عمان ـ العرب اليوم
أكَّدَت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" أن ملايين النساء يعشن في فقر وفقر مدقع بسبب استفحال ظاهرة "تأنيث الفقر" والتمييز وعدم المساواة والعنف وعدم حصولهن على حاجاتهن الأساسية من صحة جيدة، وولادة آمنة، وتعليم وتوظيف، وأن تمكينهن وتحسين أوضاعهن الاقتصادية عنصران مهمان للقضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة، كما وتؤكد أن القضاء على الفقر قبل حلول العام 2015 كأحد الأهداف الإنمائية لن يتحقق ما دامت السياسات والإستراتيجيات والبرامج التي تتبعها الدول لا تعمل على تمكين النساء اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا وثقافيًا.
وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا نجد من بين كل عشر عاملات أن هنالك ثماني عاملات من كل 10 يعشن تحت خطر فقدان وظائفهن بسبب الأزمات الاقتصادية.
ويَحتَفِلُ العالم في العشرين من شباط/ فبراير من كل عام باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، بموجب الإعلان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في (26) تشرين الثاني/ نوفمبر من العام (2007)، والذي أشار إلى الحاجة لزيادة تدعيم جهود المجتمع الدولي في مجال القضاء على الفقر، وتعزيز العمالة الكاملة، والعمل اللائق والمساواة بين الجنسين وتحقيق الرفاه الاجتماعي والعدالة الاجتماعية للجميع
.
وأكَّدَ الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته في هذه المناسبة على أن الفجوة كبيرة وفي اتساع مستمر ما بين الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع وأولئك الذين ينعمون بالثراء الفاحش، ليس بين الدول فحسب ولكن بين الأشخاص داخل الدولة الواحدة أيضًا، ويجب أن يكون الهدف المشترك هو اتخاذ خطوات عملية وفعالة للقضاء على عدم المساواة باعتباره عائقًا هائلاً أمام التنمية وحفظ الكرامة الإنسانية.
وأشارت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن العدالة الاجتماعية تعني انتفاء وعدم وجود لأي ظلم و / أو قهر و / أو استغلال و / أو حرمان من الثروة أو السلطة أو من كليهما، فتغيب حالات الفقر والتهميش والإقصاء والاستبعاد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والمدني والثقافي، ويتمتع الجميع بتلك الحقوق بشكل متساوٍ من دون تمييز، ويتمتع الأفراد نساءً ورجالاً بفرص متساوية لإطلاق إبداعاتهن / إبداعاتهم وقدراتهن / قدراتهم التي من شأنها تحقيق تقدم نحو التنمية المستدامة.
وعلى مستوى الدول، تعني العدالة الاجتماعية الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي عن الدول الأخرى دون أن تكون تلك الدولة تابعة أو مستغلة من قبل دولة أخرى وهو ما يحدث عادة ما بين الدول النامية والدول المتقدمة.
وأكَّدَت الأمم المتحدة على أن العدالة الاجتماعية مبدأ أساسي من مبادئ التعايش السلمي داخل الأمم، وفي ما بينها، الذي يتحقق في ظله الازدهار، ومن ثم فعندما نعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين أو تعزيز حقوق الشعوب الأصلية والمهاجرين يكون ذلك إعلاءً منا لمبادئ العدالة الاجتماعية، وعندما نزيل الحواجز التي تواجهها الشعوب بسبب نوع الجنس أو السن أو العرق أو الانتماء الإثني، أو الدين أو الثقافة أو العجز نكون قد قطعنا شوطًا بعيدًا في النهوض بالعدالة الاجتماعية.
وتدُلُّ العدالة الاجتماعية على المساواة بين الأفراد في الحقوق والواجبات، أما نظرية رولز الشهيرة عن العدالة فتؤكد على أن اللامساواة الاقتصادية والاجتماعية يجب أن تنظم على نحو يجعلها تقدم للأفراد الأقل حظاً في المجتمع أكبر نفع ممكن من جهة، ويجعلها تتيح فى الوقت ذاته إمكان الالتحاق بالوظائف والمواقع المختلفة أمام جميع الأفراد، في إطار من المساواة المنصفة في الفرص من جهة أخرى.
وأوضحت "تضامن" أن العدالة الاجتماعية تعني فرص متساوية في التعليم والصحة والعمل وتقلد المناصب العامة، وأن تقوم هذه الفرص على مبدأ عدم التمييز بشكل عامٍّ ومبدأ عدم التمييز بين الجنسين بشكل خاص، واعتمدت منظمة العمل الدولية في العام (2008) الإعلان الخاص بالوصول إلى العولمة المنصفة من خلال العدالة الاجتماعية بعنوان "إعلان منظمة العمل الدولية بشأن العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة"، وهو مثال على مدى التزام منظومة الأمم المتحدة بالعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية. ويركز الإعلان على ضمان حصول الجميع على حصة عادلة من ثمار العولمة، مما يتأتى بتوفير فرص العمل والحماية الاجتماعية، ومن خلال الحوار الاجتماعي، وإعمال المبادئ والحقوق الأساسية.
وأكّدت "تضامن" أن لا عدالة اجتماعية يمكن أن تتحقق في ظل عدم المساواة والتمييز بين الجنسين، وأن أي تقدم يمكن إحرازه للحد من ذلك يُعَد خطوة في الاتجاه الصحيح للوصول إلى عدالة اجتماعية تعمل على دفع عملية التنمية المستدامة إلى الأمام، وأن إزالة جميع أشكال التمييز ضد النساء في التشريعات وتمكينهن سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا من خلال دعم مشاركتهن السياسية ووصولهن إلى مواقع صنع القرار، وإتاحة فرص عمل وتدريب متساوية مع الرجال، وحصولهن على أجور عمل متساوية، والقضاء على العنف ضدهن والممارسات الضارة، ووصولهن إلى الخدمات الصحية والخدمات القانونية، ستعمل جميهعا على التقدم نحو عدالة اجتماعية تخدم النساء والفئات المستضعفة والمهمشة وذوي الحاجات الخاصة.
وشدَّدَت "تضامن" أيضًا على أنه وعلى الرغم من الجهود الدولية والإقليمية والمحلية الرامية إلى مكافحة الفقر باعتباره أهم وأعظم تحدٍّ عالمي، وعلى الرغم من عدم توافر إحصاءات دقيقة تُفصِّل وتوضِّح أعداد الفقراء والفقيرات في معظم الدول، إلا أن ما توافر من أرقام لا يزال مفزعًا ومرعبًا يستوجب الوقوف مليًا وطويلاً، وإعادة النظر في بعض سياسات وبرامج القضاء على الفقر، لتأخذ في الاعتبار عوامل عدّة ومن بينها العلاقة الوطيدة ما بين عمل النساء والنمو الاقتصادي.
وأشارت "تضامن" إلى وجود مليار ومائتي فقير / فقيرة حول العالم يعيشون / يعشن على أقل من دولار واحد في اليوم، وبحسب إحصاءات العام 2010 فإن عدد الفقراء في الولايات المتحدة وصل إلى 46 مليونًا، لكن الحقيقة هي أن النساء يشكلن غالب هؤلاء الفقراء ممن يعشن في فقر مدقع، والعمل غير مدفوع الأجر حول العالم تقوم به النساء وهو ما يوازي 11 تريليون دولار، أي 50% من الناتج الإجمالي العالمي، وأن كل 77 سنتًا من أجور عمل النساء يقابله دولار للرجال، مما يُعزِّز التفاوت في الأجور وعدم المساواة ، وفي الولايات المتحدة الأميركية لن تتساوى أجور النساء والرجال قبل حلول العام 2050 حسب إحصاءات مكتب العمل.
وتُشكِّل النساء في الدول العربية ما نسبته 28% من القوى العاملة، وتقل أجورهن على المستوى العالمي بنسبة 17% عن الأجور التي يتلقاها الرجال، وفي بعض المناطق تُشكل النساء العاملات ما نسبته 70% من العمل في الزراعة ينتجن 90% من الغذاء، وإذا كانت المسافة ما بين الأرض والقمر 394.400 كيلومتر فإن النساء الجنوب أفريقيات يمشين 16 ضعف المسافة يوميًا لتأمين الحاجات المنزلية من المياه.
ولفَتَت "تضامن" أيضًا إلى دراسات وتقديرات أخرى تؤكّد أن احتمالات أن تصبح النساء المسنات فقيرات تزيد بنسبة 70% على الرجال المسنينُ، وتشكل الطفلات ثلثي الأطفال المحرمين من التعليم الابتدائي، و75% من 876 مليون أمي حول العالم هم من النساء، وأن النساء يشكلن 70% من فقراء العالم، وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا نجد من بين كل عشر عاملات أن هنالك ثماني عاملات من كل 10 يعشن تحت خطر فقدان وظائفهن بسبب الأزمات الاقتصادية، وبسبب الفقر وعدم وجود عناية طبية أو تغذية تموت امرأة واحدة أثناء الولادة كل دقيقة، وأن 7 من كل 10 جياع هم من النساء والفتيات.
أما في الأردن فقد أظهرت دراسة "فقر المرأة في الأردن – الخصائص والعمليات المولدة له"، والتي أجريت العام 2009 من قِبل اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة والهيئة التنسيقية للتكافل الاجتماعي، أن 62% من النساء الفقيرات هن من الأرامل، وأن 96% منهن لم يتلقّيْن التعليم العالي، وبلغت نسبة الأسر الفقيرة التي ترأسها نساء بسبب وفاة المعيل 30.5% وبسبب غيابه 14.1%.
وأشارت الدراسة الى أن دخل الأسرة الفقيرة في الأردن لا يتجاوز 114.7 دينار شهريًا، وأن 84.7% من الأسر تعتمد اعتمادًا كليًا على المعونة الوطنية.
وأكَّدَت "تضامن" أن ملايين النساء يعشن في فقر وفقر مدقع بسبب استفحال ظاهرة "تأنيث الفقر" والتمييز وعدم المساواة والعنف وعدم حصولهن على حاجاتهن الأساسية من صحة جيدة، وولادة آمنة، وتعليم وتوظيف، وأن تمكينهن وتحسين أوضاعهن الاقتصادية عنصران مهمان للقضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة، كما وتؤكد أن القضاء على الفقر قبل حلول العام 2015 كأحد الأهداف الإنمائية لن يتحقق ما دامت السياسات والإستراتيجيات والبرامج التي تتبعها الدول لا تعمل على تمكين النساء اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا وثقافيًا.
وطالَبَت "تضامن" بضرورة زيادة الوعي بأهمية التضامن الإنساني وتشيجع المبادرات الخلاقة التي تهدف للقضاء على الفقر، وبمكافحة الفساد الذي زاد من أعداد الفقراء / الفقيرات.