الجمعية

لم تكن الخيوط التي تنساب من بين أصابع السيدة الفلسطينية، زينب عزيز، وهي تنسج بـ"سنّارتها"، غطاء دائريًا صغيرًا، مصنوعة من الصوف هذه المرة.

بل كانت خيوطًا من أكياسٍ بلاستيكية "النايلون" مستعملة، عكفت عزيز (25 عاماً وخريجة جامعية)، منذ عدّة أسابيع، على جمعها وإعادة استخدامها، من خلال إنتاج مشغولات يدوية منها.

وعلى منضدة تتوسط غرفة المعيشة داخل منزلها، تفسح السيدة الغزية، مكانًا فارغًا، لوضع قبعة جديدة، صنعتها من أكياس بلاستيكية زرقاء، فيما وضعت كومة من الأكياس على الأريكة استعدادًا لقصها.

وتبدأ عزيز بجمع أكياس النايلون أولا، ثم غسلها وتعقيمها وتجفيفها بواسطة أشعة الشمس، ثم تصنيفها حسب سمكها، ثم تنتهي بقصّها، وعمل كرات من النايلون، تشبه كرات الصوف.

وعن تجربتها، تقول عزيز، وهي أم لطفلين،: "أسعى لإيجاد بيئة نظيفة، والمساهمة في التخلص من المواد التالفة، من خلال إعادة استخدامها وتدويرها، وتوفير فرصة عمل أيضًا".

عزيز، الحاصلة على شهادة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية، والبكالوريوس في اللغة العربية أيضًا، تواصل حديثها قائلة: "أحاول أن أوفر لنفسي فرصة عمل، بسبب البطالة المنتشرة في القطاع، والناجمة عن الحصار، وعدم حصولي على عمل في مجال دراستي الجامعية، فقررت عمل مشروع خاص بي، ومساعدة بعض النساء في توفير عمل لهنّ".

وتضيف: "مصادفة حضرتني فكرة صناعة مشغولات يدوية، عندما شاهدت أكياس النايلون، ملقاة في الشوارع، وتعطي مظهرًا غير حضاري، فقررت تحويلها إلى منتج جديد وغير تقليدي ومفيد للبيئة ولي".

وتنتج السيدة الفلسطينية، قبعات واكسسوارات للفتيات، وحقائب يد، وأغطية مناضد، ودمى، وعلب أقلام، وغيرها من المنتجات الأخرى.

وتواصل الحديث عن فكرتها قائلة: "كنت أفكر مؤخرًا في البحث عن عمل آخر، لأن أسعار الصوف اللازم لصناعة الأشغال اليدوية، أصبحت فوق طاقتي، بينما أكياس النايلون غير مكلفة".

ووفق السيدة الفلسطينية، فإنها عرضت الفكرة على صديقاتها، اللواتي رحبن بها جدًا، وشكلن فريق "التراث الجديد"، الذي يضم 20 سيدة وفتاة، لإنتاج المشغولات اليدوية من النايلون.

ويشهد قطاع غزة، مبادرات فردية محدودة من بعض الشباب في إعادة تدوير بعض النفايات، مثل الأخشاب والعلب البلاستيكية.

ويُنتج قطاع غزة حوالي 500 ألف طن من النفايات المنزلية سنوياً، بواقع 1900 طن يومياً، إذ ينتج الفرد الواحد ما يقدّر بكيلو جرام من النفايات بشكل يومي.

وتعتمد عزيز، في تسويق منتجها على مواقع التواصل الاجتماعي، وعرض منتجاتها على الجيران والأقارب والمعارف.

وتفرض إسرائيل حصارًا بريًا وبحريًا وجويًا على قطاع غزة، منذ منتصف يونيو/ حزيران عام 2006، عقب فوز حركة حماس التي تعتبرها إسرائيل، إرهابية، في الانتخابات البرلمانية.

وفي 22 مايو/أيار العام الماضي، قال البنك الدولي، في بيان، إنّ "نسبة البطالة في قطاع غزة وصلت إلى 43%، وهي الأعلى في العالم، وأن نحو 80% من سكان القطاع يحصلون على شكل من أشكال الإعانة الاجتماعية، ولا يزال 40% منهم يقبعون تحت خط الفقر".