مختصُّون يوصون بعدم تغيير قانون الحضانة للمرأة طلبًا لسلامة المحضون

أوصى محامون ومختصون في قضايا المرأة في غزة بالمحافظة على سن قانون الحضانة للمرأة المطلقة كما هو، مع إعطاء مساحة للقاضي لمده حتى سنتين إضافيتين حرصًا على سلامة وراحة المحضون، جاء ذلك في ورشة عمل عقدتها وزارة شؤون المرأة أخيرًا لمناقشة رفع سن الحضانة للمرأة المطلقة أسوة بالأرملة التي حبست نفسها لتربية أبنائها، ومنحها نفقة السكن وغيره مما يفرضه لها الشرع ويمنع عنها بفعل العادات والتقاليد الخاطئة، وكان من الحضور وكيل مساعد وزارة شؤون المرأة أميرة هارون وقاضي المحكمة العليا الشرعية سعيد أبو الجيبين، ومدير الدائرة القانونية في وزارة شؤون المرأة رندة السبتي، وعدد آخر من الحضور والمهتمين والمحامين.
وأكّد الحضور على ضرورة توعية النساء خلال توجههن للمحاكم للمطالبة بالنفقة أن تفصل مطالبها وترفعها في قضايا منفصلة، فلا تربط بين النفقة العامة ونفقة السكن لأنها ستظلم وينتقص حقها بمزج النفقات في قضية واحدة، حيث شدد أبو الجيبين على أن حق المحضون من حق الله تعالى وتدور قضية الحضانة كلها عن الشخص الأولى والأكفأ لرعاية هذا الطفل، فكثيرًا ما تُجبر الأم على حضانة طفلها إن كان رضيعًا ولا يقبل غيرها ويترتب على تركه هلاكه، بينما بعد عمر معينة يكون الأولى أن ينتقل الطفل لحضانة الرجال سواء كان فتاة أم فتى، نظرًا إلى أن وجودهم في رعاية الأب أفضل وأكثر أمانًا لهم".
من جهتها عبرت استاذة التربية في جامعة الأقصى أ.د عايدة صالح عن الشروط الواجب توافرها في الأم حتى تكون أهلاً للحضانة وأهلاً لمطالبتها بضم أطفالها إليها فترة أطول من الزمن، حيث يجب أن تكون متمتعة بالعلم والثقافة والتربية التي تؤهلها للتعامل مع أبنائها في مختلفة المراحل العمرية لهم، وقادرة على احتوائهم ورعايتهم بكفاءة عالية، بجانب القدرة المادية لإعالتهم وكفايتهم"، وهنا تجد أن الأم أقدر على حضانة أطفالها فغالبا ما يعتمد عليها الأبناء أكثر من الأب المنشغل معظم الوقت بالعمل أو بزوجة أخرى قد لا تحسن معاملتهم.
من جانبها أوصت هارون بضرورة تغيير بعض العادات غير السليمة في المجتمع والتي تمنع بعض الحقوق عن المرأة بسببها، فإن كان الشرع يضمن لها حقها في السكن المستقل في حال حضانتها لأبنائها فالأجدر بنا
تحقيق ما كفله الشرع لها لأن من  وضعه أقدر وأعلم بالنفس الإنسانية واحتياجاتها، وهو أفضل للأم من حيث بقاء أطفالها معها دون تسلط أحد عليهم، أو شعورهم برفض أحد أقاربها للبقاء معهم.
واتفق أخيرا الحضور على بقاء سن الحضانة كما هو من سبع إلى تسع سنوات للفتى ومن تسع إلى أحد عشر عاما للفتاة، على أن يسمح للقاضي بفترة سنتين إضافيتين يمددهم للمرأة الحاضنة دون منحها سن الحضانة المطلق كالأرملة، يأتي ذلك في  محاولة من الوزارة لتعديل بعض القوانين الخاصة بالنساء لتحسين الأوضاع الاجتماعية لهن وبناء على شكاوى تقدم للوزارة من السيدات المتضررات، حيث قامت سابقًا بمنح الأرملة حق الحضانة طالما لم تتزوج دون سن محدد، وفي السياق ذاته تقوم الدائرة القانونية في الوزارة من خلال برنامج محو الأمية القانونية، الذي تستهدف من خلاله توعية النساء بأمور الحضانة والنفقة والمشاهدة والميراث، وهي من أبرز الأمور التي تسبب خلافات اجتماعية بين الأسر خاصة في حال الطلاق أو فقد الزوج بالوفاة.
في ذات السياق عرض مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة مؤخراً نتائج دراسة بحثية حول " احتياجات النساء المطلقات " الخاصة بمشروع " نساء إلى الأمام " الممول من مؤسسة هنريش بول الألمانية.
وأفادت الباحثة ريما الحاج عبد أن الدراسة جاءت لما تشكله نسبة الطلاق في قطاع غزة والتي بلغت 15% من نسبة الزواج وفق إحصاءات المحاكم الشرعية، وهي نسبة لا يستهان بها في منطقة تعيش ظروفًا صعبة, ورغم تعدُّد الدراسات التي تناولت أسباب الطلاق، إلا أنه لم يسبق أن أُجريت أي دراسة في قطاع غزة تتناول مشاكل وحاجات المطلقات, لذلك تتمثل مشكلة الدراسة في محاولة معرفة أهم العوامل المؤدية إلى هضم حقوق هذه الفئة من النساء ومدى تعرضهن للعنف الأسري والاجتماعي، والتعرف على هذه الظاهرة وحجمها ومدى معاناة المرأة المطلقة منها حتى يمكن معالجاتها، وإيجاد الحلول السليمة للحد منها، وتمكين المرأة المطلقة من الحصول على حقوقها الشرعية والمدنية, كي تستطيع المشاركة بشكل أكثر فاعلية في المجالات المختلفة لتنمية المجتمع وتطوره.
وأضافت أن الدراسة رصدت أوضاع النساء المطلقات من ناحية الوضع القانوني, الوضع المالي, الوضع الاجتماعي, والوضع النفسي.
من ناحيتها، رحبت مديرة المركز الباحثة القانونية زينب الغنيمي خلال ورشة العمل بالمؤسسات والمعنيين الذين حضروا لمناقشة تلك النتائج, مشيرة إلى أن المشروع يسعى إلى دعم النساء المطلقات خصوصاً الشابات منهن وإعادة دمجهن فى المجتمع, تكوين ملتقى دائم للمطلقات، حيث يستمر في عمله في إطار برنامج من امرأة لامرأة داخل الملتقى, تعزيز ثقة النساء المطلقات في النفس وتقدير الذات, رفع الوعي القانوني لدى المطلقات لتمكينهن من حماية حقوقهن, الدفاع عن حقوق المطلقات أمام المحاكم الوطنية وحل مشاكلهن القانونية من خلال وحدة الاستشارات القانونية في المركز.
بالإضافة إلى المساعدة في رفع مستوى الوعي والمهارات العلمية والمهنية للمطلقات, وذلك بالتعاون مع المؤسسات الأهلية التي تعمل في هذا المجال لمساعدتهن في خلق فرص عمل لعدد منهن لتخفيف حدة الفقر, والمساهمة في رفع وعي الجمهور في اتجاه الإقرار بحقوق المرأة المساوية لحقوق الرجل في القضايا العائلية.