مراكش- ثورية إيشرم
أثبتتْ المرأة في مدينة مراكش، أنها رائدة في مجالات متعددة، ومتميزة في مجال اختصاصها، حيث كشفت عن قدرتها على خوض غمار الإبداع والسياسة والثقافة وغيرها، ووضح أثرها من خلال أعمالها وأنشطتها في المدينة الحمراء، لذا تسلط "العرب اليوم" الضوء عليها، وعلى إسهاماتها التي تركت بصمات واضحة في مختلف المجالات في العام
2013.
البداية مع رئيسة جمعية سيدات الأعمال في مراكش، زبيدة البستاني، والتي لم تدخل مجال الأعمال من باب الصدفة، بل تأهلت له من خلال دراستها المعمقة، وحصولها على دكتوراه في قانون الأعمال، وتجربتها الميدانية التي فاقت عشر سنوات في مجال المالية والتدبير.
ونشأت زبيدة، في أسرة نهلت من العلوم القانونية، فوالدها كان قاضيًا، فسارت على دربه، بعد رجوعها إلى أرض الوطن، واستقرت في مدينة مراكش، فدخلت القفص الذهبي، فهي أم لطفلين.
وأدركت البستاني، بعد انخراطها في سوق العمل، صعوبة عملية تأسيس شركة، والعقبات التي تواجه كل مؤسس، ولكنها أصرت على تأسيس شركتها، ونظرًا إلى انفتاح مراكش على الاستثمار الأجنبي، توجهت البستاني بمقترحاتها إلى الراغبين في الاستثمار، بتقديم كل المعلومات الضرورية القانونية.
وبعد جلب عدد لا بأس به من الأجانب، توجهت إلى فئة النساء المقاولات، وبمساعدتهن استطاعت تأسيس شركات عدة، ثم انخرطن في جمعية أطلق عليها جمعية "سيدات الأعمال".
ولم يتوقف حلم زبيدة، بل توجهت إلى فئة أخرى من المجتمع المراكشي، وهم الشباب، فجعلت من جمعيتها إطارًا لمساعدة الخريجين من المعاهد والكليات للانخراط في سوق العمل، وذلك من خلال إعادة تكوينهم، لاسيما في المجال السياحي، باعتباره عصب الاقتصاد المراكشي، وتمكنت الجمعية من إدماج حوالي 1000 شاب في سوق العمل من الجنسين.
أما المستشارة في الصحة بالوسائل الطبيعية، في مراكش، خديجة جوان، أثار اهتمامها الطب البديل، أو طب الأعشاب، وهي لا تزال طالبة في جامعة "السربون" في باريس، وكانت تحضر محاضراته كحب استطلاع، رغم دراستها للمحاسبة القانونية، وبعد تخرجها ونيلها للشهادة عادت إلى أرض مراكش، وبسبب معاناتها مع المرض اضطرت خديجة إلى أن تهتم بالطب البديل، ولاسيما بعد ما فشلت في علاج نفسها بواسطة الأدوية الكيميائية، ما دفعها إلى العودة إلى باريس، للتعمق في دراسة طب الأعشاب، لتحصل على دبلوم في الصحة في المواد الطبيعية، ما أهلها إلى فتح عيادة في مراكش من أجل استقبال مرضاها ومساعدتهم على علاج أنفسهم بأنفسهم.
وأكَّدت خديجة جوان، أن "الطبيب يعالج المريض، وأنا أساعد المريض على أن يُعالج نفسه بنفسه، وأصاحبه إلى أن يصل إلى بر الأمان، وهنا تصبح المسؤولية للمريض تجاه مرضه، حيث يجب أن يكون المريض مستعدًا نفسيًّا للشفاء، إذا أراد ان يُشفى؛ لان كل الأمراض العضوية هي ناتجة عن أمراض نفسية."
وتعتبر خديجة جوان، عضوًا مؤسسًا لجمعية "بيو"، التي تعمل على تدعيم الثقافة الغذائية، في المجتمع المراكشي والمغربي، بصفة عامة، كما أنها تعتبر أولادها أول حقل تجارب لأدويتها الطبيعية.
الدكتورة عائشة حجامي، ثاني امرأة تلقي درسًا دينيًّا في حضرة الملك محمد السادس، بعد الدكتورة رجاء مكاوي، ضمن سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية، وفي هذا الشأن أكَّدت حجامي، أنها "لن تنسى ذلك اليوم، رغم أنها ألقت درسها بنوع من الاطمئنان، إلا أنها شعرت بنوع من الرهبة؛ لأن المجمع ليس مجمعًا يستهان به، إذ يترأسه جلالة الملك مرفوقًا بعلماء وباحثين أجلاء".
وكانت تعمل الدكتورة حجامي أستاذ محاضر في كلية الحقوق في مراكش، وحصلت على المغادرة الطوعية حاليًا، وتفرغت لبرامج البحث والتكوين، وأوضحت في هذا الشأن، أنها "تعمل مع مجموعة من مراكز البحث في المغرب، وبلجيكا، وإيطاليا، والنرويج، بشأن قضايا المرأة والإسلام بصفة عامة، والمرجعية الدينية، وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى انشغالها بدراسة ميدانية بشأن تطبيق مدونة الأسرة"، مشيرة إلى أنها "أشرفت على هذا البحث الذي صدر على شكل كتاب".
وتابعت حجامي، أنه "في ما يتعلق بالاجتهاد في المسألة النسائية، لابد من أن يأخذ هذا الاجتهاد بالمسألة العلمية، ليفتح الآفاق أمام إمكانية إعادة النظر في كثير من الأحكام الاجتهادية التي جاءت مجحفة من بعض المجتهدين في حق المرأة، وبعيدة عن المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية"، مؤكدة أنه "في حالة تجاوز ذلك فإن الكثير من الأمور المتعلقة بالمرأة ستعود إلى نصابها".
الدكتورة شادية بناني، طبيبة تجميل، والمندوبة الوحيدة لمختبر طبي فرنسي، والتي التحقت للعمل في مكتب السفارة المغربية في باريس، ككاتبة موازاة، ومع ذلك كانت تدرس التجميل، في إحدى المعاهد الكبرى في باريس، وبعد حصولها على الدبلوم ، التحقت بمعهد التجارة والتجميل ومعالجة الجلد.
وبعد سنتين من التعليم، حصلت شادية بناني، على دبلوم أهَّلها للعمل في إحدى المختبرات الطبية في فرنسا لمدة 10 سنوات، وقامت شادية بتكوين أطباء فرنسيين على كيفية استخدام الدواء الوحيد، الذي يساعد على معالجة وانتعاش البشرة "بيلينغ".
وبعدها قررت شادية العودة إلى أرض المغرب، والاستقرار في مدينة مراكش، واختارت تلك المدينة؛ لأن الشمس لا تغيب عنها طوال السنة، ما له انعكاسات سلبية على البشرة، وتعمل شادية على معالجة الجلد، بطريقة حديثة، تعد الطريقة الوحيدة في المغرب، ما ساهم بشكل كبير في إنعاش اقتصاد مراكش في هذا الجانب لأنها كانت تلقى إقبالًا كبيرًا من الجمهور داخل وخارج مراكش، كما أنها قامت بتشغيل يد عاملة هائلة معها في المدينة، وهذا ما خوَّل لها أن تصبح المندوبة الوحيدة في المغرب لمختبر طبي فرنسي.
أما المرأة المغربية الوحيدة الحاصلة على جائزة من المركز الفرنسي للأبحاث، فهي زكية المريني، والتي نشأت في أسرة مناضلة ضمن الحركة الوطنية، وتشبعت بروح التشارك، والاهتمام، والشأن العام، وحقوق الإنسان.
وبعد تخرجها من كلية العلوم في الرباط، توجهت إلى فرنسا، فحصلت على شهادة الدكتوراه، وأتاحت لها دراستها في فرنسا التعرف على المجتمع الفرنسي، وعلى ثقافته المتنوعة، ما أدى إلى تشبعها بروح العمل الجماعي، والدور الذي يلعبه المجتمع المدني، في تطوير المجتمع وحقوقه، فكانت لها صلات مع منظمات أجنبية كثيرة .
وحصلت المريني على شهادة الدكتوراة، وحازت على جائزة من المركز الفرنسي للأبحاث، وهي من الجوائز، التي نادرًا ما تُقدَّم للباحثين، وسمح لها هذا التفوق المعرفي بفتح مختبر في كلية العلوم، في مدينة مراكش، التي اختارتها للاستقرار، وقامت بتدريب مجموعة من الطلبة، الذين تخرجوا لاحقًا وصاروا أستاذة جامعيين أفادوا جمعيات مغربية مختلفة.
وهي تعيش هذا التطور والنقلة النوعية في حياتها، وتنتقل بين محطة وأخرى، كان لابد وأن تواجه عراقيل كثيرة، نظرًا إلى كونها امرأة لا تملك الحقوق ذاتها التي يمتلكها الرجل، وتلك العراقيل التي تواجه المرأة في المجتمع المغربي كانت ترفضها زكية المريني، بل تدفعها إلى بذل جهدًا مضاعفًا؛ لمحاربة كل أشكال التمييز ضد المرأة، ما كان سببًا كبيرًا لتأسيس جمعية "النخيل للمرأة والطفل"، التي تترأسها، والتي من أهدافها الرفع من وعي المرأة المغربية، وتغيير نمط حياتها اليومي، والتي حققت نجاحات كثيرة في مدينة مراكش، بل في أنحاء الوطن كافة.