القاضية كونستانس بريسكو

شهدت ساحة القضاء البريطاني فضيحة مدوية، حديثًا، أطاحت بالقاضية كونستانس بريسكو، بعد إقدام لجنة من المحلفين على إدانتها بتهمة تحريف مجرى سير العدالة في قضية أودت بالمستقبل السياسي لوزير الطاقة والتغير المناخي السابق كريس هوهن، والإدانة تلك ستعرضها لأحكام بالسجن، وتنهي حياتها المهنية كأول قاضية سمراء في محاكم التاج البريطاني.
وتطرح القضية تساؤلات عن مدى صحة اتهامات والدتها لها بالكذب، وتزوير الوثائق كوسيلة لصعودها في مجال القانون، وما قد يترتب على هذا الأمر من أعباء هائلة على القضاء البريطاني في حال المطالبة بمراجعة الأحكام الصادرة عنها طوال 29 عاماً قضتها في الخدمة.
وأشارت تقارير إعلامية بريطانية إلى أن بريسكو المدانة بالكذب على ضباط الشرطة في قضية تتعلق بمقايضة نقاط السرعة بين الوزير هوهن وزوجته، قد تكون القاضية الأولى في الذاكرة الحية التي تسجن في بريطانيا.
واستند قرار الإدانة إلى 3 تهم تتمثل في الكذب على الشرطة بشأن صداقتها لزوجة الوزير فيكي برايس، والكذب بشأن دورها في فضح القضية للصحافيين، وتبديل تصريحاتها والتلاعب بالوثائق للتغطية على خداعها.
وقال الوزير السابق هوهن،ؤالذي انتهت حياته السياسية بسببها عنها "كونستانس بريسكو كشفت عن أنها مصابة باضطراب الكذب القهري"، مؤكداً أن كل قاض تحدث إليه خلال محنته التي دامت 3 سنوات، أفاد بأن "بريسكو مجنونة وسيئة وخطيرة، لكن مجلس نقابة المحامين والنيابة العامة والقضاء استمروا في تكليفها بمسؤوليات تتعلق بأرواح الناس".
وكانت بريطانيا احتفت بالقاضية بريسكو كنموذج للسود في بريطانيا وكبطلة لضحايا العنف بعد تأليفها كتاباً حقق أعلى مبيعات في بريطانيا عام 2008 يتحدث عن طفولتها غير السعيدة وتعرضها لمعاملة سيئة جسدية وعاطفية على يد والدتها، التي نفت الاتهامات، مشيرة إلى أن ابنتها مضطربة ومصابة بمتلازمة الكذب القهري.
وكانت كتبت رسالة إلى مجلس نقابة المحامين في عام 1999 تقول فيها إن ابنتها غير مؤهلة لممارسة المحاماة، ويجب أن تحظر من المهنة بسبب تزوير تواقيع ومعلومات تتعلق بوثيقة رسمية، لكن مجلس نقابة المحامين رفض اتخاذ أي إجراء حينها، قائلاً إن الموضوع يتعلق بـ"خلاف عائلي".
وأكدت والدتها "ابنتي كذابة من الطراز الأول، وانا أدرى بحيلها، والصدمة بما فعلته ابنتي بي جعلني أفقد نظري".
وكارمن بريسكو ميتشيل البالغة من العمر 80 عاماً خسرت القضية التي رفعتها ضد ابنتها، وعزت ذلك إلى حدوث تلاعب في الوثائق علاوة على مركز ابنتها النافذ في القضاء. والآن بعد إدانة ابنتها تأمل الوالدة في إعادة النظر في القضية مجدداً.
وفيما قبلت سكوتلاند يارد بالتحقيق في قضية تلاعب القاضية بالأدلة المتعلقة بقضية التشهير بوالدتها، أفادت النيابة العامة، من جهتها، أنها لن تعمل على مراجعة أي قضية بشأن احتمال انتقاص في العدالة خلال مهنة بريسكو التي دامت 29 عاماً، حتى مع مطالبة هوهن الذي سجن مع زوجته السابقة فيكي برايس بسببها.
وتبين في قضية الوزير السابق، أن جارة هوهن القاضية بريسكو بنت صداقة مع زوجته فيكي برايس في الفترة التي أدين فيها، وأنه خلال شهر آيار/ مايو 2011، أي في الفترة التي تصاعدت القضية ضد هوهن، اتصلت بزوجته فيكي ما يصل إلى 221 مرة.
وفي مكالمة مسجلة بين هوهن وزوجته السابقة، يشتبه الوزير السابق في أن بريسكو وراء التسريبات إلى وسائل الإعلام، حيث يقول "الشخص الوحيد المعتوه بما يكفي للذهاب في هذا النوع من الثأر هو كونستانس". وبناء على ذلك، من المتوقع أن يثير إعلان النيابة العامة التابعة للتاج البريطاني بعدم وجود خطط للنظر مجدداً في قضايا أصدرت القاضية بريسكو أحكاماً فيها، خلافاً قانونياً في بريطانيا.