تونس ـ أسماء خليفة
كَشَفَ ديوان الأسرة والعمران البشري في تونس عن زيادة في نسبة العازبات بحوالي عشرة في المائة خلال خمس سنوات، إذ مرّت نسبتهنّ من 50 ٪ العام 2008 إلى 60 ٪ خلال العام المنقضي، وأوضح التقرير أن أكثر من مليونين وربع المليون من مجموع حوالي خمسة ملايين تونسية عازبة. وأعلَنَ التقرير أن عدد العازبات لم يتجاوز الألف
عازبة قبل حوالي عشر سنوات. وفي المقابل، ارتفعت نسبة تأخّر سن الزواج بالنسبة إلى الرجال، إذ بلغت نسبة من هم غير متزوجين من الفئة العمرية ما بين 25 و 29 سنة حوالي 80 ٪ خلال 2013.
ومن جهة أخرى، نشر موقع "إذاعة هولندا العالمية" تقريرًا عن تأخر سن الزواج للجنسين في الوطن العربي، جاء فيه أن "مستوى الظاهرة سجَّل أرقامًا قياسية"، وأن "هذه الأرقام مرشحة للارتفاع بفعل تغيّر البنية الاجتماعية، وارتفاع معدل الزواج، والأزمة الاقتصادية التي تعيشها المنطقة".
وتأتي تونس في المرتبة الأولى مغاربيًا بنسبة 60٪ تليها الجزائر بـ 50 ٪ (خمسة ملايين عازبة)، تليها المملكة المغربية بأربعة ملايين عازبة، وتأتي ليبيا في آخر الترتيب المغاربي بحوالي ثلاث مائة ألف عازبة.
وأشار تقرير "إذاعة هولندا العالمية" أيضًا إلى ارتفاع هذه النسبة في دول الخليج، إذ تأتي الإمارات في المرتبة الأولى بنسبة 70 ٪، تليها السعودية بحوالي مليون عازبة، وفي مصر يبلغ عدد العازبات ثمانية ملايين مصرية، أي ما يناهز وفقًا للتقرير حوالي 40 ٪ من مجموع الفتيات في سن الزواج، وسجلت فلسطين أقل نسبة عربيًا بحوالي 7 ٪، وترتفع هذه النسبة في لبنان لتصل إلى 85٪.
وفي رده على سؤال "العرب اليوم" المتعلق بأسباب تأخر سن الزواج لدى الجنسين في تونس أكَّد أستاذ علم الاجتماع في جامعة تونس طارق بالحاج محمد "بداية يجب اعادة توصيف هذه التسمية، والتي تطلق عليها تسمية عنوسة، وفيها ممارسة للعنف الرمزي ضد المرأة، إذ يُقال عن المرأة عانس ويقال على غير المتزوجين من الرجال "تأخر سن الزواج" في هذه التسمية ازدواجية للخطاب، فقاموس اللغة بدا وكأنه لم يتخلص من النظرة العنصرية".
وأوضح طارق بالحاج محمد ان متغيرات المجتمع هي السبب المباشر لتأخر سن الزواج للجنسين، اذ اصبحت المراة تنظر إلى الزواج كطريق وليس كرهان حياة، معلنًا "إذا رصدنا نسبة الناجحات في الباكالوريا والمرسمات في الجامعات وحاملات الشهادات الجامعية نلاحظ أسبقية للإناث، فالمسار الدراسي الناجح واعتبار العمل هو وسيلة تحقيق الذات جعل من الزواج في ذهن الفتيات ليس رهان حياة".
وشدَّد على أن "الزواج اصبح مشروعًا شخصيًا في تونس، وليس مشروعا عائليًا دليل ذلك تراجع زواج الاقارب. ثمة متغيرات جديدة دخلت على المجتمع التونسي إذ المرأة أصبح لها رأي وشروط لاختيار الزوج، منها التكافؤ الاقتصادي والتكافؤ الاجتماعي والتكافؤ الدراسي، وهذا امر لم يكن مطروحا في السابق، وكان هناك شراكة قانونية فحسب، واليوم اصبح هناك تقسيم ادوار داخل الاسرة".
وأوضح طارق بالحاج محمد ان هذه المتغيرات الجديدة اصبحت امرًا واقعًا في تونس لم ترتقِ إليه العقلية الاجتماعية "المجتمع التونسي يدّعي الحداثة من دون التنازل عن امتيازات الذكور، وبالتالي التحديث لم يكن حركة مجتمع، بل كان أمرًا واقعيًا مفروضًا".
وفي ما يتعلق بتأخر سن الزواج لدى الرجال أوضح بالحاج محمد لـ "العرب اليوم": "هناك غلاء معيشة، وارتفاع مشطّ لتكاليف الزواج، وهناك أيضًا استحالة إنفاق على أسرة في الطبقة الوسطى، فما بالك بما دون هذه الطبقة".