما تطورت أنماط الحكم من فترة لأخرى استجابة لتداعيات العصر، وانعكس ذلك في حياة الناس الاجتماعية التي ازدانت بالفكر الحضاري والسلوك المتحضر والحياة الآمنة المستقرة .
نعم نجح العرب في صنع خصوصيتهم الحضارية فملأوا الدنيا فكرا وابداعا في شتى صنوف مجالات الادب والابداع الشعري والملحمي والقصصي كقصص كليلة ودمنة والف ليلة وليلة ونوادار جحا وغيرها .
عرف العرب الفكر الموسوعي فنجد العالم منهم عالما بالدين ومتبحرا في علوم الادب والفلك والرياضيات ، وكان مبعثا هذا التفوق الحضاري هو الصدق مع الله والنفس والمجتمع بجانب توافر مناخ آمن للابداع والفكر والدراسة النوعية والمتخصصة الي الدراسة الكلية مجريات الحياة .
أما عالمنا العربي اليوم فقد لفظ تراثه الحضاري والفكري ولهث وراء منتج الغرب الحضاري وذابوا فيه ، فلبس لباسهم وفضل طعامهم وشرب فكرهم دونما رؤية او فحص وانتقاء لما يناسب طبيعته الحضارية وخصوصيته الفكرية .
انساق عالمنا العربي وراء المتغيرات الحديثة القائمة على ثقافة الاستهلاك دون الانتاج ففضل استيراد الطعام والكساء على الانتاج المحلي استسهالا للأمر، وتحقيقا لمصالح أصحاب المصالح الدنيوية الضيقة ممن يقومون بالاستيراد ، ورفضا لما كان عليه الاجداد من الاجتهاد وبناء الاوطان باستثمار جيد لمواردها وتطوير هذه الموراد .
في ظني اننا لا ملجأ لنا كعرب للنهوض الحضاري من كبوتنا الراهنة سوى استحضار تراثنا الحضاري والافادة من قواعده الاصيلة والبناء عليها بما يتوافق مع تحديات عصرنا العلمية والسياسية والتوقف الفوري عن حالة الترغيب الذي تعيشها مجتمعاتنا اليوم .
هذا بالطبع لا يعني اننا في ذيل قائمة الشعوب، فنحن نأخذ بمعطيات العصر الحديث، ولكن أخذ مشوه يبدو مسخا لانه ليس نابعا من قدراتنا الذاتية نحن بحاجة الى استعادة قدراتنا الخاصة بقيم مجتمعنا وايحياؤها احياءا لحضارتنا واختيار منها ما يناسب في عالم الالفية الثالثة للميلاد ، فلا بيت يبنى بدون وضع القواعد الاساسية قبل ان نصعد بعمدان البيت .
العالم العربي يموج بالعديد من الموهبين في شتى المجالات الابداعية والكتابة العربية بخير لكنها ليست فيها بصمة التفرد التي كانت على عهد السابقين .
*ماذا يمثل لك السيد الوالد المرحوم طالب السهيل وهل أنت متمسكة بنهجه السياسي؟
- رحم الله أبي الشهيد و موتى الناس جميعا ، فهو رغم رحيله عن دنيانا وانا صغيرة جدا الا انه حفر بداخلي بصمات جيناته من حب الوطن ومعاني الانتماء اليه كضرورة حياتيه كالماء والهواء ، غادر أبي دنيانا وبقي منه شجاعة الكلمة كحد السيف القاطع انتصار لحق الوطن وحمايته من الاعداء ، وتوحيد صفوفه لتقوية جبهته الداخلية، وبقي منه شرف الكلمة التي تحيي أوطان وتهدم اخرى بالحق .
واذا كان أبي قد انتهج المنهج السياسي تجسيدا لمشروع حلمه في وطن عراقي حر ومستقل وناهض، فانني أشاطره هذا النهج ولكن عبر سلاح الكلمة الناقد ومقالات الرأي الذي أعالج فيها مختلف قضايانا العربية سياسية او اجتماعية او حتى اقتصادية والدي كان منهجه توحيد الوطن على كلمة واحدة بالحب و العمل المشترك للنهوض بعراق عظيم بعيدا عن الهجرة و الشتات و العنف و القتل و الحروب عراق موحد بجميع طوائفه فهو لم يكن يدعي التسامح و الحب و عدم التفرقه و العنصرية كما يمثلها البعض و انما كان هذا منهجه و ربانا عليه فعليا و كان الي ديمقراطيا الى حد كبير فكان لا يفرض وجهة نظره على اهل بيته حتى فكنا عندما نناقشه يترك لنا حق التجربة و الاختيار و الرأي المخالف لانه لم يكن يدعي الديمقراطيه غشا و طمعا في الوصول الى المناصب و الاموال لانه وارث الجاه و المال ابا عن جد رغم ان كان لقبه بين رفاقه ابو زاهد لانه كان زاهدا في مظاهر الدنيا متمسكا في القيم و المثل الاخلاقية و الانسانية فنجد الكثير ممن يدعون هذا و يعملون عكس ما يقولون و هؤلاء هم انفسهم من يستشرون غضبا عند سماع سيرة حياة الرجال الافاضل العظماء فيعملون على تشويه تاريخهم حتى بنظرهم تتساوى الناس امام الشعوب .
طموحات والدي للعراق و تمنياته ام تتحقق جميعها فالعراق مر بمراحل و ظروف لا يقبلها الشرفاء
و من يتبنى هذا المنهج يحتاج الى الكثير من الشجاعة و التضحية لا يستطيع جميع الناس تقديمها ، لكن انا عن نفسي رؤيتي تشابه والدي من ناحية الطموحات و الوطنية و لكن تختلف ربما في الآليات لاننا عاصرنا زمن غير الزمن الجميل الذي كان والدي يرى الدنيا و كانها يوتوبيا فنحن عشنا واقع مرير و لكنني الان مؤخرا متفائلة في مستقبل العراق الافضل باذن الله.
قـد يهمك أيضأ :