بغداد ـ جعفر النصراوي
أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن "إقليم كردستان جزء لا يتجزأ من العراق، وعلى قياداته الالتزام بقرارات الحكومة العراقية المركزية وسياساتها"، وأضاف أن "من يفكر وكأن الإقليم دولة مجاورة للعراق على خطأ كبير" . وقال المالكي في مقابلة مع "العرب اليوم" إننا "كعراقيين قد نختلف في وجهات النظر، ولكننا نبحث عن الحلول"، مؤكدًا أن "حكومة إقليم كردستان أخذت في الدفع في اتجاه التفرد في صنع القرارات الخاصة بالإقليم ولاسيما العلاقات الخارجية منها، وهذا مالا يمكن السماح به وفق الدستور". وأضاف المالكي أن "الإقليم منذ العام 2003 أخذ يتصرف وكأنه دولة مستقلة، مستغلًا الظروف التي مر بها العراق في ذلك العام، وماتلاها من فراغ أمني وغياب السلطة الحقيقية للحكومة العراقية، ومازال يتخذ النهج نفسه، وهذا مالم يعد ملائمًا للمرحلة الحالية في ظل وجود حكومة اتحادية مركزية منتخبة لديها القوة اللازمة لفرض سلطتها". وأشار المالكي إلى أن "الإقليم ووفق الدستور، عليه الالتزام بقرارات الحكومة المركزية وألايمتنع عن تنفيذ قراراتها، فمثلًا أن الإقليم في الوقت الراهن يرفض تسليم نقاط الجمارك المنتشرة على حدود الإقليم وعند المنافذ الحدودية وإخضاعها لسلطة الحكومة المركزية مع أنها سيادية، كما يرفض تسليح الجيش العراقي، وهذا أمر لاينبغي التدخل فيه إلا عن طريق البرلمان كون الأكراد لديهم من يمثلهم فيه، بل تمادوا في تجاوزهم وذهبوا إلى تسليح قوات البيشمركة بأسلحة غير دستورية، وهذا مخالف للدستور الذي لايسمح في أي من بنوده من إنشاء دولة مستقلة بجيشها داخل الدولة". وبين المالكي أن "قرار تشكيل قيادة عمليات دجلة، جاء لبسط الأمن في مناطق مازالت تفتقد إليه على عكس معظم الأراضي العراقية، ومن أسباب فقدان الأمن سيطرة قوات البيشمركة على بعض هذه المناطق، بحجة أنها متنازع عليها". وأكد المالكي "وجود تجاوزات من قبل الإقليم في المناطق المشتركة من خلال اعتقال المواطنين ونقلهم إلى أربيل من دون اللجوء إلى الأساليب القانونية، منها مذكرات إلقاء القبض وغيرها، وهذا ماروع مواطني هذه المناطق والذين نقلوا معاناتهم للحكومة المركزية واستغاثتهم بها، ومن واجبات الحكومة الاستجابة لهم". وأشار المالكي إلى أن "الحكومة المركزية تعمل لمصلحة العراق بمكوناته كافة من دون النظر إلى العرق أو الدين أو المذهب، ولن تسمح لأي من هذه المكونات أن تنشر روح الفتنة وإيجاد المشاكلات بحجة الحقوق، لأنها يجب أن تقوم بواجباتها أولا، وفي وجود الدستور لايمكن لأحد أن يقفز على هذه أو تلك". وأضاف رئيس الحكومة العراقية أن "هناك من القادة الأكراد من نصب نفسه قائدًا بالضرورة، وهذا لايمكن أن يحدث بعد أن تخلص العراق كله من الديكتاتورية وتبعاتها، وأن من يفكر بهذه الطريقة يجب أن يقف عند حده، وأن يتعلم كيف يفكر في مصلحة العراق عمومًا، وألاينحصر تفكيره في مكاسب ضيقة". ونوه المالكي إلى أن "الخيارات جميعها مطروحة للنقاش في حل الأزمة مع الإقليم، ولكنه نفى أن يكون الخيار العسكري من بينها، كونه يرى أن العراقيين جميعًا دفعوا ثمن لغة القوة في بسط السيطرة غاليًا، ولايمكن أن يدخلوا في حرب داخلية نتائجها معروفة، وهي خسارة الأطراف جميعًا، وهناك حل أقرب إلى التنفيذ، وهو العودة إلى اتفاقيات العام 2009 والتي تضمنت تشكيل قوة مشتركة في المناطق المتنازع عليها تعمل على بسط الأمن والحفاظ على حقوق المواطن في الوقت نفسه". وشدد المالكي "على حكومة إقليم كردستان الالتزام بالسياسة الخارجية للعراق، بوصفها جزءًا منه، وألاتتصرف وفق هواها، ويجب على مسؤوليها في حالة سفرهم بصفتهم مسؤولين إبلاغ الجهات المختصة في الحكومة المركزية، ومنها وزارة الخارجية بوجهتهم، وكذلك الهدف من السفر، كي يكون موقف العراق موحدًا في سياساته، ولاسيما أن المنطقة برمتها تمر بمرحلة حرجة وتغييرات من شأن أي قرار متفرد أن يسيىء إلى سياسة العراق ويدخله في متاهات هو في غنى عنها في الوقت الحاضر". وأكد زعيم الائتلاف العراقي أن "هناك مؤشرات ودلائل تشير إلى أن للأكراد دورًا كبيرًا في إيجاد بعض الفوضى ولاسيما في المناطق المتنازع عليها، للدفع في اتجاه أن الإقليم وحده القادر على إعادة الاستقرار إليها وهذا ماسنثبت خطاه في المستقبل القريب". وعن الشأن التركي وتوتر العلاقة بين البلدين قال المالكي إن "تركيا تعمل على لعب دور الوصي على دول الجوار وتتدخل في شؤونها الداخلية، وهذا في حد ذاته خطأ فادح ترتكبه الحكومة التركية، لأنه ليس من مصلحتها أن توجد عداوة مع حكومات هذه الدول، لأن لهذه الدول امتدادات تاريخية في الداخل التركي، وستكون ردة الفعل عنيفة تطيح بتركيا قبل غيرها فيما لو عملت هذه الدول على الاستفادة من هذه الميزة والدخول في حالة الدخول بمواجهة مباشرة مع تركيا".