الرياض - السعودية اليوم
أجرى المعهد الياباني لبحوث الشرق الأوسط حوارًا موسعًا مع سفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليابان نايف الفهادي، حيث تناول التقدم الذي تحققه رؤية المملكة 2030، والتغييرات الاجتماعية في المملكة العربية السعودية في ظل فيروس كورونا، بالإضافة إلى السياسية الإقليمية للمملكة ومساعي السلام بين الأطراف الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط، والدور السعودي في دعم الحكومة الشرعية في اليمن، وتناول الحوار العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وآفاق التعاون المشترك.
التقدم والوضع الحالي لرؤية السعودية 2030
ولفت الفهادي خلال الحوار إلى أنه في عام ٢٠١٧م أطلقت المملكة رؤيتها ٢٠٣٠ نحو مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر؛ بهدف تعزيز الهوية الوطنية، وتحقيق الرفاه للمواطن والمقيم على أرض المملكة، وخصخصة بعض القطاعات بما يضمن ارتفاع معدلات التوظيف، وتعزيز المسؤولية الاجتماعية، وفاعلية الحكومة بتحقيق التوازن المالي، وتحسين أداء الأجهزة الحكومية لحماية الموارد الحيوية.
وأضاف، تم التركيز على تنمية وتنويع مصادر الدخل وتقليص الاعتماد على النفط؛ الذي يعد واحدًا من أهم الاستراتيجيات الرئيسة للرؤية وقد نجحت المملكة حتى الآن في تحقيق تقدم كبير في هذا المجال ضمن إطار عملية الإصلاح الاقتصادي الهادف لبناء موارد مالية متعددة المصادر، فقفزت الإيرادات غير النفطية لمستويات مرتفعة، ففي غضون 3 سنوات من بدء تطبيق هذه الاستراتيجية تضاعفت الإيرادات غير النفطية بنسبة ناهزت 78.7%، وارتفعت من 186 مليار ريال إلى 332.4 مليار ريال مع نهاية العام 2019م.
وتابع الفهادي، تشير المعلومات إلى أن متوسط الزيادة السنوي في نمو الإيرادات غير النفطية في المملكة يبلغ 22%، وهو ما يعني أنه مع المحافظة على نسبة النمو الحالية فإننا مرشحين للوصول بالإيرادات غير البترولية إلى حاجز التريليون ريال بحلول العام 2030.
ولابد من الإشارة هنا إلى أنه بالرغم من الآثار السلبية لجائحة كوفيد 19 التي وصلت خلالها أسعار النفط لمستويات متدنية، استطاعت المملكة بفضل الإجراءات التصحيحية لرؤيتها من تقليل آثار هذه الجائحة على القطاع الاقتصادي للمملكة، مما ساعد على امتصاص الصدمة وتقليل الآثار السلبية، وهو مما يزيدنا إصراراً على الاستمرار بتحقيق أهداف الرؤية، وضرورة الاستمرار بالإصلاحات الاقتصادية.
وحققت الرؤية تقدمًا كبيرًا على صعيد ملفات حقوق الإنسان، فالقيادة السعودية حريصة كل الحرص على حفظ الحقوق للجميع والدفع بهذا الملف لمزيد من المكتسبات لصالح المواطن والمقيم، وعلى سبيل المثال نرى المرأة السعودية اليوم تتولى المناصب القيادية في القطاعات الحكومية والخاصة وتحظى بذات الفرص التي يحظى بها الرجل.
وأضاف الفهادي، شملت رعاية واهتمام القيادة المقيمين على أرض المملكة، في سعيها الدائم لتحسين أوضاع الانسان، ولعل قرار مجلس الوزراء مؤخراً بصرف مبلغ نصف مليون ريال بأثر رجعي لكل أسرة فقدت أحد العاملين في المجال الصحي في المملكة الحكومي والخاص سواء كان سعودياً أو غير سعودي، شاهداً آخر على الاهتمام بحقوق الانسان في المملكة.
وشملت الإصلاحات مرفق القضاء بكل درجاته، تعزيزاً لاستقلاله واختصاصاته، إضافة لتسهيل وصول الخدمة للجميع من خلال الوسائل الإلكترونية.
وأكد أن القيادة في المملكة مقتنعة تماماً بأن هذه الإصلاحات تخدم مصلحة شعبنا أولاً وأخيراً، وهي من يدفع بهذا الاتجاه ويبادر في دعم وتبني المبادرات التي تحقق مستهدفات الرؤية.
وتابع، بالنسبة لقضايا الموقوفات والتي تحاول بعض وسائل الإعلام الدولية تسيس قضاياهن ووصفهن بالناشطات في مجالات حقوق الإنسان فهو أمر غير صحيح، إذ يواجهن اتهامات تتعلق بالأمن الوطني، وهن يتمتعن بكامل حقوقهن النظامية، والجميع في المملكة متساوون أمام القضاء.
التغيرات في نمط الحياة بالمملكة في ظل جائحة كورونا
وأشار الفهادي إلى أن المملكة من أوائل الدول التي اتخذت إجراءات احترازية صارمة للتقليل من الآثار السلبية للجائحة وحماية المواطنين والمقيمين على أرضها، وأقرّت عدداً من الإجراءات الاحترازية التي كانت السبب الكبير في التقليل من أثر هذه الجائحة على المملكة ومحدودية الإصابات بالمقارنة بالكثير من الدول ومعدل الإصابات العالمي.
وشدد على تفاعل المجتمع السعودي مع هذه الإجراءات وتأقلم الجميع مع النمط الجديد للحياة الاجتماعية داخل المملكة سواء من الناحية الصحية أو الاقتصادية لا سيما أن الجائحة عالمية والاقتصاد العالمي برمته عانى من تفشي فايروس كورونا وتعطيله للحياة العامة، كما تفهم الشعب السعودي الإجراءات الاقتصادية التي اضطرت الحكومة للعمل بها لتخفيف أثر تفشي الفايروس على القطاع الاقتصادي، وعملت الحكومة على دعم القطاع الخاص على كافة المستويات، واتخذت عدداً من خطوات الدعم المالي، أو التنظيمي، وقد لمس الجميع نجاعة وكفاءة هذه الإجراءات عبر السيطرة على تفشي الوباء والحد من آثاره السلبية على الاقتصاد.
السياسية الخارجية للمملكة
وأكد الفهادي أن السياسية الخارجية للمملكة تقوم على مبادئ وثوابت، وضمن أطر رئيسية أهمها حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتعزيز العلاقات بما يخدم المصالح المشتركة مع دول العالم، وإقامة علاقات تعاون مع الدول الصديقة ولعب دور فاعل في إطار المنظمات الإقليمية والدولية.
وتؤمن المملكة بأن الحكمة تتطلب العمل على أمن واستقرار ورخاء شعبها، وعدم الدخول في مناكفات لا جدوى منها، فلدى المملكة مشروع مستقبلي كبير لخدمة مصالح شعبها، وحرص المملكة على السلام تشهد له أفعالها على الساحة الدولية، كما يشهد لها الحزم تجاه ما من شأنه المساس بسيادتها وشأنها الداخلي.
وتابع، بالنسبة لإيران، فقد دأب نظامها على إثارة الفوضى في عدد من دول المنطقة، بالتدخل في شؤونها الداخلية، ورعاية الإرهاب المنظم في العالم، ودعت المملكة إلى ضرورة تعاون المجتمع الدولي لمعالجة الخطر الذي تشكله السياسات الإيرانية العدائية على الأمن والسلم الدوليين، وإرغامها على وقف أنشطتها العدوانية كافة بما في ذلك دعمها العسكري واللوجستي للمليشيات الإرهابية.
كما طالبت المملكة بقطع كافة السبل أمام إيران لحيازة أسلحة الدمار الشامل، وتطوير برنامجها للصواريخ الباليستية، ووقف نشاطاتها التي تهدد الأمن والاستقرار العالمي.
وأكمل الفهادي أن المملكة تؤمن أن تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط يتطلب ردع سياسات إيران التوسعية والتخريبية، وإن سلوكها العدواني يشكل انتهاكاً صارخاً لكافة المواثيق والمعاهدات الدولية، وقرارات مجلس الامن، الأمر الذي جعل إيران تحت طائلة العقوبات الدولية.
وتابع، كما أن المملكة تحرص على أمن واستقرار المنطقة وتجنيبها ويلات الحروب وتحقيق السلام والاستقرار والازدهار لكافة شعوب المنطقة بما في ذلك الشعب الإيراني، فالمملكة دائماً مع الحوار وحل المشاكل والنزاعات بالطرق السلمية، ولكنها ترى ضرورة أن تكون دعوات الحوار منسجمة مع وقف عملي للأعمال العدوانية.
وأضاف، أكدت المملكة على أهمية الاستمرار في اتخاذ موقف حازم في مواجهة إيران ضد محاولاتها تهديد أمن وسلامة إمدادات الطاقة، وحرية وسلامة الملاحة البحرية في الخليج العربي، سواء قامت بها إيران بشكل مباشر أو عبر أذرعها بالمنطقة، وأن ما تقوم به من ممارسات استفزازية في الخليج العربي ومضيق هرمز سوف يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية.
مبادرة السلام العربية والقضية الفلسطينية
وتابع الفهادي، تؤكد المملكة أن القضية الفلسطينية منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- هي قضيتها الأولى إلى أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، كما تؤكد مرارًا وبكل مناسبة على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، واسترجاع أرضه، وإقامة دولة فلسطين على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وأضاف، ساهمت المملكة في تقديم العديد من المبادرات لحل القضية الفلسطينية، وكان أبرزها مبادرة الملك فهد للسلام التي قدمت في مؤتمر القمة العربية الذي عقد في فاس بالمغرب عام 1982م، والتي تقوم على مبدأ الأرض مقابل السلام، والتي كانت الأساس في قيام مؤتمرات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في أوسلو، ومدريد، وكامب ديفيد، وكذلك مبادرة الملك عبدالله للسلام، والتي أقرتها القمة العربية في بيروت عام 2002م، والتي تدعو إلى انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967م، وفقاً لقراري مجلس الأمن رقم 338 و242، وإلى قبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
وأكمل الفهادي، أعلنت المملكة عن رفضها قرار الإدارة الامريكية بنقل سفارتها إلى القدس، وجددت التأكيد على أن هذه الخطوة تمثل انحيازاً كبيراً ضد حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والثابتة في القدس، والتي كفلتها القرارات الدولية ذات الصلة، وحظيت باعتراف المجتمع الدولي، وتمثل تراجعاً كبيراً في جهود الدفع بعملية السلام، كما أشادت المملكة بالمواقف الدولية الواسعة الرافضة للقرار الأمريكي، والمؤكدة على حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
وتابع، أما حول إعلان الإدارة الأمريكية عن خطتها للسلام بعنوان "رؤية السلام والازدهار ومستقبل أكثر إشراقاً"، فقد أعلنت المملكة عن تجديد تأكيدها على دعمها لكافة الجهود الرامية للوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وتقديرها للجهود التي تقوم بها الإدارة الأمريكية لتطوير خطة شاملة للسلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وتشجع البدء في مفاوضات للسلام بين الجانبين تحت رعاية الولايات المتحدة، ومعالجة أي خلافات حول أي من جوانب الخطة من خلال المفاوضات، وذلك من أجل الدفع بعملية السلام قدمًا للوصول إلى اتفاق يضمن للشعب الفلسطيني الشقيق حقوقه المشروعة.
دور المملكة في حرب اليمن
وأضاف الفهادي، بدأت الأزمة اليمنية نتيجة الاضطرابات التي شهدها اليمن في عام 2011م، والمطالبات بتنحي الرئيس علي عبدالله صالح، وعلى إثر ذلك، قدمت دول مجلس التعاون الخليجي مبادرة نقل السلطة سلمياً، وتم التوقيع على هذه المبادرة، وإقرار آلياتها التنفيذية، وفي فبراير 2012م تم انتخاب عبدربه هادي، وبدأت المرحلة الانتقالية التي انتهت باتفاق اليمنيين بمشاركة الحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني اليمني الشامل على جميع القضايا الخلافية في يناير 2014م، لكن في سبتمبر 2014م انقلبت الميليشيات الحوثية على الاتفاق اليمني، وشنت هجوماً يهدف للسيطرة على العاصمة صنعاء، رغم أن الحكومة والمكونات السياسية اليمنية قبلت باتفاق السلم والشراكة التي كانت برعاية الأمم المتحدة، والتي تهدف إلى وقف اعتداءات الميليشيات الحوثية الإرهابية واستكمال العملية السياسية، إلا أن الميليشيات الحوثية انقلبت على الاتفاق، ثم انتقل الرئيس هادي إلى عدن ودعا ميليشيات الحوثيين لوقف القتال والعودة للمفاوضات واستئناف محادثات السلام، إلا لأنها رفضت دعوته واستهدفته بالطائرات المقاتلة.
وتابع، وفي مارس 2015 طلب الرئيس الشرعي لليمن عبدربه منصور هادي تدخل المملكة ودول التحالف لإنقاذ شعب اليمن من الميليشيات الحوثية والتدخل الإيراني بموجب المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، واستجاب التحالف بقيادة المملكة لطلب الرئيس الشرعي لليمن وأطلق عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل بهدف إعادة الشرعية المغتصبة من قبل الميليشيا الحوثية الإرهابية وبما يتوافق مع قرار مجلس الأمن (2216).
وأكمل، استمر رفض الميليشيات الحوثية الإرهابية للحلول السياسية، حيث رفضت في عام 2017م مبادرة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن بشأن الحديدة لتستمر إيران في تهريب السلاح والصواريخ البالستية لاستهداف مكة المكرمة والرياض والمدن السعودية الآهلة بالسكان.
وتابع، من جانب آخر، المملكة تشارك في حرب اليمن للدفاع عن أراضيها ومواطنيها، ضد العمليات الإرهابية التي تقوم بها ميليشيا الحوثيين عبر الطائرات بدون طيار والصواريخ البالستية التي تجاوز عددها 312، واستهدفت مواقع مدنية تضمنت محطات ضخ وحقول النفط ومطارات مدنية، وشكلت هذه الهجمات تهديدًا لأمن الملاحة الجوية والبحرية وامدادات الطاقة في العالم.
وعلى إثر ذلك، ومن مبدأ التزام المملكة الإنساني والأخلاقي، أسست المملكة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عام 2015م بالتزامن مع انطلاق عمليات عاصفة الحزم، حيث تم تخصيص مليار ريال لإغاثة الشعب اليمني من المعاناة الإنسانية التي نتجت عن الانقلاب الحوثي على الشرعية. كما أسست البرنامج السعودي لتنمية اليمن، والعمل مع الحكومة اليمنية والمانحين الدوليين على التنمية في جميع المجالات التي تمس جوانب الحياة اليومية في اليمن.
وتابع الفهادي، أطلق التحالف بقيادة المملكة خطة العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن في يناير 2018م، واستمرت المملكة في دعم اليمن، حيث استضافت أول مؤتمر افتراضي للمانحين في يونيو 2020، وقدمت منذ بداية الأزمة اليمنية ما يقارب من 17 مليار دولار لمساعدة اليمن على شكل ودائع في البنك المركزي اليمني ومشاريع تنموية ومساعدات إنسانية وإغاثية.
ودعمت المملكة ومولت مشروع نزع الألغام الذي يعتبر أضخم مشروع دولي يقوم على نزع الألغام العشوائية التي زرعتها الميليشيات الحوثية والتي تقدر بأكثر من مليون لغم.
وعملت المملكة على إعادة بناء وتمكين الجيش اليمني ومؤسسات الحكومة الشرعية للقيام بمهماتها تجاه مواطنيها، وكذلك تمكينها من إعادة ترتيب مجلس النواب اليمني وتمكينه من انعقاد جلساته وترشيح رئيس المجلس بعد توقف انعقاد جلساته لمدة خمسة سنوات.
ودعمت المملكة الاقتصاد اليمني، وحافظت على العملة من الانهيار، وبذلت جهوداً في دعم القطاع الصحي في الداخل اليمني وفي الخارج لعلاج الجرحى والمصابين وتشغيل المستشفيات.
ولفت الفهادي إلى أن المملكة مع الحل السياسي السلمي للأزمة اليمنية، كما أن اتفاق الرياض يدعو إلى التفاؤل بإمكانية الوصول إلى حلول لجميع الأزمات في اليمن إذا وجدت النوايا الصادقة لدى جميع الأطراف، والمملكة طرف رئيس في أي حلول في اليمن والمنطقة، وقد أدارت الخلاف بحنكة حقنت بها دماء اليمنيين، والوصول لحل سلمي توافقي مبني على المرجعيات والمبادئ الرئيسية.
دور المجتمع الدولي في الشرق الأوسط
وأكد أن المملكة تؤكد دائماً وأبداً حرصها على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، وتجنيبها ويلات الحروب وتحقيق السلام والاستقرار والازدهار لكافة الشعوب، وأنها مع الحوار وحل المشاكل والنزاعات بالطرق السلمية، والمملكة مع كافة الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق السلام والازدهار وفقاً للمبادئ والمواثيق والقرارات الدولية، كما تدعم المملكة جهود الأمم المتحدة سواء في اليمن أو سوريا او ليبيا وغيرها لإيجاد الحلول السياسية وإنهاء الأزمات وعودة الأمن والاستقرار لشعوبهم، ومع عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. ولكنها ترى ضرورة أن تكون دعوات الحوار منسجمة مع وقف عملي للتهديدات والأعمال العدائية.
وتابع، انطلاقاً من حرص المملكة على تحقيق مقاصد ميثاق الأمم المتحدة في الحفاظ على أمن وسلامة شعوب العالم، فقد كانت وما زالت في طليعة الدول الداعمة لجعل منطقة الشرق الأوسط تنعم بالسلام وتخلو من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل. وتأسف المملكة في ذات الوقت لتخاذل المجتمع الدولي في تنفيذ التزاماته في إقامة المنطقة الخالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط وتنفيذ قرار عام 1995م وتوصيات مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي لعام 2010م.
السعودية واليابان على مستوى العلاقات الثنائية والإقليمية
وأضاف الفهادي أنه منذ أن بدأت العلاقات الدبلوماسية بين المملكة واليابان في العام 1955م، وهي شاهدة على التطور والتقدم التصاعدي في شتى المجالات، إلى أن وصلت لمرحلة الشراكة الاستراتيجية المتعددة الطبقات، وتماشياً مع السياسات والمبادئ التي رسمتها ونصت عليها الاتفاقيات الثنائية، والمباحثات والزيارات المتبادلة بين البلدين الصديقين على مستوى القادة، وعلى المستوى الوزاري.
وتابع، تعلق المملكة واليابان آمالاً كبيرة للتعاون بينهما لاستقرار إمدادات الطاقة، وسلامة الملاحة البحرية، كما تولي المملكة أهمية خاصة للتعاون مع اليابان في مجالات التكنولوجيا وتكرير النفط ومحطات الطاقة وتحلية مياه البحر والصناعة وتعزيز الاستثمار، وهناك العديد من الشراكات الثنائية على مختلف الأصعدة.
وتابع، أَضفت زيارة سيدي خادم الحرمين الشريفين وزيارة سمو سيدي ولي العهد ـ حفظهما الله ـ إلى اليابان للعلاقات بين البلدين تطوراً سريعاً ولافتاً، حيث تم خلال الزيارتين التفاهم للتعاون في مجالات عدة منها المجال الأمني، وتوسيع الشراكات ذات النفع المتبادل، وتعزيز الشراكة مع اليابان التي تمتلك تكنولوجيا متطورة تنافس معظم دول العالم، ويسعى البلدان لتوسيع التعاون خاصة مع إنشاء اللجنة المشتركة للرؤية السعودية اليابانية 2030 والتي تمت خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين لليابان.
وأضاف، على المستوى الإقليمي، تحظى اليابان بسمعة متميزة، وتتطلع المملكة للتعاون في تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وتأمل المملكة أن تساهم قوات الدفاع الذاتي اليابانية في مضيق هرمز والخليج العربي في ضمان سلامة وحماية الممرات البحرية وامدادات الطاقة.
وتثمن المملكة مواقف اليابان الصديقة مثل ترحيب حكومة اليابان بتوقيع اتفاق الرياض بين حكومة اليمن والمجلس الانتقالي، وإشادة الحكومة اليابانية بجهود الوساطة التي تبذلها حكومة المملكة العربية السعودية في تحقيق هذا الاتفاق. وللمملكة واليابان مصلحة مشتركة فيما يتعلق بالسلام واستقرار المنطقة.
وأكد الفهادي أن اليابان تعتبر شريكاً تجارياً مهماً للمملكة. ولعل آخر نتائج الشراكة الاستراتيجية بين المملكة واليابان ما أعلنت عنه شركة أرامكو السعودية ومعهد اقتصاديات الطاقة الياباني بالشراكة مع الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك" نجاح وتصدير أول شحنة من "الأمونيا الزرقاء" من المملكة إلى اليابان، حيث تم الإعلان عن تصدير 40 طناً لاستخدامها في توليد الطاقة الخالية من الكربون. وهذا الإعلان يأتي وسط توقعات متزايدة للدور الذي سيلعبه الهيدروجين في نظام الطاقة العالمي.
المعهد الياباني لبحوث الشرق الأوسط
يذكر أن المعهد الياباني لبحوث الشرق الأوسط يعتبر أقدم معهد متخصص في استشراف المعرفة والفكر (Think tank) يقدم أبحاثًا مختصة في شؤون الشرق الأوسط، وقد تم تأسيسه عام 1955م تحت مظلة وزارة الخارجية اليابانية كقسم مختص بشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واستقل المعهد عام 1956م ليحظى بدعم مستقل كمنظمة خاصة تضم مجموعة من أساتذة الجامعات والمفكرين المتخصصين في شؤون الشرق الأوسط.
وتهدف الأنشطة الأساسية للمعهد إلى تعزيز الفهم الصحيح للمنطقة وشؤونها بين الجمهور وصناع القرار الياباني، من خلال توفير المعلومات والتعليقات ذات الصلة في الوقت المناسب، واتسع الاهتمام بمنتجاته الفكرية مع تزايد الأهمية الجيوسياسية للشرق الأوسط، حيث استجاب المعهد لهذه الأهمية من خلال توسيع أنشطة البحث والنشر التي تغطي مجالات السياسة والاقتصاد والدين والثقافة والتاريخ في المنطقة، تحت إشراف مجلس المديرين التنفيذيين، و12 زميلًا باحثًا، وتصدر عنه مجلة فصلية (The Journal of Middle Eastern Studies) باللغة اليابانية.
ويقدم المعهد البحوث والدراسات والتعليقات التي تطلب من قبل الحكومة اليابانية وبالإضافة لذلك يقدم المركز دراسات مستقلة لعامة المهتمين في شؤون الشرق الأوسط بشكل شهري ويتم من خلالها مناقشة القضايا الراهنة في الشرق الأوسط مع متابعة شبه يومية للأحداث وتحليلها ونشر دراسات وقراءات للأوضاع في المنطقة.
قد يهمك ايضا :
النيابة العامة توقّع اتفاقية مع مجلس الضمان الصحي لنشر الثقافة الحقوقية
ملتقى "اسأل النيابة" يناقش "السلوك الرقمي في منصات التعليم عن بُعد"