المساواة بين الجنسين في تونس

صادق المجلس الوطني التّأسيسي الخميس على المقترح التعديلي للفصل 45 من الدّستور الجديد المتعلّق بالمساواة بين الجنسين. وجاءت نتائج التصويت، 116 صوتا لفائدة المقترح مقابل 40 صوتا رافضا واحتفظ 32 نائبا بصوته. وبهذا التعديل أصبح الفصل 45 المقترح عرضه على الجلسة العامة للتصويت ينص على التالي "تلتزم الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها.
وتضمن الدولة تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمّل مختلف المسؤوليات وفي المجالات كافة. وتسعى الدولة إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة. وتتخذ التدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضد المرأة".
ومن المنتظر أن تتم المصادقة على هذا الفصل بالأغلبية خلال الجلسة العامة وبذلك يصبح للتونسيّة سندا دستوريّا يعزز مكانتها بالإضافة إلى مجلة الأحوال الشخصيّة التي تمّ إصدارها في 13 آب/أغسطس 1956 والتي تمثل قاعدة قانونيّة ضامنة لحقوق النساء.
وكان عدد التونسيات لا يتجاوز مليوني امرأة ما بعد الاستقلال ليتجاوز عددهنّ اليوم الخمسة ملايين امرأة من المجموع العام لعدد السكان المقدر بقرابة  عشرة مليون شخص أي ما يقارب نصف عدد السكان. وتجاوز نسبة النمو السنوي للإناث في تونس الواحد في المائة متقدمة في ذلك على نسبة نمو الذكور وفقا لإحصاءات المعهد الوطني للإحصاء.
كما تشير الأرقام التي حصلت عليها "العرب اليوم" إلى أن نصف مجموع النساء في تونس متزوجات وقرابة 40٪ منهنّ عزباوات وقرابة 1.2٪ مطلقات والنسبة المتبقية أرامل.
وصحّيّا تتطور مؤشر الحياة بعد الولادة لدى النساء التونسيات من قرابة خمسين عاماَ بعد الاستقلال إلى 76 عاماً العام 2008. كما تراجع المؤشر التأليفي للخصوبة لدى المرأة في تونس من سبعة أطفال منتصف الستينات إلى طفلين فقط وفقا لإحصاءات حديثة وتقارب نسبة الولادات تحت الرعاية الطبّية المائة في المائة في أغلب المحافظات.
وشهد المستوى التعليمي للتونسيات تطورا مهمّا إذ تراجعت نسبة الأميّات إلى 28 ٪ وتتجاوز نسبة المتعلّمات ال 70٪. وتتساوى بحسب الأرقام الرسميّة نسبة الفتيات والفتيان المرسمين في المدارس في الوسطين الحضري والريفي.
وارتفع عدد الطالبات في الجامعات التونسية لتصل نسبتهنّ قرابة 60 ٪ متفوقات في ذلك على نسبة الطلبة الذكور وتقدّر نسبة خرّيجات الجامعة سنويا ب61.3 ٪. كما ارتفعت نسبة خريجات الهندسة لتفوق نسبة 40 ٪ بعد كانت في حدود 30 ٪ قبل ثمانية أعوام، كما فاقت نسبتهنّ الثلثين في الدكتوراه في الطب والصيدلة.
كما تمثل الفتيات حوالي نصف خرّيجي اختصاص علوم الاعلامية والاتصالات والملتميديا وحوالي ثلث خرّيجي الصناعات التحويليّة وصناعات المعالجة وأكثر من ثلاثة أرباع خرّيجي علوم الحياة.
واقتصاديّا تمثّل المرأة 27 ٪ من مجموع السكان الناشطين ووفقا للإحصاءات تضاعف عدد النساء النشطات خمس عشرة مرة منذ الاستقلال. وتمثل نسبة العاملات 26 ٪ من مجموع العاملين. وتتواجد أغلبهنّ في قطاعات الصحة والخدمات الإداريّة والنسيج والملابس والأحذية وتعد هذه القطاعات محتكرة من قبل التونسيات. كما تشتغل نساء تونس في قطاعات الزراعة والصيد البحري (18٪) والصناعات الميكانيكيّة والكهربائية. وتمثل نسبتهنّ في قطاعي الميكانيك والكهرباء ستة أضعاف نسبة الرجال.
ويهيمن الرجال في تونس على قطاعات البناء والأعمال العامة وقطاع الزراعة والصيد البحري وقطاع المناجم والطاقة.
وسجّل الإحصاءات الرسميّة تراجعا في نسبة الأجيرات وذلك لصالح المشتغلات لحسابهنّ الخاص. وتبلغ نسبة المعطّلات عن العمل 36 ٪ وتتجاوز نسبة المعطّلات ذوات المستوى الجامعي نسبة الذكور لتصل إلى نصف المعطّلين.
وسياسيّا ارتفعت نسبة حضور المرأة في البرلمان ما بعد الاستقلال لتصل 27.5 ٪ في نهاية حكم بن علي وبإقرار مبدأ التناصف في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي خصص قرابة ثلث مقاعد المجلس للنساء.
وظيفيّا تمثّل النساء أكثر من 40 ٪ في قطاع المحاماة و 30 ٪ في السلك القضائي و31٪ في سلك عدول الاشهاد. كما تحتل المرأة مرتبة متقدمة في مواقع القرار والمسؤولية في الوظيفة العموميّة بلغت 25.5 ٪ من مجموع حاملي الخطط الوظيفية. وتبلغ نسبة المدرّسات في مؤسسات التعليم العالي 44.3 ٪ وتتجاوز في التعليم الأساسي والثانوي نصف المدرسين.
وفي المجال الجمعياتي تحتل المرأة نسب متقدمة في تسيير الجمعيات وفي الانخراط في المنظمات والجمعيات.
وتضاعفت المخاوف في تونس من تراجع مكاسب المرأة في تونس ما بعد صعود الإسلاميين للحكم فتم تنظيم مسيرات وتحركات للمنظمات النسويّة وفي مقدمتها جمعية النساء الديمقراطيات من أجل الدفاع من مكتسبات المرأة والدعوة إلى دسترتها وكان آخرها تظاهرة 13 آب/أغسطس الماضي بمناسبة الاحتفال بذكرى صدور مجلة الأحوال الشخصية. قد شهدت هذه التظاهرة حضور نسائي كبير مسنودا بحضور رجالي مماثل وبتمثيليات كبيرة لناشطي المجتمع المدني.
حريّة النساء في تونس معركة قادها الطاهر الحدّاد في كتابه "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" الذي لعنه بسببها المجتمع ورفضوا تشييع جنازته واستكملها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الذي فجع المجتمع التونسي الخارج لتوّه من الاستقلال بإصدار مجلّة الأحوال الشخصية والتي تضمنت أغلب ما جاء في كتاب الحداد وشارك في صياغتها زيتونيون. ومثّلت المرأة في تونس لقرابة نصف قرن ورقة سياسيّة لنظام بورقيبة ثمّ نظام بن علي ورغم ذلك ظلّت حقوق المرأة مكسبا للمجتمع تغنّى به شعراء منهم شاعر تونس الصغير أولاد أحمد الذي كتب"
كتبتُ،
كتبتُ..
فلم يبق حرفُ.
وصفتُ،
وصفتُ..
فلم يبق وصفُ
أقولُ، إذا،
باختصار ٍ وأمضي:
نســاءُ بـلادي
نســـاءٌ..
ونصفُ