واشنطن ـ رولا عيسى
انتخب المجلس الانتقالي الإثنين، كاترين سامبا بانزا رئيسة مؤقَّتة جديدة لجمهورية أفريقيا الوسطى، خلفًا للرَّئيس دجوتوديا. فيما أعلن وزراء خارجيَّة الاتِّحاد الأوروبي موافقتهم بالإجماع على عمليَّة عسكريَّة في هذا البلد لدعم القوَّات الفرنسيَّة والأفريقيَّة. وفور انتخابها، دعت الرئيسة الجديدة إلى "نبذ العنف" و"التخلي عن السلاح". وتحصلت رئيسة بلدية بانغي السابقة في الدورة الثانية من الانتخابات على 75 صوتا مقابل 53 لمنافسها المباشر ديزيريه كولينغبا (ابن الرئيس السابق كولينغبا). وشارك في الدورة الأولى من هذه العملية الانتخابية 6 مسئولين سياسيين آخرين، من بينهم إميل غرو ريدموند نكومبو، وهو مصرفي مقرب من الرئيس السابق، وسيلفيان
بتاسي وهو ابن الرئيس السابق أنج فليكس بتاسي الذي حكم البلاد بين عامي 1993 و2003، إضافة إلى مرشحين آخرين غير معروفين على الساحة الدولية.
وفور الإعلان عن النتيجة النهائية، أعرب أعضاء المجلس الوطني الانتقالي عن فرحتهم بمرور العملية دون مشاكل، فيما قاموا بعد ذلك بتأدية النشيد الوطني لأفريقيا الوسطى.
وأكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الذي يقوم بزيارة إلى هولندا، أن "فرنسا ستقف بجانب الرئيسة المؤقتة الجديدة وستقدم لها يد العون في مهماتها الصعبة"، مضيفا أن "على كاترين سامبا بانزا أن تعيد الأمل لشعب أفريقيا الوسطى وتفتح صفحة جديدة ترتكز على المصالحة الوطنية ثم تنظيم انتخابات ديمقراطية ونزيهة في المستقبل القريب".
وأمام الرئيسة الانتقالية الجديدة تحديات صعبة، أبرزها إرساء السلم والاستقرار في البلاد وإنهاء العنف الذي نشب بين مليشيات تابعة لـ "سيليكا" الموالية للرئيس السابق دجوتدويا، الذي غادر منذ 10 كانون الثاني/ يناير البلاد، من أجل العيش في المنفى بالبنين ومليشيات "أنتي بلاكا" المناصرة للرئيس المخلوع الثاني فرانسوا بوزيزي الذي فقد السلطة في آذار/ مارس 2013 إثر انقلاب عسكري.
ودرست كاترين سامبا بانزا الحقوق في فرنسا. وبعد عودتها إلى بلادها، كرست حياتها لمحاربة الرشوة والفساد حسب جريدة " لا كروا" المسيحية، ثم أنشأت بعد ذلك شركة متخصصة في التأمين، فضلا عن نضالها من أجل نيل النساء حقوقهن ولكي تحتل مراكز إدارية وسياسية عالية.
ويرى موفد إذاعة "فرنسا الدولية" دافيد تمسون إلى بانغي أن "من بين العوامل التي ساعدت كاترين سامبا بانزا على الفوز برئاسة أفريقيا الوسطى، هي الخبرة التي اكتسبتها من خلال تسيير شؤون بلدية بانغي منذ انتخابها عمدة لهذه المدينة في 2013 وموقفها الحيادي إزاء الصراعات العرقية والسياسية التي تشهدها البلاد منذ أعوام.
وفي خطاب أمام أعضاء المجلس الانتقالي، حثت الرئيسة المؤقتة الجديدة جميع المتورطين في العنف إلى ترك "السلاح جانبا وتغليب لغة الحوار".
وتزامن تنظيم الانتخابات مع موافقة دول الاتحاد الأوروبي بالإجماع على عملية عسكرية في جمهورية أفريقيا الوسطى لمساعدة القوات الفرنسية المتواجدة هناك منذ نهاية العام الماضي في إطار ما يسمى بعملية "سنغاريس".
ويذكر أن فرنسا أرسلت في هذا الإطار 1600 عسكري يتواجد معظمهم في العاصمة بانغي بهدف الحفاظ على الأمن وحماية الجالية الفرنسية المتواجدة هناك و منع وقوع مواجهات مسلحة بين المليشيات المسيحية والمسلمة.
وأرسلت دول أفريقية غالبيتها من تشاد قرابة 4000 جندي. وتسعى سنغاريس والقوات الأفريقية، إلى الحفاظ على الأمن والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى النازحين، خصوصا أولئك المتواجدين قرب مطار بانغي.
وقد يبلغ عدد الجنود الأوروبيين الذين سيرسلون إلى بانغي قرابة 500 عنصر. هدفهم مساعدة القوات الأفريقية والفرنسية المنتشرة في البلاد.
تعيش جمهورية أفريقيا الوسطى منذ عدة شهور أعمال عنف خطيرة أدت إلى مقتل حوالي 1000 شخص وتهجير عشرات الآلاف من العائلات التي تركت منازلها للاستقرار في مخيمات تديرها منظمات إغاثة دولية.
ورغم القمة التي جمعت عددا من زعماء دول وسط أفريقيا انعقد في العاصمة التشادية نجامينا في 10 كانون الثاني/ يناير 2014 بهدف إنهاء العنف الذي يتخبط فيه هذا البلد الأفريقي الفقير والعودة إلى المسار السياسي، إلا أن الوضع على الميدان لا يزال محفوفا بالمخاطر وسط غياب الإدارة وانهيار المؤسسات السياسية والاقتصادية.